حوارات

زعيم المعارضة في البرلمان القيادي بالشعبي د. "إسماعيل حسين" لـ (المجهر) (2 – 2)

في الجزء الثاني والأخير من حوارنا الاستثنائي معه، حدثنا زعيم المعارضة بالمجلس الوطني، القيادي بالمؤتمر الشعبي د. “إسماعيل حسين” عن كواليس ما يدور في أروقة البرلمان. وأفصح لنا عن خفايا تقرير المراجع العام من اختلاسات بجانب مدى قبوله لأداء البرلمان وأدائه هو شخصياً مع خواتيم عمر البرلمان، وجملة من الإفادات الجريئة التي تطالعونها في ثنايا الحوار ..

} كممثل لحزب المؤتمر الشعبي وزعيم المعارضة في البرلمان وبعضوية من نواب حزبك لا تزيد عن خمسة أعضاء قمت بترشيح نفسك لرئاسة البرلمان “مرتين الأولى كمنافس لرئيس البرلمان السابق “أحمد إبراهيم الطاهر” والثانية أمام د. “الفاتح عز الدين” هل كانت مجرد مناكفة رغم توقعاتك بالهزيمة؟
-لم تكن مناكفة أو مناورة سياسية كانت حقيقة فنحن نمارس حقنا الديمقراطي ليست القضية قضية أن عددنا ضعيف أمام نواب المؤتمر الوطني، إنما نحن نحسب أننا جديرون كل الجدارة بقيادة البرلمان في اطاره الدستوري ومن منطلق قناعنا بذلك.
} لكن النتيجة كانت متوقعة ؟
-لا يهم نحن نريد إثبات موقفنا للتاريخ هذا شيء طبيعي في الأعراف البرلمانية. نحن موجودون وجئنا بتفويض من الشعب للتعبير عن إرادته.
} إذن كيف تقيم أداء رئيس البرلمان السابق مولانا “الطاهر” وهل ترى أن رئيس البرلمان الحالي د. “الفاتح” تجربته كافية لقيادة المجلس الوطني؟
-حقيقة كمنهج حياة لا أقف كثيراً عند الأشخاص فحركة التاريخ تصنعها الشعوب وتحركها مهما عظم الأفراد وشانهم وملكوا من قدرات ستظل حركة التاريخ موصولة بحركة الشعوب. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى المهم ليس رئيس البرلمان المهم البرلمان نفسه ودوره ما إذا كان حقيقياً أم لا ومدى مقدرته على محاسبة الوزراء وسحب الثقة منهم مقارنة بكثير من البرلمانات الأخرى في العالم. معروف أن دور رئيس البرلمان إدارة الجلسات وتوزيع الفرص بعدالة بين الكتل وطرح الموضوع محل النقاش وإعلان نتيجة التصويت لأنه مثله مثل كل النواب لا يميزه شيء غير أنه وضعت فيه الثقة لإدارة الجلسات، فأنا لا أعول كثيراً على رئيس البرلمان السابق أو اللاحق لأن البرلمان نفسه دوره مهمش وضئيل، وأعتقد أن هذا النظام لديه ولهٌ كبير بالعناوين والصفات البراقة لكن عندما تأتي للعمق لا تجد شيئاً وراء ذلك لأن صنيعة النظام تفرغ المؤسسات من محتواها وأصبح مجرد هياكل وأشكال صورية للمحافظة على شكل الدولة حتى يقال جهاز تشريعي وقضائي ورقابي لكنهم في الحقيقة كلهم “تُبََّع” للجهاز التنفيذي يفعل بهم ما يشاء.

} لكنكم أعضاء في البرلمان والأمر الواقع جعلكم جزءاً من نواب المؤتمر الوطني بتمريركم لبعض القوانين دون اعتراض؟

– ليس صحيحاً. نحن كمعارضة نحكم ضميرنا في اتجاه المصلحة العامة ونراعي الله، ما نراه صواباً لا نتردد ونصرح به، كما نبدي بالمقابل اعتراضنا على القضايا التي نراها خاطئة، وفي الجانب الآخر ما يتاح لنا من فرص ضيقة جداً لا تمكننا من التعبير فهنا لا يسمح للرأي المعارض بأخذ مداه الحقيقي رغم أنها معارضة بالفكر وليس بالسنان وأحياناً يتم قطع حديثي منذ بدايته أو ثلثه ولا تتاح الفرصة لقول كل ما أريده .

} ما دمتم غير راضين لماذا تستمرون في عضوية البرلمان أليس الأفضل الانسحاب؟

-أصلاً لم ندخل البرلمان كأعضاء معارضة بطوعنا، جئنا بإرادة الحزب كأبناء لولايات متأزمة بسبب الحرب من جنوب دارفور ولو ترك لنا الأمر ما كنا شاركنا ونحن نحمل وزراً من زينة القوم وأوزارهم ولو كان بطوعنا ما كنا بقينا فيه.

} أخبرنا كيف جئت بقرار من الحزب؟

-جئت بعد الانتخاب من الولاية وكنت على رأس القائمة الحزبية للمؤتمر الشعبي لذلك نلت المقعد في البرلمان بهذه الصفة، وبعد التزوير الذي تم في الانتخابات انسحب الحزب وقرر استثناء المناطق المتأزمة لأوضاعها الاستثنائية كدارفور، النيل الأزرق وجنوب كردفان والجنوب آنذاك لحاجتنا لتحقيق السلام فيها. لصرف النظر عما يصيب حزبنا من مضايقات نتجاوز أي أذى من النظام في سبيل السلام وكل ذلك ينطبق على القائمة النسوية من عضوية الحزب.

} إذا طلبنا منك تقييم أداء البرلمان ماذا تقول؟

-طبيعة تكوين البرلمان والظروف التي جاء فيها عبر الانتخابات والنظام السياسي وما حدث من تزوير وتبديل أدت إلى نشوء برلمان مشوه ويكاد يكون مشلولاً فاقد للإرادة لا نستغرب إذا لم يبادر منذ إنشائه بأي مبادرة تشريعية واحدة لأنه متلق من الجهاز التنفيذي وهو أحياناً يحدث ضوضاء وجلبة في بعض القضايا وسرعان ما تتبدد وقد صار عاجزاً عن أداء دوره الطبيعي في مراقبة الجهاز التنفيذي وحجب الثقة عن الوزراء في حالة التقصير والفشل لأن معظمهم نالوا مقاعدهم نتيجة ترضيات سياسية وموازنات قبلية وجهوية سواء في رئاسة البرلمان أو رؤساء اللجان (فليس هناك أحد أفضل من حد) لذا لا أحد يستطيع محاسبة الآخر وللأسف طبيعة النظام جعلت البرلمان (يرعى بقيده) الذي حدده له الجهاز التنفيذي.

} يا دكتور إذا منحت رئاسة لجنة بالبرلمان هل توافق؟

-نعم لكن بشروط.. أنا أقوم بدوري الرقابي كاملاً على أكمل وجه ودون تقصير أو ترضية لجهة لأن الدور الأساسي في البرلمانات المنتخبة كمثال برلمان الهند تجد نائبه من المعارضة وغالبية رؤساء اللجان كذلك من المعارضة. هناك يستمعون للرأي الآخر وهو أساس النظام الديمقراطي. أما إذا كان ثمن رئاسة اللجنة “الصمت” عن الإخفاقات وغض الطرف عن القصور في أداء الجهاز التنفيذي قطعاً لن أقبل وإذا عجزت سأتنحى لأني لا أرى أن البرلمان يقوم بدوره كاملاً.

} كنائب عن الشعب هل تأتيك توجيهات من الأمين العام د. “حسن الترابي” في القضايا العاجلة للتعبير عنها داخل البرلمان؟

-ضحك طويلاً، وهو يقول: د. “الترابي” أصلاً غير معترف بهذا البرلمان ولا أحسب أن له رجاء فيه لهذا هو يعبر عن وجهة نظره بنفسه أما في الخط العام والتوجيهات الحزب وقضايا الحكم والمناطق المتأزم فللحزب رؤية كلية على ضوئها نعبر عن وجهة نظرنا ولا نحتاج لتنسيق مع الأمين العام.

} هل تلتقي كثيراً بدكتور “الترابي”؟

-أنا عضو في هيئة القيادة وفي الأمانة العامة للحزب وأحضر اجتماعاتنا كل أسبوعين بصورة راتبة وآخر مرة التقيته قبل أسبوع في آخر اجتماع.
} كنائب دارفوري ما هو دورك في حل قضايا الإقليم؟
-أولاً أنا في موقع المعارضة طبيعي ليس بين يدي أي موارد حتى أستطيع أن أتصدى لحل مشكلة وظللت أعبر عن رؤية حزبي دائماً ونرى أنه لابد من إنهاء الحرب والوضع المأساوي للنازحين والأغلبية الصامتة الذين لم يحملوا السلاح لكن القضية لا تحل بمعزل عن القضايا الأخرى بالبلاد لأنك إذا كنت تعاني من ألم في جسدك فإن المخ يتحكم بالمركز العصبي والقلب يضخ الدم. إذن فأزمة البلاد وتجلياتها أزمة حكم ومنهج وتعود لعدلية الحاكمين وممارساتهم في المركز لذلك يجب أن يكون الحل شامل ولقد ثبت تماماً فشل النظام في الصفقات والحلول الجزئية التي حاولها النظام مع الحركات المسلحة وانتهت إلى بوار.
} ما رأيك في لجنة “صديق ودعة” للحوار والاتصال بالحركات المسلحة بدارفور؟
-أعتقد أنه جهد مقدر لكن بكل المقاييس وبرغم حسن النية أحسب أنها مهما توصلت لتفاهمات تظل حلولاً جزئية، وثبت تماماً أن الحلول الجزئية لم تفلح. مع ذلك أثمن دور “ودعة” ومن معه من أبناء دارفور المختلفين لتقريب وجهات النظر بين الحكومة والحركات وهي ستفيد إذا صدقت النوايا بالطبع.
} لماذا صمت د. “إسماعيل” عن مطالبته لهيئة نواب دارفور بالتحقيق في أوجه صرف أموال الهيئة ما الذي حدث بالضبط وماذا بشأن عضويتك فيها بعد تجميدها؟
-حقيقة لم أنفعل على المستوى الشخصي ولكن لأسباب يعرفها الجميع فقط طالبت بتوضيح وجوه الصرف وبعدها جمدت عضويتي فإذا كان حال البرلمان هكذا إذن العملية ستكون كذلك وإن كان على عضويته فهي لا تهمني كثيراً ولن تزيدني شيئاً وفقداني لها لا ينقصني لذا لم أكترث حتى لمعرفة ما إذا كانت عضويتي مجمدة حتى الآن أم لا لأنها بالنسبة لي لا شيء على الإطلاق.
} كنت قد تقدمت لوزير العدل بشأن أربعة طلاب من دارفور بجامعة الجزيرة توفوا غرقاً في ظروف غامضة ماذا كان رده؟
-لم يرد حتى الآن رغم أن الأمر كان في الدورة قبل الماضية “والحال يغني عن السؤال”
} قضايا الفساد وتقرير المراجع العام عن الاعتداءات في المال العام كيف تراه؟
-الفساد استشرى في كثير من أجهزة الدولة بصورة غير مسبوقة وتوطن، والنظام نفسه استحدث آليات لمحاربته لم تفلح ثم استغنى عنها ونحن نقدر جهود المراجع لكن ما لم تكن هناك إرادة سياسية نافذة لمحاربته والكشف عنه تماماً لن يستطيع المراجع أن يفعل شيئاً وحسب معلوماتي الموثقة فإن الفساد بتقرير المراجع العام يمثل رأس جبل الجليد فقط لذلك من العسير والمستحيل أن تعالج الخلل بنفس المنهج والممارسة والتفكير الذي أوصلك إلى ذلك لابد من تغيير جوهري في المصالحة وإطلاق الحريات وتمليك الراي العام المعلومات وضمان حماية كل من لديه معلومة عن فساد والتحقيق بشفافية ونشر النتائج التي تتوصل لها الجهات العدلية وبدون هذا المناخ والإرادة السياسية الحقيقية وقضاء مستقل لا مجال فيه لتدخل متنفذ أو جهة لا نحسب إطلاقاً أننا سنقدر على محاربة الفساد فالبرلمان نفسه لا حول ولا قوة له فقط يحدث الجلبة هنا وهناك ولكن لأن الفساد تمكن وأوجد له أرضية خصبة تبدو الأصوات وتخفت تماماً والدليل أن ملاحظات المراجع وتوصياته تتكرر كل عام وهذا بالطبع إلى أن سياسة النظام لا تمكن من المحاسبة وكل يحمي بعضه البعض.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية