حوارات

المعارض المثير للجدل "مبارك الفاضل" في حوار الساعة مع "المجهر" (2 – 2)

في الحلقة الثانية من الحوار معه، كشف السياسي المعارض المثير للجدل “مبارك الفاضل المهدي” خفايا حوار حزبه المنشق من حزب الأمة القومي، مع الإمام “الصادق المهدي”.. وكيف أفضت المشاورات إلى وحدة الحزبين تحت راية حزب الأمة القومي، لتعود الجفوة مرة أخرى بسبب بعض تفاصيل إدارة الحزب.. بجانب أطروحاته للحوار السياسي مع حزب المؤتمر الوطني ورؤيته في مطالبة بعض الأحزاب بحكومة انتقالية تسبق الانتخابات العامة في البلاد..
وتحدث “الفاضل” عن ما يثيره البعض بأن لديه علاقات سرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، واتهام البعض له بإدارة بعض المصالح الأجنبية..
كما عرج ضيفنا إلى الأسباب التي دعته إلى مغادرة البلاد.. وفجر مفاجأة كبيرة بتأكيد عودته قريباً للحاق بركب الحوار الوطني.. فإلى مضابط الحوار:

} السيد “مبارك”، من الواضح الآن أنك لا تتبوأ موقعاً قيادياً في حزب الأمة القومي؟
– نعم.. لقد اخترت أن لا يكون لي موقع قيادي في حزب الأمة في ظل الظروف التي يمر بها الآن.
} لماذا؟
– حتى لا أكون طرفاً في الخلاف الحالي داخل أجهزته، بل أكون (محضر خير)، وسبق أن عرض عليّ الإمام “الصادق المهدي” عدة مرات منصب نائب رئيس الحزب.
} متى كان ذلك؟
– آخرها كان قبل انعقاد اجتماع الهيئة المركزية للحزب في أبريل من العام (2012)، ولكني وافقت بشرط أن يأتي ذلك في ظل مصالحة شاملة بينه وبين القادة المخضرمين في الحزب وكل التيارات الشبابية، على أن تتم في (صالونه)، يعقب ذلك توافق على الخط السياسي للحزب، يتحد حوله الجميع في اجتماع الهيئة المركزية، فتنعكس هذه الوحدة والمصالحة على مخرجات الاجتماع من حيث السياسات والتنظيم.
} وماذا حدث بعد ذلك؟
– لقد وافق الإمام “الصادق المهدي” في اجتماعي معه على المقترح الذي قدمته، إلا أنه غير رأيه بعد ذلك، وقام بتعيين لجنة ضعيفة للمناورة، فذهبت وراجعته ولمُته على ذلك، فقال لي: إن هناك لقاءً سيجمعنا في منزل المرحوم “عصام النور” فانتظر لنرى بعده.
} وماذا حدث في اللقاء.. ومن حضره؟
– اللقاء حضره فقط صاحب المنزل الأخ “عصام”، وحاول فيه الإمام “الصادق” إقناعي بقبول منصب نائب الرئيس، فقلت له إن هناك خيارين لقبولي، الأول أن تحدث المصالحة والاتفاق على الخط السياسي ومخرجات الاجتماع.. وفي غياب ذلك يتاح لي ولجماعة الإصلاح الحصول على عضوية اللجنة المركزية ومن ثم التنافس على عضوية المكتب السياسي حتى نستطيع المشاركة في وضع السياسات.
} وماذا كان رأيه؟
– أصر الإمام “الصادق” على رأيه، وقال إن الدستور لا يسمح بضمنا إلى عضوية اللجنة المركزية. فرددت عليه بأن خبراء قانونيين كباراً أفتوا بأنه طالما كانت اللجنة المركزية تقوم مقام المؤتمر العام بين دورتي الانعقاد فهي إذاً تملك صلاحية المؤتمر، ويمكنها أن تنعقد في هيئة مؤتمر وتجيز عضويتنا ثم تعود للانعقاد في هيئة لجنه مركزية.
} هل اقتنع بذلك؟
– رد قائلاً إن هذا غير ممكن. فقلت له من الذي قال بذلك طالما أن القانونيين أجازوه، فرد بعصبية: (أنا أقول ذلك، وبالتالي لن أسمح به)، فرددت عليه بأنني أرفض المنصب لأنه استشاري، وأفضل انتظار المؤتمر العام القادم، وكانت هذه آخر مقابلة بيني وبينه في أبريل من العام (2012).
} ولكنه أصدر بياناً لاحقاً قال فيه إنك لست عضواً في حزب الأمة؟
– نعم.. صحيح هو فعل ذلك، ولكن هذا كلام معلق في الهواء ما عنده أساس دستوري أو قانوني، ولا يستند إلى أي قرار حتى من مؤسساته الحالية.. هذا كلام نابع عن خوف من نفوذي وتأثيري على عضوية الحزب وجماهيره خاصة بعد سقوط مرشحه للأمانة العامة الفريق “صديق إسماعيل”، ونحن في حوزتنا وثائق وقرار ترحيب بعضويتنا من المكتب السياسي والأمانة العامة، وبيان أصدره هو شخصياً يؤكد اكتمال وحدة الحزب بعد أن حللنا حزبنا.
} لماذا قرار حل الحزب؟
– جاء قرار حل حزبنا على خلفية لجان (جودية) ووساطة وتفاوض استمرت أربع سنوات، عقدت خلالها ورشة عمل في جامعة (الأحفاد)، حتى كللت هذه الجهود بالوحدة، والآن كل كوادرنا تعمل داخل الحزب وفي الأمانة العامة.
} هل ترى قبول المؤتمر الوطني بفكرة (وضع انتقالي) خطوة متقدمة يمكن أن تفضي إلى تسوية سياسية شاملة؟
– نظرياً.. نعم إذا أعلن المؤتمر الوطني قبوله بوضع انتقالي.
} لماذا؟
– لأن هذا يعني قبوله مبدأ تصفية نظامه الشمولي الأحادي لمصلحة إقامة سلام وتحول ديمقراطي، ولكن المؤتمر الوطني حتى الآن لم يقبل بالفكرة، وفي تقديري لن يقبل بها (بأخوي وأخوك) إلا إذا تصاعد الضغط الشعبي.
} هم أعلنوا الرغبة في الإصلاح وقاموا بتنحية بعض الرموز؟
– نعم.. ولكن أين برنامج الإصلاح؟ وهل هؤلاء الرموز تمت إزاحتهم من أجل التمهيد للانتقال إلى وضع جديد؟ أنا أشك في ذلك، بل أرى أن الإزاحة جاءت في إطار الصراع على السلطة، كما أن الذين خرجوا من القيادات ما زالوا متنفذين، وما زال الإسلاميون يسيطرون على مفاصل السلطة، والدليل على ذلك أن من خلفوهم في المواقع هم كوادر إسلامية نظامية تدربت على أيديهم، وهؤلاء جميعاً لديهم مصالح تجعلهم يحرصون على الانفراد بالسلطة.
} كيف ترى الحل؟
– أرى أن الحل لدى الرئيس “البشير” والعسكريين إذا توفرت لهم القناعة والإرادة.
} كيف ذلك.. أرجو المزيد من التوضيح؟
– ما أعنيه هو أن يتقدم الرئيس “البشير” باستقالته من رئاسة المؤتمر الوطني، فيحيد بذلك منصبه كرئيس للجمهورية، وبعدها يقوم بحل الحكومة والبرلمان والأجهزة الدستورية كافة، ويعلن الدعوة للمصالحة الوطنية ووقف الحرب، ثم يقوم بتكليف حكومة عسكرية لإدارة البلاد لستة أشهر، وتقوم هذه الحكومة بالتوقيع على اتفاق لوقف العدائيات، ويتم خلالها عقد المؤتمر الدستوري الجامع للحوار والاتفاق على السلام، وشكل الحكم، والدستور، والاقتصاد، والترتيبات الانتقالية والقضايا المصيرية الأخرى كافة.          
} ماذا يحدث للمؤتمر الوطني كحزب.. وأين يذهب؟
– المؤتمر الوطني ينضم مع باقي الأحزاب في عضوية المؤتمر الدستوري، ويمارس حقه في الحوار، ثم يقدم نفسه للشعب السوداني في الانتخابات العامة التي يجب أن لا يحدث فيها عزل لأحد بقرار إداري أو قانون، فالشعب هو صاحب القرار عبر صندوق الاقتراع، أما من أفسد أو سرق المال العام فيجب أن يقدم للمحاكمة، مع اعتماد مبدأ العدالة في جرائم القتل.
} برأيك.. هل يعقل أن يقبل المؤتمر الوطني التنازل عن السلطة بهذه البساطة وهو صاحب شرعية انتخابية؟
– (شرعية انتخابية دي بتذكرني نكتة مصرية بتقول إنو الرئيس “عبد الناصر” استدعى الراجل البيعمل فيه النكات وزجره قائلاً: أنا انتخبني 99.9% من الشعب المصري، كيف تنكت على حكمي؟ فرد الرجل: بس الأخيرة دي أنا ما عملتها يا ريس)!! أي أن انتخاب الحزب بهذه النسبة المئوية نكته كبيرة.
يا أخ “صلاح” (الإسلاميين ديل جونا راكبين في ظهر الدبابة، خلاص اللعبة انتهت، خليهم الآن يورونا شعبيتهم بعد الفطامة).
} طرح بعض المعارضين اسمك – قبلاً – كخيار لترؤس حكومة ما بعد الإنقاذ؟
– لم أسمع بهذا الترشيح من قبل، ولكن ربما جاء هذا التفكير على خلفية أنني أكاد أكون السياسي الوحيد من الذين لهم ثقل حزبي سياسي واجتماعي، ويملك جسور ثقة مع القوى التي تحمل السلاح، لأن مواقفي ظلت ثابتة ومعلنة من انحياز حزب الأمة لمطالب قوى الهامش، كما أنني لعبت دوراً أساسياً في بلورة قرار مؤتمر أسمرا من الدولة المدنية وعلاقة الدين بالسياسة، وظل موقفي ثابتاً في هذا الأمر، مما يريح قطاعاً كبيراً من الرأي العام الذي اكتوى باستغلال الدين في السياسة في عهد الإنقاذ، ويطمئنهم لانحياز حزب الأمة إلى خيار الدولة المدنية، هذا إلى جانب علاقتي بدولة الجنوب ودول الجوار والدول الغربية، وهذه العلاقات مهمة بالنسبة لملفات الحكم في الفترة الانتقالية.. ولكن التاريخ السياسي والتنافس غير الموضوعي بين جيل الستينيات من قادة الأحزاب يجعلهم يبتعدون عن اختيار شخصيات نافذة وقوية، ويجنحون إلى اختيار شخصيات ضعيفة تحت مسمى الحياد.. حدث هذا في أكتوبر (1964) وأبريل (1985).
} يتهمك خصومك بأنك تنفذ أجندة أمريكا؟
– طبعاً هذه الاتهامات تأتي من باب الكيد السياسي، وتجدها في كل المنطقة العربية والأفريقية، وهي طبعاً أحد مظاهر التخلف ومن مخلفات عهد الحرب الباردة وصراع الأيديولوجيات.. لقد انتهت الحرب الباردة وانتهت معها حرب الأيديولوجيات، وأطل علينا عصر العولمة وثورة الاتصالات، ولم تعد الشعوب أسير لـ (الكاريزما) والخطب النارية الحماسية في عهد احتكار (المثقفاتية) للمعلومة.. لقد أضحت السياسة علماً، وأعيد الحكم لأصله وهو معاش الناس وأمنهم، كما لم تعد العلاقات الخارجية تحكمها الأيديولوجيات، بل مصالح الشعوب في الحصول على التكنولوجيا ورؤوس الأموال من أجل التنمية والرفاه.. أمريكا دولة تملك القوى والمال والتكنولوجيا وهي تقود العالم، وأوروبا لا تتحرك إلا بإذنها خاصة في العالم الثالث، وحتى الصين تراعي مصالحها الاقتصادية مع أمريكا في سياساتها.. ودعني أحكي لك شيئاً بهذه المناسبة، فقد سبق أن ذهبت إلى الصين في فبراير من العام (1989) وعقدت معهم صفقة للسلاح بمبلغ (160) مليون دولار، وطلبوا منا أن ندفع نقداً، فذهبت وقابلت رئيس الوزراء الصيني وقتها ورجوته أن يشتري منا قطناً مقابل السلاح، إلا أنه اعتذر وقال لي: إننا مجبرون على شراء القطن الأمريكي مراعاة لتجارتنا من أمريكا.
} لماذا أنت خارج الوطن لما يقارب العامين.. ومتى تعود؟
–  لقد غادرت الوطن في منتصف العام (2012) لمتابعة أعمالي التجارية في جنوب السودان ويوغندا، فنصف أبناء الوطن أصبحوا مهاجرين ومغتربين بسبب ضيق العيش واحتكار الإسلاميين للاقتصاد.. لقد سيطروا على المال والبنوك والمشروعات، وحاربوا الناس في أرزاقهم، ونحن كنا في أول قائمة المحاربين من قبلهم، وذلك قبل افتعال المشاكل مع دولة جنوب السودان ووقف السفريات بين الخرطوم وجوبا، وأنا كنت أتنقل بين الخرطوم وجوبا وكمبالا شهرياً، ولكن بعد توقف السفريات وبروز اتجاه لتعطيل حركتي عبر تحريض مجموعة متحالفة معهم من حزب الأمة، قررت أن أفوت عليهم الفرصة، والبقاء في الخارج حتى لا تتضرر أعمالي، كما رأيت أن ابتعد عن حزب الأمة ومشاكله حتى يقتنع السيد “الصادق” أن المشاكل في الحزب أسبابها موضوعية ومرتبطة بنهج إدارة الحزب والخلاف على خطه السياسي ورغبة الأجيال الجديدة في التغيير وتولي القيادة في الحزب من جيل الستينيات، وأن هذه الأمور ليست من بنات أفكاري.
} هل سترجع إذاً إلى بلادك؟
– إن شاء الله سأعود قريباً للمساهمة في الحراك السياسي، لإيجاد مخرج سلمي لأزمة الحكم، ووقف الحرب، وتحقيق السلام في البلاد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية