الديوان

«مصعب الصاوي» يروي تفاصيل ليالي تكريم المبدعين وكيفية إختيارهم

يعتبر الناقد والإعلامي المختص في التوثيق الأستاذ “مصعب الصاوي” من الذين وضعوا بصمات واضحة في التوثيق للمبدعين بالبلاد، تخرج في كلية الموسيقى والدراما، ولديه عدد من البحوث المهمة في التراث من ضمنها بحثه عن (طقوس التعميد عند الأقباط)، وقد اختير أخيراً ضمن لجنة تكريم مبدعي السودان التي كرمت عدداً من الفنانين مؤخراً، (المجهر) التقته في حوار تحدث فيه عن كثير من القضايا إلى مضابطه..
} بداية أستاذ “مصعب” نود أن تحدثنا عن لجنة تكريم مبدعي السودان.. وكيف تمت تكوينها؟
أقمنا مشروع مبدعي السودان وانعقدت عدة لجان في اجتماعات متفرقة، حيث تختص كل لجنة بإخراج رمز مكرم لأمسية بعينها حسب المواقيت الزمانية التي اتفق على جدولتها وبعد احكام التنسيق بين تلك المجموعات، كان المقدر أن تكون ليلة “بن البادية” هي ليلة الافتتاح ضمن مشروع تكريم المبدعين في مجال الفنون غنائياً وموسيقياً، ومنهم رموز إبداعية في مجالات الفن التشكيلي، حيث تم تكريم التشكيلي “أحمد محمد شبرين”.
} كيف تم اختيار المكرمين؟
بعد أن طرحت الأسماء المرشحة اطلعت اللجنة على سير الشخصيات المقترحة، وتم اختيار المكرمين في جلسة بعد (مفاكرة) واسعة لطرح الأسماء المقترحة للتكريم مع مراعاة عنصرين أن تكون الشخصيات المكرمة ذات تاريخ ناصع وواسع في مجال الإبداع والفنون، والجانب الثاني الذي يقرر في أمر الاختيار استحقاق الشخصية نفسها للتكريم، ونلاحظ أيضاً أن ثمة شخصيات نالت حظها من التكريم أكثر.
} وماذا بعد إلى أن وصلتم إلى ليلة التكريم؟
بخصوص ليلة “صلاح بن البادية” كونت لجنة من محبيه وأصدقائه وتمثيل لأسرته ومسقط رأسه بـ”شرق النيل” التي كانت الراعي الذهبي.
لجنة تكريم “بن البادية” كانت برئاسة “محمد الأمين التجاني”، وتقسمت مهام اللجنة في التوثيق الكتابي، ويشمل ثلاثة من مؤلفات “بن البادية” وكتاب الاحتفالية التوثيقي، وكلفت شخصياً بإعداده بحيث يشمل النشأة والسيرة الذاتية للفنان “بن البادية” وموقعه من الحياة الفنية والموسيقية بالسودان، بجانب سرد مفصل لكل إنتاجه الفني يحوي الشعراء والملحنين الذين تعاونوا معه من قوائم التسجيلات ومساهمته في المسرح والسينما، كل ذلك مقروءاً ومصوراً في ألبومات تذكارية نادرة ترصد سيرته لأكثر من نصف قرن، كما أعدت اللجنة فيلماً وثائقياً بعنوان (إبن البادية.. الإنسان الفنان)، وتولت اللجنة أيضاً طباعة البوسترات والمطبقات والمعرض المصاحب.
} باعتبارك مختصاً في التوثيق وباحثاً.. كيف تنظر لاهتمامات الفنانين بالتوثيق؟
تبدأ مرحلة التوثيق من اهتمامات الفنان نفسه بما يقدمه للآخرين، هنالك فنانون يهتمون بالتوثيق منهم “أحمد المصطفى” يذكر أن لديه نوتة للتدوين بكل يومياته ونشاطه الفني، وهذا ما جعله يكون قائداً للوسط الفني بكاريزما أهلته ليقود الفنانين، بالإضافة إلى أن الفنان “وردي” كان لديه اهتمام بتوثيق اللغة النوبية من خلال الأغاني مما أهله ليتخذ مرجعاً لمعرفة مصادر اللغة النوبية القديمة التي اندثرت.
} ما هي مميزات “وردي” الأخرى غير كونه فناناً؟
لـ”وردي” ذاكرة حاضرة للحديث عن الشعراء والموسيقيين الذين تعامل معهم، يتحدث عنهم بشكل تفصيلي، وكذلك عن المديرين الذين تعاقبوا على الإذاعة فـ”وردي” بحق بمثابة مؤرخ.
} ما هي علاقة التوثيق والتاريخ؟
التوثيق ليست له علاقة بالماضي، وهنالك فرق بين التوثيق والتاريخ، الوثيقة لاحقاً أو مستقبلاً وتعني شيئاً يمكن الرجوع إليه.
} هل يمكن أن “مصعب” نتوقع يوماً أن توثق لظاهرة ما يسمى بـ(الغناء الهابط) ومغنيات يطلق عليهن (القونات)؟
لا أعتقد أنني أوثق لهكذا حالات، يمكن أن يوثق لهذا الغناء آخرون ولكل موثق ما يستهويه، مثلاً هنالك “أمين رابح” مهتم بالتوثيق لفن الجاز، و”طارق شريف” اهتم بالتوثيق للفنانين “كرومة” و”سرور” و”إبراهيم عوض”، أما أنا فاهتم بالتاريخ المعاصر، وأيضاً يوجد باحثون موثقون مهتمون بتاريخ الأغنية الشعبية.
} من أين يتم الحصول على المعلومة عن الشخص المقصود التوثيق له؟
بعض هذه المعلومات والآثار موجودة داخل الأجهزة الإعلامية غير مكتملة الفهارس باستثناء أرشفة الإذاعة السودانية وهذا له سبب، وفي اعتقادي أن أرشفة الإذاعة السودانية من أفضل الأرشيفات الموجودة في المنطقة العربية، لأن الإذاعة أخذت من تقاليد مدرستين (بي بي سي) والإذاعة المصرية وعملت توليفة بينهما لدرجة أن أرشيف الإذاعة أصبح وثيقة مفصلية لأي نزاع أدبي في المستقبل.
} نعرج بك أستاذ “مصعب” إلى سؤال ربما يتردد كثيراً لماذا لا نجد توثيقاً سينمائياً للشخصيات في السودان؟
يمكن إذا كان هنالك من يكتبون عن دراما الشخصيات، في مصر مثلاً لا توجد مشكلة حيث أنتجت مسلسلات عن حياة “أم كلثوم” و”أسمهان” و”طه حسين” و”الشيخ الشعراوي” و”حسن البنا” لأن في مصر سيرة الشخصيات العامة كلها موثقة ومدونة في بعض الكتب التي تصدر عن جوانب تفسيرية عن حياة المبدع.
} ألم تفكر في التوثيق لحياة الراحل “محمود عبد العزيز”؟
كتبت عن الفنان “محمود عبد العزيز” في فترات متباعدة، وقمت بإعداد حلقة مهمة في ذكرى رحيله، وتوجد فكرة لإعداد (بروفايل) أو سيرة إبداعية، وأرى أن إحدى مشاكل التوثيق للأجهزة الإعلامية المعدين والمذيعين الذين يصرون على تسجيل نفس الأغاني التي سجلت في استضافة الفنان أكثر من مرة.
} تقييمك لبرنامج “عمر الجزلي” (أسماء في حياتنا)؟
اهتم “الجزلي” بالتاريخ الاجتماعي ووثق للعلماء، ويصنف من أفضل البرامج التوثيقية في السودان، والأشياء الجميلة في “الجزلي” أنه يحرص على أن يتحدث ضيفه من غير تداخل منه.
} برنامجك (أغنيات من البرامج) نلاحظه قد حقق نسبة مشاهدة وجماهيرية عالية.. ما السر في ذلك؟
قوة المشاهدة والرواج الذي لاقاه البرنامج لا أنسب الفضل فيه لنفسي، وإنما الفضل لقيمة وقوة المحتوى بـ(قناة النيل الأزرق)، ولو قدم البرنامج في أية قناة أخرى سيفشل مهما كان مقدمه، وأيضاً العنصر الثاني الذي ساهم في نجاح البرنامج المنتج القدير “الشفيع عبد العزيز” الذي لديه خلفية ودراية كاملة بمحتوى المكتبة، “الشفيع” يختار أفضل التسجيلات الغنائية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية