أخبار

الإصلاح الممل!!

هل بدأنا في الانتكاس والعودة إلى أيام الفشل والضعف وتردي الخدمات، أم ماذا هناك يا ترى؟ وتساؤلى هذا لا علاقة له بأي معاصرة للتطورات السياسية الحالية والتغيير وما أدراك ما التغيير، لكنه أمر أعبر به من خلال ملاحظة تمدد أزمة (الغاز) الذى صار سلعة نادرة، ورغم بروز أزمته وظهورها فإن الوكلاء والحكومة التزموا الصمت، وسط حيرة المواطن الذى صار في دهشة وسط ما يجري.
في أم درمان (الثورة) اضطرت إدارات المدارس أو بعضها أمس إلى إرسال التلاميذ إلى منازلهم لأن المنطقة (تحديداً الحارة الأولى) تشهد انقطاعاً كاملاً لخدمات (المياه) لمدة يومين، حتى لم يبق لبعض السكان إلا (التيمم) لأداء صلواتهم، وصمت كامل من الجهة المقدمة للخدمة التي ستضطر للحديث إن اتصل الأمر وثار القوم غداً أو بعده وحولوا المشكلة إلى قضية أمن قومي إن سدوا الطرقات وقذفوا بالحجارة. هذا بخلاف معاناة المنطقة من حشود البعوض الطائر وبشكل مزعج يجعلك تظن أن بعض تلك الأحياء فى وسط الغابات الاستوائية. ولو أن هناك جدية وهمة واهتماماً من السلطات المحلية المعنية ببرامج الصحة بشن حملة إبادة وعمليات رش وتجفيف أرضي للمياه بوسط الأحياء، لم يكن الباعوض لينتشر. ولو أن السلطات ومثلما تجتهد في المواقف وحملات الجبايات اجتهدت في معالجة الأمر، ولو بعون المواطنين أنفسهم، لتفاءلنا خيراً، ولكن لا أحد يفعل شيئاً! وصار الناس في حرب يومية تبدأ معاركها واشتباكاتها منذ الرابعة عصراً إلى أذان الفجر الأول، حيث يتحلق الكبار حول الصغار لحمايتهم بتحريك المراوح وأي أدوات أخرى طاردة للباعوض.
أضعف الإيمان تكثيف برامج رش المياه الآسنة فى الشوارع والدخول إلى المنازل ومحاولة رش بعض الزوايا فيها، لكن لا أحد يزور أحداً، ولا يخرج عامل بطلمبة رش، وهؤلاء نراهم عادة في الصور والوسائل التعليمية أو في المعارض، لكنهم في أرض الواقع لا يوجدون إلا يوم صرف المرتبات والحوافز! أو فى مرات متباعدة تحس معها أن العامل مكره على مهمته ويؤديها من باب أداء الواجب الثقيل.
الحكومة تحفر قبرها بيدها بإهمال مثل تلك الأشياء والمنغصات التي سيصر البعض على اعتبارها (لمماً) غير مؤذ، لكنه سيكون مؤذياً للغاية ومؤلماً، وقد مللنا تركيز الحديث في الإصلاح على الجانب السياسي وبكثافة أفقدت هذا الحديث أي مدلولات مبشرة، فالمواطن يهمه أن يرى تحسناً في الخدمات، وأن الحكومة بمقاماتها المختلفة والسامية تخدمه، ولهذا ليت الحديث عن الوثبة وغيرها يسترشد بالنزول إلى القواعد في مستويات الحكم الدنيا والجهاز التنفيذي الأدنى، حيث المحليات، لمعرفة شكل تطور الخدمات وماذا تقدم وكيف، وإلا فإن كل الحديث المندلق سيكون ترفاً وجدلاً نخبوياً لا يتابعه المواطنون إلا من باب سد الفضول والوقت، إذ أن لهم قضايا أخرى تمثل وزناً لهم أكبر من (هل شارك “معيط” في الحكومة أو خرج مغاضباً)!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية