حوارات

نائب رئيس البرلمان نائب رئيس لجنة إعداد وثيقة الإصلاح بالمؤتمر الوطني "سامية أحمد محمد" لـ(المجهر): (2-2)

بترتيب كريم من أمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني، اتفقنا مع نائب رئيس البرلمان نائب رئيس لجنة إعداد وثيقة الإصلاح بالمؤتمر الوطني “سامية أحمد محمد”على إجراء حوار صحفي يتناول تفاصيل وثيقة الإصلاح، ومراحل إعدادها وفكرتها التي قامت عليها، والظروف التي فرضتها على المؤتمر الوطني.. التقيناها في حوار مطول ومفتوح أجابت فيه عن الأسئلة الصعبة بهدوء، فكانت الحصيلة التالية..

} هناك تململ في كثير من الولايات.. البعض يطالب بتغيير الولاة فيها. هل حددت وثيقة الإصلاح التغييرات في مناصب الولاة خلال الفترة المقبلة؟
– هناك مناطق فيها طوارئ وكانت فيها الكثير من الإشكاليات، وهذه حدث فيها بعض التغيير، ودائماً ينظر إلى أن التغيير إذا لم يؤدِّ إلى ما يراد منه، وليس هنالك إشكال في التغيير في هذه المناطق، وهنالك مناطق أخرى حدث فيها تغيير لأسباب أخرى مثل الموت أو الاستقالة وهذه مشروعة للتقييم، ولكن المؤتمر الوطني يظل يقيم في الأداء ويحترم الدستور ومن اتت بهم الانتخابات ولاة على الولايات إلا في مناطق الطوارئ أو المناطق التي حدثت فيها استقالات.
} يقال إن الاستقالات تمت بإخراج سياسي وضغوط مورست على الولاة المستقيلين وفي نهاية الأمر تم التكييف الدستوري للأمر، والبعض يقول إن ما تم يمثل التفافاً على الإجراءات القانونية والدستورية؟
-لا أعتقد ذلك.. لكن مصلحة المواطن هي الأولى.
} ذكرت من قبل عن نص الوثيقة على ضرورة تقوية آليات مكافحة الفساد. ماذا وضعت الوثيقة في هذا الجانب؟
– تحدثت عن تقوية آليات تعزيز النزاهة، والسودان فيه الكثير من المؤسسات والآليات، ولننظر في المرحلة القادمة إذا كان هنالك ضعف في الآليات نتيجة للقوانين فيمكن أن تقوم وإذا كان نتيجة للأشخاص فيمكن أن يغيروا وإذا كانت هنالك فراغات تحتاج إلى استحداث آليات جديدة فيمكن. نحن ننظر إلى الأمر بأن يعالج أو لا نسمح للمرض أن يظهر وأن نقوي مناعة المجتمع حتى لا يفسد ولا يخطئ وإذا حدث من بعد ذلك فلنتعامل معه تعامل أن يزال المرض بآلياته.
} تقرير المراجع العام حدد مخالفات مالية وإدارية محددة فهل يمكن أن يساعد المؤتمر الوطني في إيصال المخالفين سريعاً للمحاكم كتأكيد للجدية في مكافحة الفساد؟
-قطعاً المؤتمر الوطني جاد جداً.
} (مقاطعة).. هل يمكن أن تلحق تلك الجدية بعمل؟
-المراجع العام هو واحد من آليات حكومة المؤتمر الوطني، وقبلها لم تكن هنالك مراجعة لميزانية الدولة لسنوات طويلة.
} (مقاطعة).. ولم يكن هنالك حديث عن الفساد بهذا المستوى؟
-لم تكن هنالك مراجعة حتى يكون هناك حديث، وكان ينبغي أن توجد المراجعة لنعلم حجم الفساد، والآن هنالك مراجعة، وتقرير المراجع العام أول من يطلع عليه هو البرلمان وهو الذي يرسل توصياته إلى مجلس الوزراء، والنظام في تعزيز هذه البنية هي تقوية المناعة ومن تقرير المراجع نعرف كيف نستطيع أن نقوي البنية في الآليات وفي اللوائح حتى لا نجعل هناك فرصاً لأي شكل من أشكال الاستغلال أو التردي الإداري، وإذا حدث فيصبح من السهل معرفته ومحاسبته، وإذا لم تكن أنت صادقاً فلن تجتهد كل هذا الاجتهاد، وكم حجم موارد الدولة الآن، وهي تعمل في مجال تمويل الحرب لتأمين البلاد وتمول تنمية في بلاد ممتدة وليس لنا أموال بهذه الوفرة تمكننا أن نفعل بها كل هذا، ولذلك تحدثنا عن تقوية القانون واللوائح وتفعيل الخدمة المدنية وعن إحساس العامل بهذا الضبط القوي لأنه من يسدد تلك الثغرات بصورة أكثر، ثم من بعد ذلك إذا ظهر فساد فلا أعتقد بأن الحكومة تحمي شخصاً مفسداً، ولماذا تحميه أصلاً وهي لديها قناعات فكرية ثم أن من يخطئ فرد حتى لو كان من عضويتها، وأي فرد معرض للخطأ حتى في عهد النبوة، ويضيرها إذا تسترت، وليس هناك حكومة عاقلة أو حزب بهذه الضخامة يتستر على عضو يمكن أن يفسده ويحمله نتيجة أخطائه، وليس مجبراً على أن يتحمل خطأ فرد.
} ثار جدل كثيف عن تهريب ملايين الدولارات الى الخارج وحقائب حملت أيام التظاهرات التي مضت. وكيف تستمعون إلى الحديث عن الفساد وعن أبناء المسؤولين؟
-قطعاً الآن في ظل وجود كثير من الوسائط لا تستطيع أن تحجر على شخص حديثه، ولكن هذه الحكومة حكومة القاعدة العريضة والتي سبقتها التي شارك فيها الجنوب، وكل هذه الحكومات كان المؤتمر الوطني يتحمل فيها كل تلك المسؤولية ويعمل في ظروف صعبة جداً، ولم يتعود المجتمع السوداني منه هروب أو تخوف أو تردد، ولذلك فوض المؤتمر الوطني ثقة بأن فيه الكثير من من يحمل هم هذا الوطن، وفيه الكثير من الشجاعة في اتخاذ القرارات ولا أقول إن كل من صوت للمؤتمر الوطني هو عضو ملتزم، وإنما الكثيرون منهم صوتوا لقناعتهم بأن المؤتمر الوطني هو الأكثر رشداً، بالتالي هو حزب يرتكز على مشروع أبعاده فكرية عقدية وشبابه تدافع واستشهد لأجلها فلا أظنه يهرب إذا حدث أي طارئ أو أي غاشية ولكن هنالك من يريد أن يحارب ويناكف المؤتمر الوطني بوسائل متعددة من ضمنها الاتهامات، وليس كل من يتهم فيه أصل أو صحة.
} المعارضة ظلت تقول إن المؤتمر الوطني يستقوى بآليات الدولة ويستفيد من ذلك لإضعاف معارضيه، والبعض داخل المؤتمر الوطني ظل يتحدث عن ضرورة الفصل بين الحزب والحكومة؟
-المؤتمر الوطني بتطوره الفكري الموروث مبني على أن يكون المجتمع هو القائد وعلى أن يوطد قناعاته الفكرية في المجتمع أكثر من آليات الحكومة. وآليات الحكومة محدودة ويمكن أن تكون اليوم لك وغداً عليك، وبالتالي المجتمع هو الأبقى وهو الذي يأتي بالحكومة وهو الذي ينزع المشروعية منها، والمؤتمر الوطني لم يراهن في يوم من الأيام إلا على المجتمع، ولم يبنِ مشروعه الفكري والوطني إلا على المجتمع وعلى التوطين في المجتمع، ولذلك المؤتمر الوطني أكثر فهماً من أن يحصر كل إرثه التاريخي ومشروعه الضخم وقناعاته الفكرية ويجعل أولويته فقط الحكومة، وهذا غير وارد وما كانت هذه العضوية وهذا الانتشار من آليات الحكومة.
} بعد تقييمكم للأداء خلال ربع قرن هل أنتم راضون عن مسار المشروع وعن ما قدمتموه عبر الحكومة؟
– نحن طرحنا مشروعا فكرياً واضحاً واجتهدنا فيه ولم نبخل فيه بجهد أو بفكر أو عرق، وأصبنا نجاحات وشابنا بعض الإخفاق لأننا جميعا بشر ولسنا ملائكة، والرضا من أجل تحفيز العمل والشكر ولا نقول من أجل البطر وأن ما فعلناه هو الحق المطلق، ونحن نجتهد وكل تحدي يكسبنا مزيداً من القوة والاجتهاد، وعضوية المؤتمر تفعل ذلك من أجل الدين والوطن والفكر ولذلك هي تعطي فيه عطاء خالصاً وصادقاً وإذا أصابوا فلهم أجران وإذا أخطأوا فلهم أجر نسأل الله أن يكون مبنياً على النية الخالصة.
} قد يقول البعض إن برلمان الحزب الواحد لا يمكنه من الرقابة على ذات الحزب في الجهاز التنفيذي. ماذا وضعت وثيقة الإصلاح لمعالجة ذلك؟
-أتمنى في البرلمان القادم مزيداً من التعدد، وهذا البرلمان كان فيه الكثير من الأحزاب ولكن بعد الانفصال قلت، وأتمنى في البرلمانات القادمة أن تتعدد الرؤى الفكرية لأنها تقوي القرار وأيضا تقوي الأحزاب في بعضها البعض، ومفهوم الرقابة ليس القصد منه مراقبة فقط عورات الآخرين وإنما أن أصوب وأسدد الرأي حتى يكون الأداء لمصلحة الدولة والمجلس الوطني ينظر في هذا الأمر وليس من مصلحته ولا من مصلحة حزبه أن يغض الطرف عن أداء يصب في إضعاف الأداء لأن ذلك يصب في خانة إضرار حزبه، ولذلك مفهوم الرقابة يقوم على أن نكون رقباء على الجهاز التنفيذي ومواقع الخطأ نقول فيها أخطأنا، والتغيير في أنه وبعد النظام الفيدرالي فقد أصبحت قضايا الخدمات خاصة والتي تثار يومياً هي من قضايا المجالس التشريعية اليومية، وأصبح المجلس الوطني مهامه قومية.
} مقاطعة.. وكذلك الثروة في البلد قومية والولاية تفتقر إلى الكثير من الخدمات وكثرة المشاكل بين المركز والولايات حول الإيرادات والمدفوعات؟
-الموارد جلها في الولايات ولكن ما زالت كامنة، وأتمنى أن تفجر ويستفاد منها، والمركز في النهاية ينبغي أن تكون ثروته محدودة وأن تأتي له من حركة الولايات الفاعلة وليس له مشروعات خاصة به أو استثمار خاص به، وأرض التنفيذ لأي مشروع هي الولايات، والنظام الفيدرالي يجعل من مستويات الرقابة والتشريع متعددة وبالتالي لا يصبح من السابق على النائب أن يكون مسؤولاً عن جزء من الخدمات، وأقول كلما كان هناك مزيد من الأحزاب في المجالس كلما أدى ذلك إلى حيوية وقوة الجهاز التنفيذي.
} الكثيرون يقولون إن البرلمان يدار من المؤتمر الوطني وأن الكثير من القضايا التي علا فيها صوت النواب خفت بعد استدعائهم إلى دار الحزب. ماذا تقولين في ذلك؟
-لا.. لا هنالك فرق. أعضاء المجلس الوطني صحيح أنهم أعضاء في المؤتمر الوطني، وهذه العضوية في ما يلي السياسات ولكن لا تلي التنفيذ أو رأي العضو، ولا يحجر رأي العضو في موضوع من الموضوعات، وهذا لا يتدخل فيه المؤتمر الوطني بأي صورة من الصور والحزب يتحدث عن القضايا  العامة وعن فاعلية أعضائه وعن أدوارهم على مستوى السودان وعلى مستوى مجالسهم ويتحدث عن تأهيلهم ومن بعد ذلك بعض المهام الأخرى التي هي من صميم مهام الحزب، أما العضو داخل البرلمان فهو مسؤول أن يكون البرلمان ناجحاً مثلما عضو الدولة مسؤول من أداء مهامه التنفيذية بنجاح ومثلهما مثل أي عضو في أي موقع ينبغي أن يسد ثغرته بنجاح وإذا لم يتم سد تلك الثغرة سيؤتى الحزب منها.
} هل يمكن أن يتبنى المؤتمر الوطني أو الحكومة اتجاها لدعم الأحزاب السياسية حتى تقوى وتكون أكثر فاعلية في الأداء الرقابي أو التنفيذي أو في الجوانب السياسية؟
المؤتمر الوطني مستعد، بل المؤتمر الوطني على قناعة، وإذا أردت أن تكون قوياً فلابد أن تكون قوياً بين أقوياء.
} ماذا وضعت وثيقة الإصلاح لمعالجة الضائقة المعيشية وقضايا الفقر تفصيلا وليس المبدأ الذي طرح للحوار مع الآخرين؟
-افتكر أن الأفكار التي بنيت عليها مهمة جداً، وقامت على إخراج المجتمع من الفقر وليس الأفراد.
} (مقاطعة).. وما هي الكيفية التي يخرج بها المجتمع من الفقر؟
-تعزيز الطبقة الوسطى والقطاع الأوسط الحر، وهذا معناه الإنتاج ودعمه على المستوى المحلي والولائي في دعم صغار المنتجين، وهذا معناه تدريب وتفعيل واستحداث وسائل التسويق لمنتجات صغار المزارعين والرعاة والصناعات الصغيرة وتطوير البنوك وسياسات التمويل لتخدم هذه الحرف والطبقات الوسطى، ويعني ذلك تحرك سياسات الاقتصاد الكلية لتدعم هذا النوع من الاقتصاد. اقتصاد الأفراد والصناعات الصغيرة والقطاعات الفاعلة التي تحرك إمكانيات المجتمع وتصب في أن نجعل المواطن السوداني منتجاً ونجعل من حرفته حرفة تساهم في تحسين الدعم له والمساعدة في الاقتصاد القومي.
} هل يعني ذلك أن الحكومة ستغير وجهتها من النظام الاقتصادي الرأسمالي إلى أي شكل آخر؟
-لا والعالم كله الآن يتجه الى هذا النظام الحر الذي يحرك المجتمع والإسلام مبني على أن يجتهد الفرد ويمتلك إمكانياته أكثر من أن يكون أجيراً عن الغير، وهي تعمل على تفكيك العوائق التي تحول دون أن يكون المنتج الصغير صاحب إمكانيات وأن يذهب إلى الأمام.
} ذكرتم في وثيقة الإصلاح أنكم منفتحون في علاقاتكم الخارجية. هل يعني ذلك التراجع عن العلاقة مع إيران تحديدا، وماذا قصدتم بمفردة الانفتاح في العلاقات الخارجية؟
-نفتكر أن جزءاً من أزمات السودان ناتجة من الخارج. جزء منها وليس كلها، والمجتمعات تقاربت في الكثير من الدول، والسودان بنى سياساته على التصالح مع الجميع وعدم التدخل في شئون جميع الدول سواء الجوار أو غيرها، وان تحترم إرادته وأن لا يتدخل في سياساته الداخلية، ونجح في جواره بصورة ممتازة، وبعد اكتمال الإجراءات مع الجنوب يكون كل الجوار وفي المحيط الأفريقي العلاقات متقدمة جداً وفي محيطه العربي والإسلام أيضاً متقدمة ولا أقول لديه سياسات غير متوازنة والسودان سياساته واضحة ولم يمل حتى في آرائه السابقة لطرف مقابل طرف وإنما كان يعمل بمبدأ معين، ولا أعتقد أن علاقاته الآن فيها ميلان لجهة أكثر من الأخرى، ووجود السودان في كل المنظمات العربية وجوداً قوياً وكذلك في الإسلامية والدعم للعلاقات العربية عبر مؤسساتها قوية جداً وأتمنى أن تقوم مبادرة الرئيس في الغذاء العربي وهي التي تجمع الشعوب العربية وتحرر الإرادة العربية في غذائها والسودان يستطيع أن يقدم في هذا بما لديه من موارد في أرضه والعالم العربي لديه الإمكانيات المادية التي يمكن أن تجعل قرار الأمة العربية قراراً حراً، وبقية الدول الإسلامية العلاقات بها مميزة والآن العلاقات حتى بين هذه الدول بعضها البعض تتجه نحو المزيد من التصالح.
} أين تجد الحكومة نفسها بين محوري أمريكا وإيران؟
-الآن إيران والولايات المتحدة في تقارب ولا أعتقد أن نوحل في أين نحن، وإنما نتعامل مع الجميع ونفتح فضاءنا في الحوار والعلاقات التي تفيد الشعوب وتجعل العلاقات مستقرة مع الولايات المتحدة ومع روسيا وإيران وكل الاتجاهات وهي تفعل ذلك وتتقارب ونحن موج.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية