العودة إلى الجحيم!!
{ منذ أن غادرت قوات حركتي العدل والمساواة أراضي شمال دارفور قبل عامين، صوب جنوبي دارفور وكردفان، عاشت ولاية شمال دارفور حالة من الطمأنينة بسبب الأمن النسبي والاستقرار الذي خيم على معظم محليات الولاية باستثناء أحداث (جبل عامر)، وهي صراعات على الثروة (الذهب) والأرض، وعمليات محدودة لحركة صغيرة يقودها المنشق عن “مناوي”.. “علي كاربينو”.. ولكن بصورة مفاجئة دخلت شمال دارفور نفق الحرب مرة أخرى بعودة مليشيات المتمرد “أركو مناوي” لماضيها القديم (قتل.. سلب.. نهب).. وكانت قوات “مناوي” قد اتجهت إلى جنوب كردفان ضمن تحالف الجبهة الثورية ودخلت مع قوات الحركة الشعبية (أبو كرشولا) و(الضليمة)، ولكن “مناوي” قناعته بتحالف الجبهة الثورية ضعيفة جداً، ولا يطيق وجوده مع حركة العدل والمساواة، وليس مقتنعاً بـ”ياسر عرمان” و”عبد العزيز الحلو”، وظل يتوق إلى العودة لدارفور حتى شنت القوات المسلحة عمليات الصيف الساخن الحالية، فآثر “مناوي” الخروج من جنوب كردفان مهرولاً نحو دارفور، واتجهت حركة العدل والمساواة جنوباً إلى (بانتيو) وبقية مدن الجنوب بحثاً عن الغنائم والحصول على السلاح من حكومة الجنوب، بعد أن أدارت الحركة ظهرها لحلفائها السابقين من النوير “تعبان” و”مشار”.. وانكفأت الحركة الشعبية قطاع الشمال على جبالها والتزمت عقيدتها الدفاعية، بينما خرج “مناوي” إلى دارفور واختار جنوبها أولاً ليخوض حرب عصابات خاطفة على محليات (برام)، (الضعين)، (دار السلام)، (كتيلة) و(قريضة)، ومارست النهب والسلب في مناطق لا وجود للقوات المسلحة بها..
{ وحينما توجهت قوات الدعم السريع التي يقودها نخبة من المقاتلين والمجاهدين، آثرت قوات “مناوي” الانسحاب من كل جنوب دارفور والاتجاه إلى شمال دارفور، لتبدأ هجماتها المباغتة على المناطق الآمنة في كل من (اللعيت جار النبي) و(الطويشة) لاستفزاز كل شرق شمال دارفور وضرب مسقط رأس الوالي “عثمان يوسف كبر” الذي تعدّه الحركات المتمردة عدوها اللدود وخصمها الذي لا بد من إزاحته من شمال دارفور حتى تتسنى لها السيطرة على أهم المواقع، وقوات المتمرد “مناوي” تملك القدرة الفائقة على النهب والسلب والقتل والتخريب، وسكان دارفور حينما تمرد “مناوي” للمرة الثانية وضعوا أياديهم على قلوبهم خوفاً من سلوك قوات “مناوي” التي تملك رغبة حقيقية في (الانتقام) من كل من هو مخالف لها، ولا يردعها وازع أخلاقي أو ديني.. تمارس أبشع أنواع القتل والسلب والنهب!!
{ صحيح أن قوات “مناوي” و”كاربينو” تهرب من مواجهة قوات الدعم السريع التي تشكل بحركتها الدءوبة ومرونة انتقالها من موقع إلى آخر الترياق الشافي لدحر التمرد.. ولا يقوى المتمردون بالطبع على مواجهة القوات المسلحة، ولكنهم يمارسون حرب العصابات المهلكة والمبددة للطاقات والقدرات.. لن ينتظر “مناوي” وصول قوات الدعم السريع إلى (اللعيت جار النبي) سيهرب إلى موقع آخر، وثانٍ وثالث في حرب كرّ وفرّ لا تنتهي إلا إذا استطاعت الدولة تأمين كل المدن وأشباه المدن في دارفور بقوات تملك القدرة على مواجهة المتمردين الذين يستخدمون سيارات الـ(لاندكروزر) في هجماتهم المباغتة.
{ إن إشعال الحرب في دارفور في هذا الوقت، يمثل رسالة رفض من حاملي السلاح لكل دعوات الحل السلمي.. ولكن بقراءة الصفحة الثانية من الكتاب، فإن عودة “مناوي” إلى دارفور، وتوجه العدل والمساواة جنوباً، وانكفاء “الحلو” على جباله، يعني عملياً تفكك الجبهة الثورية وتبعثر صفها!!