«أحمد سعد عمر».. ماذا في المرايا الداخلية؟
الأمير “أحمد سعد عمر” وزير مجلس الوزراء يعتبر رئيس طاقم دستوريي (الاتحادي الأصل) في الحكومة الحالية، فهو مهندس اتفاقية المشاركة بين حزبه والمؤتمر الوطني في قطار السلطة، حيث لعب دوراً متعاظماً في إزالة الكثير من العقبات والأشواك على طاولة التفاهمات بين الطرفين حتى صار وجود (الاتحادي الأصل) على مركب الحكم أمراً واقعاً.
لقد أثبت “أحمد سعد” بالشواهد الدالة ميلاً واضحاً وعشقاً كبيراً وقناعة منقطعة النظير في جدوى دخول حزبه في قطار السلطة، وكان يدافع بكثافة عن هذه الخطوة بلغة هادئة ومحاججة بعيدة عن الزعيق والفوران حتى صار “أحمد سعد” الشخصية المركزية في (الاتحادي الأصل) الذي تصوب حياله انعكاسات الناقمين على المشاركة والذين في قلوبهم العشم والأمل حول إحداث بعض التغييرات في طريق المشاركة، وقد كان هؤلاء يحاولون إزاحة مولانا “محمد عثمان الميرغني” عن منصة النقد والهجوم الناتج عن أبعاد دخول السلطة لأسباب وجدانية واعتبارية باستثناء غالبية الشباب والطلاب بحكم الدماء الحارة التي تجري في عروقهم!!
تحمل الأمير “أحمد سعد” أرتالاً من الاحتجاجات الكثيفة والإشارات الحارقة حول دوره الواضح في قضية المشاركة، فقد كان الرجل يتمتع بقدرة هائلة على امتصاص موجات الغضب والضجيج والاحتجاجات والتصنيفات الملتهبة كأنه يقول لهؤلاء الرافضين بأن موقفي من المشاركة شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها!! فالشاهد أن “أحمد سعد” كان يرش وداً وقائياً على الذين يهاجمونه بضراوة متفادياً الدخول معهم في منازلة صارخة ومعركة حامية الوطيس، بل كان يحبس انفعالاته في صندوق مغلق كأن السهام التي تنطلق في صدره تقع على العتمور!!
في الصورة المقطعية هنالك بعض الاستنتاجات القوية التي ترى بأن الأمير “أحمد سعد” يؤدي دوراً تاريخياً محفوفاً بالمربعات السحرية من خلال تصديه الواضح للدفاع عن المشاركة التي جاءت بقرار قاطع وحاسم من مولانا، فالواضح أن “أحمد سعد” انطلاقاً من حسابات دقيقة وبناءً على توجيهات السيد “محمد عثمان” يحاول وضع المساحيق وأدوات التجميل على محصلة دخول حزبه في توليفة الحكومة في إطار سيناريو معد حول بلورة تحالف سياسي مرتقب وعلاقة ثنائية مميزة بين (المؤتمر الوطني) و(الاتحادي الأصل) تحمل صوراً دراماتيكية وأهدافاً حيوية ارتكازاً على التطورات الماثلة للعيان في المسرح السوداني، فالعلاقة المنتظرة خلال المستقبل بين الحزبين القائمة على أسس جديدة تحتاج إلى رافعة قوية تساعدها على النهوض والانطلاق وإسكات أصوات الناقمين بإدخال الإنتاج السينمائي الذي يضع المطلوبات التي تخطف الألباب والأبصار.
هكذا انداحت فرضيات المشاركة وأبعادها المعقدة على شخصية الأمير “أحمد سعد” ليكون الناتج هما الإطار الخارجي والمرايا الداخلية في تركيبة الرجل.. كم كان الأمير حاذقاً ومسايراً لإيقاعات الصورة الإطارية من منطلق خيارات أهداف المشاركة.. غير أنه يبقى السؤال المركزي.. ماذا في المرايا الداخلية للأمير “أحمد سعد”؟ ربما تكون الإجابة القاطعة بأن الرجل يحاول مسايرة الحالتين المتناقضتين في تركيبته الشخصية تسنده متحركات السياسي الخبير الذي يضع المقدار المطلوب ليكون ملائماً لكل متذوق، فضلاً عن تجهيز التحوطات لكل شيء.
لا يخفى على الأمير “أحمد سعد” تقصير (المؤتمر الوطني) على مستحقات المشاركة وتباعد المسافات بين الواقع والوعود الكلامية، فالرجل لا ينقصه الذكاء وفي الغالب ربما يتذكر في دواخله قول الشاعر: (يقضي على المرء في أيام محنته، أن يرى حسناً ما ليس بالحسن).
المحصلة تؤكد بأن “أحمد سعد” تعامل مع قضية المشاركة بالدماثة وعذوبة المشاعر فهو يحمل (جينات الأمير) لكنه كان يحدق في الأفق الآخر.