"المرضي" و"سوار"..!!
توقفت كثيراً أمام ظاهرة بدت لي وكأنها عملية قتل وتشويه متعمد لبعض الأشخاص، وبمنهجية تبدو فيها فرضيات الاغتيال المعنوي أوضح عما سواها من خيارات. وأقول هذا وأمامي يشخص العضو المنتدب لشركة (كنانة) “محمد المرضي التيجاني” والأخ السفير “حاج ماجد سوار”، فالأول تحول فجأة من علم من أعلام صناعة السكر إلى مطارد ومطلوب على صفحات الصحف ورواة الأخبار لدرجة القول إن وزير الصناعة قد قاد بنفسه فريق تفتيش المراجعة المالية للشركة، وإن أمراً بالقبض قد صدر بحق الرجل! وأما “حاج ماجد” فقد زعموا أن السلطات استدعته إلى غرف الاستنطاق والتحري حول أموال بطولة أفريقيا للأمم للمحليين الـ(شان) حول مخالفات مالية!!
طريقة العرض والتداول وبكل شفافية وأمانة بها خلل وابتسار متعمد للوقائع. ففي حين يتم تضخيم وتهويل المساءلة التي قد تكون إجراءً لا يعني بالضرورة أن صاحبه مدان أو فاسد، لكنها تخرج للرأي العام خلقاً آخر، حيث يتم عرض رواية إثارة بوليسية يتعاظم أثرها ونطاق تداولها من قصة مقتطعة إلى رواية كاملة يضيف إليها الناقلون في كل مرحلة فقرة أو فقرتين. ولهذا لم أتعجب حينما أشاع البعض أن أحد المسؤولين قد استدعي إلى القصر الجمهوري، وأنه نال (لكمة) من المسؤول الكبير! أتصدقون هذا؟!
الصحافة تحديداً ولكونها (مصدراً) مهماً في مثل هذه المسائل، يجب عليها تحري العرض وتجنب الانخراط في شبهة كونها أداة عن طرف أو جهة في عملية (الحرق) الذي أشم رائحة دخانه في مثلي “سوار” و”المرضي”، لأنه وقياساً على تفاصيل ووقائع موضوعهما فإن الضجة المثارة حولهما تبدو وكأنها مصطنعة، وهنا تكمن المشكلة بخلل مهني مريع حينما يتحول الصحفي إلى طرف في نزاع أو يكون موظفاً في منشط لقدح النار أسفل مؤخرة مدفع يجهز لقصف أحدهم، فحينها يمكن تهويل الصغير واستغلال منهجية تعتيم الواقعة وإلباسها الغموض وإبراز الجوانب الإجرائية فيها، وكأنها أحكام نهائية بالإدانة، ونحن في مجتمع يلتقط عادة ربع الحديث ويأخذ بالرواية الأولى صحت أم لم تصح، كذبت أم تحرت الأمانة!!
مشكلة “محمد المرضي التيجاني” كان يمكن أن يتم التعامل معها بكل تقدير لمكانة الشركة والشركاء فيها، ولم يكن وزير الصناعة ليحتاج– إن صح ذلك– أن يقود وفد المراجعة بتلك الصورة الدرامية التي نشرت بالصحف.. سكرتارية الوزير المحترم كان يمكن أن تستدعي “المرضي” إلى مكتب وزير الصناعة في أي وقت ولأية مسألة، فهو الوزير المسؤول عن (كنانة) وأخواتها.. وأما في قضية “حاج ماجد” فإن أي مشجع قابع بإحدى زوايا دار الرياضة يعلم أن البطولات والمنافسات الرياضية لا تديرها (الوزارة) حتى يكون الوزير مطلوباً في أية قضية بشأنها.
الواقعتان في الـ(شان) و(كنانة) فصلتا وأخرجتا بشكل أقرب ما يكون إلى الاستهداف الشخصي وليس المصلحة العامة. والمرء يحزن لهذا، لأن شيوع هذه الثقافة مفسدة، ومفسدة عظيمة، لا تقل خطراً عن الفساد الذي صار طلبة البعض، وإن لم يجده صنع له المخيلات والقصص.