حل مشكلة نقل (القمامة)
أخيراً اهتدت سلطات ولاية الخرطوم أن السبب في تفاقم مشكلة النفايات في الخرطوم، أنهم يستخدمون أوعية كبيرة في نقلها. وأنا أوافقهم في هذا إضافة إلى كيفية استخدام هذه الأوعية وتوقيت استخدامها. لاحظ أن القمامة كانت في السابق تنقل على عربات تجرها الخيل وتنقل بالأيدي.. ومع ذلك كانت العاصمة يضرب بها المثل في النظافة، فقد كانت الخرطوم أنظف من القاهرة وجدة.. وهذا ما أكده وفد طالبات من جامعة مصرية زار السودان أوائل السبعينيات. وكان أول ما لفت انتباهه النظافة في كل الشوارع. تعودنا في تلك الفترة على شوارع نظيفة دائماً ولهذا كنا نحافظ على ذلك المستوى. واعتدنا على قيام عربات النظافة بعملها في الصباح المبكر وأيضاً في آخر الليل في بعض المناطق. مثلاً منطقة سوق الخضار كانت تنظف مرتين كل يوم ولهذا كانت نظيفة دائماً، بل إن منطقة زنك اللحوم كانت تغسل بالصابون.
} هذا ما كان يحدث ولن تصدقوا لكنه كان يحدث، وكانت كل شوارع زنك الخضار تغسل بالصابون ومواد الغسيل المطهرة لدرجة أن رائحتها الكريهة تتحول إلى رائحة عطرة، تجعل كل وسط الخرطوم برائحة طيبة وخالٍ من الجراثيم. لقد انتهى كل هذا في أحد الأيام التي قرر فيها أحد المسؤولين أن يوفر بضعة جنيهات للخزينة وهي ملاليم. وانتشرت بقايا اللحوم وأجزاء الخراف المذبوحة ولم يعد أحد يهتم حتى لو صارت العاصمة كلها مقلب قمامة.
} مشكلتنا بالفعل بدأت عندما أخذنا في استخدام المواعين الكبيرة في نقل القمامة ولم نستطع نقل القمامة الصغيرة، وإلى أن فشلنا في نقل الصغيرة والكبيرة معاً . كان بالإمكان تخصيص مناطق لتجميع قمامة عدة أحياء كما هو الحال في مدينة الرياض السعودية. وقد خصصت السلطات هناك مواعين كبيرة لنقل أي نوع من القمامة ولو كان بقايا خروف.
} وفي الرياض هناك عربة للصحة تطوف على براميل القمامة لترشها بالمطهرات، كي لا تصبح بؤرة لتوالد الحشرات وتجمع القمامة.
} ربما نحن ليس لدينا نفس الإمكانات التي عند الإخوة في السعودية التي تستعين بشركات أجنبية في نقل القمامة وتحاسبهم حساباً عسيراً، ولذلك هم لا يتأخرون ولو لدقيقة واحدة. ولكن لدينا آلاف العاطلين الذين اعتادوا على أن يعملوا في وظائف ليست إنتاجية. يمكن تدريب هؤلاء على القيام بعمليات النظافة. ويمكن زيادة الأجر مقابل فرض رسوم على السكان وأيضاً استخدام عربات الأهالي في النقل.
} هذه العربات أو المركبات الصغيرة يمكن الاستعانة بها في نقل قمامة الشوارع الضيقة، وأيضاً يمكن الاستعانة بعربات (الكارو) باستخدام نظام المتعهدين.
} وأهم ما في هذه الخطة ليس المواعين الناقلة بل نظام العمل. إذ لا بد من الاستعانة بخبراء أجانب لتقديم خبراتهم في عملية تنظيم العمل. لقد شهدنا كفاءة العمالة الأجنبية في مدينة الرياض. وبالإمكان الاستعانة بهم هنا ولو في تنظيم عملية نقل القمامة. وأهم شيء هو مراقبة ومحاسبة هذه الشركات الخاصة على أي تقصير وتوقيع غرامات عليها.
}إن المواطن يمكن تربيته على النظافة وتربيته على التعامل مع الشوارع النظيفة، لأن الإنسان يتحرج من إلقاء قشرة موز في شارع نظيف وبهذا تعاد تربيته. وهذا هو تعامل السودانيين مع الشوارع في أوروبا نريد أن نجعلها هنا أيضاً. أحلم بعودة العربات بكل الأحجام لحمل القمامة واستخدام أوعية من كل الأحجام لنقلها واستخدام المطهرات كما كنا نفعل في الستينيات عندما كانت دول الخليج تتمنى الوصول لمستوانا، عندما كانت كل شوارع العاصمة تلمع بعد غسلها. هذا مستوى ليس جديداً علينا.
> سؤال غير خبيث:
هل نحلم بعودة الصابون والمطهرات لغسل شوارعنا كما كان الأمر في الستينيات.