أحلامي والفنان «عبد الوهاب الصادق» !!
} صحوت من النوم (مخلوع).. نظرت للساعة فوجدتها تسير إلى الثالثة والنصف صباحاً، وكنت قد نمت قبلها بساعة.. وسبب هلعي لا أعلم إن كانت أضغاث أحلام أم (هلاويس).. إن شاء الله خير!! ومعظم من جاءوا في منامي كانوا أحياء وأقارب أموات!!
} من أصدقائي الأحياء الذين شاهدتهم في المنام صديقي الفنان الكبير “عبد الوهاب الصادق” الذي ابتلاه الله بمرض أفقده القدرة على النطق، وبالتالي الغناء الذي هو حرفته.. جاء في منامي نضراً في ميعة صباه ليغني لي أغنيتي التي نظمتها ولحنتها له: (من بعدما فات الأوان.. الليلة جاي بتعتذر وترجع أيامنا الزمان؟! من وين أجيب ليك العمر؟!)، وغنى لي أغنيتي الثانية من ألحاني ونظمي: (لو حبايب زي ما بتقول.. كنت طيبت الخواطر وكان ظلام الهم يزول)!! إيه يا “عد الوهاب”!! معنى غنائك لي في منامي أنها رغبة كامنة في بؤرة شعوري وأمنية أن تتعافى من علة عدم قدرتك على الكلام والغناء في الواقع المعاش، وتلك أمنية غالية وليست مستحيلة على الخالق الكريم الذي بيده كل شيء وهو القادر على كل شيء.. وفي يقظتي تذكرت تلك الأمسية التي جاءتك فيها الجلطة.. كان مساءً حزيناً اجتمعنا فيه بمستشفى السلاح الطبي.. عندها استقرت الجلطة في عصب مخك الذي يحدث القدرة على النطق.. وأذكر بعدها أن أخي وصديقي “صلاح أحمد إدريس” بادر – كما هو مبادر في العديد من المبادرات في سراء وضراء من يعرفهم ولا يعرفهم – وتكفل بنفقات سفرك وزوجتك للمملكة العربية السعودية، وكنا نترقب مجيئك معافى لتملأ دنيانا غناءً جميلاً، وبعد طول انتظار عدت لتسمعنا عبارة: (الحمد لله.. الله!!) وبكيت يومها بكاءً مراً وحمدت لك أنك صابر على الابتلاء حتى الآن.
} الأطباء أفتوا أن إجراء عملية لمخك لإصلاح عصب النطق خطيرة العواقب.. وللمرة الثانية تكفل الصديق “صلاح إدريس” بنفقات سفرك لمصر لتعود حامداً لله وشاكراً له الابتلاء!! والغريب أن الأطباء قالوا إن العلة تكمن في بقعة دم متناهية الصغر هي التي عطلت عصب النطق، وقد تنزاح تلقائياً فيعود لك النطق!! أسأل الله لك العمر المديد ويبارك لك في أهلك وذريتك، فمجيئك في منامي علامة خير بإذن الله.. فأنت إنسان جميل قلباً وقالباً، وأحمل لك من الحب الكثير، ولن أنسى لك مواقف كثيرة إن ذكرتها لقرائي لملأت هذه الصحيفة..
} أذكر لك أنك زرتني في مكتب ضرائب أم درمان لتخبرني بأنك سجلت للإذاعة السودانية أغنية (من بعد ما فات الأوان)، وأخطرتني بالذهاب إلى خزينة الإذاعة لأستلم المكافحة المالية، وهناك علمت أنكم أثبتم حقي الأدبي كملحن وشاعر للأغنية.. وعشرات المرات أقمت فيها حفلات خيرية.. وتنازلت عن أجرك في العديد من حفلات الفقراء في مناسبات أفراحهم.. ونثرت (حبايبي الحلوين أهلاً جوني.. أنا ما قايل حلوين زي ديل بيزوروني) رائعة الشاعر الملحن المرحوم “محمود فلاح”.. وأبكيت العشاق برائعة صديقي الشاعر “مكاوي” – حفظه الله: (ست الريد بقت نساية.. ذي ما الدنيا لي قساية) وشدوت في العتاب: (بعد ده كلو كمان بتبكي؟! ما كفاية الشفتو منك والله أكتر من ببكي)!! وقطعاً كنت متميزاً في أسلوب غنائك في مدرسة ما يعرف بالغناء الشعبي السوداني، ومثلما اختط الفنان الكبير الراحل “محمد أحمد عوض” طريقاً في هذه المدرسة وضعت أرجلك على طريق آخر موازٍ لطريق “محمد أحمد عوض”..
} حلمت بك البارحة – إن شاء الله خير – وزوجتي أيضاً تحلم في منامها وتنزعج جداً إذا حلمت بـ (اللحم) لأنه مقرون مباشرة برحيل عزيز.. هكذا فسرت حلمها باللحم.. وهنالك حلم حيرني – يا دكتور “علي بلدو” – تكرر كثيراً.. (بقيت أحلم بي سرقة سيارتي)!! أدخل محل.. وأخرج (ألقى عربتي مافي)!! إذن نحن في هذه الفانية هنالك أمور كثيرة لم نسبر غورها، والأحلام والكوابيس من هذا القبيل.
} لا تفرط في الأكل وبالتحديد وأنت ماضٍ للسير للنوم.. والنوم موت!! إذن هنالك ارتباط شرطي، فإن أقبلت للنوم وبطنك متخمة بالطعام، ستأتيك الكوابيس.. حدث لي ذلك مرات عديدة، إذ أرى نفسي ساقطاً في بئر أو هاوية سحيقة من أعلى قمة جبل.. وقبل أن أصل السفح أو القاع أصحو مذعورا!! بسم الله الرحمن الرحيم.. قبل أيام جاءت في الحلم والدتي يرحمها الله لزوجتي، لم تتحدث معها لكنها كانت بصحبة شقيقتها (خالتي) – لهما الرحمة – والمشهد حديقة غناء ومياه واخضرار مد البصر ونهر جار بالقرب منهما.. وأنا لا أفسر أحلام، لكنني قلت لزوجتي حينما سألتني تفسيراً لرؤيتها، قلت لها أحسب أن أمي وشقيقتها في حرز أمين طيب في عالمهما الآخر بإذن الله. ترى هل اللا شعور لزوجتي يريد أن يشبع رغبتها في كونها تتمنى لهما الجنة في آخرتهما؟! وأن تفسيري لرؤيتها وجد نفس رغبتها في كوني أريد لهما الجنة مستقراً ومقاماً؟!
} كذلك لاحظت في أحلامي أنني إذا كسلت من أداء صلاة العشاء لرهق أو وسواس شيطان، تأتيني كوابيس ولا أنام قرير العين وتأتيني ثعابين ومخلوقات تخنقني، فأهب والعرق يتصبب مني ولو في عز الشتاء!! وأذكر أنني حينما (طلعت) حمى الملاريا في مخي، عالجني صديقي وأخي د. “عمر محمود خالد” وأخذني إلى عيادته أخي وصديقي اللواء الركن الشاعر “أبو قرون عبد الله أبو قرون” وظللت أهذي لمدة ثلاثة أيام بأحاديث غريبة وبنبرات وجمل واضحة.. وحينما أفقت لم أتذكر جملة واحدة مما تفوهت به، ليتهم سجلوا لي تلك الأحاديث لأذهب بها لصديقي د. “علي بلدو” ليفك طلاسمها!! مثلاً قالوا إنني شتمت جاري وأمرت زوجتي ببناء غرفة لأمه لأن غرفتها كانت آيلة للسقوط فعلاً!! وقالوا إنني نفحت زوجتي مالاً لتشتري عربة بلون أحمر (زاهي)!! وأنني كنت كريماً وأغدقت العطاء لأهلي ذات اليمين وذات اليسار!!
} هل ترى هي رغبات لم أحققها في الواقع مخبوءة في عقلي وحققتها في التداعي العقلي الكامن في بؤرة الشعور؟!
} وتبقى الروح والأحلام وما تجيش به النفس البشرية مجالاً خصباً للدراسة لسبر أغوار الإنسان.. وحقق الله أحلامكم.