الخروج من الجيوب!!
} أقر مجلس إدارة نادي الهلال في اجتماعه الأخير (إخراج) نادي الهلال من جيوب الأفراد وعباءة الأقطاب إلى فضاء شعب الهلال العريض الفقير الكادح إلى ربه كدحاً حتى يلاقيه، وذلك بتوسعة مظلة الداعمين و(فك) احتكارية النادي لفئة قليلة من التجار والرأسمالية التي تتحالف في الغالب مع السلطات، مهما كانت وجهتها ولونها وموقعها من الإعراب السياسي. قرار مجلس إدارة نادي الهلال قضى بطرح استثمارات لمشجعي الهلال ومحبيه وإصدار بطاقات بأسماء الداعمين للنادي بما يملكون، لا تكون حصرياً على ما يسمى بالأقطاب القادرين على دفع المائة مليون والمليار من الجنيهات، وإنما تتجه إلى الطبقة الوسطى من رجال الأعمال القادرين على دفع ألف جنيه فقط في الشهر، ومثلهم موظفو الشركات والقطاع الخاص، ومن ثم الفئات القادرة على دفع مائة جنيه في الشهر، ثم القادرة على دفع عشرة جنيهات في الشهر، وأخيراً غالب سكان البلاد ومشجعي الهلال من الطبقات الفقيرة التي لن تبخل بالجنيه الواحد في الشهر من أجل معشوقها ومحبوبها.. وكل هؤلاء في محراب الهلال متساوون في الحقوق.. ينالون بطاقة انتماء للكيان ويحق لهم التعبير عن آرائهم داخل أسوار النادي وخارجها.. لأنهم أصحاب الهلال الحقيقيون وصناع مجده وتاريخه ومستقبله..
} لقد ظل الهلال يقبع في جيوب الأفراد لزمان طويل، يجودون عليه بالمال و(يحتكرون) قراره ويقررون في مصيره، والأغلبية التي تشجع وتمنح الفريق الحافز للعطاء بلا حقوق، بينما تؤدي واجبها بتفانٍ وإخلاص. وتسيطر على القرار في الهلال تاريخياً نخبة صغيرة من الرأسمالية المرتبطة بالسلطة، بينما شعب الهلال الحقيقي يقف في الرصيف يدعم بدخل المباريات وتذهب أموال الهلال لجيوب الخاصة، حتى (أفلس) النادي وغرق في الديون الخارجية والداخلية، وأمسكت السلطة عنه مالها وأنفقت على غريمه المريخ ملايين الدولارات.. حتى جاء مجلس المهندس “الحاج عطا المنان” الذي وضع الآن أساساً لنادي يعتمد على جماهيره لا جيوب الأفراد ولا خزائن الحكومة، واستقطاب الدعم المالي من القاعدة العريضة بدأ باستمارات محدودة لقطاع وفئات وسطية ليست من أهل الثروة الطائلة ولا الرأسمالية التي تدفع باليمين وتأخذ بالشمال، وتمتد الفكرة للجماهير العريضة من الطلاب والعمال والمزارعين والجنود النظاميين، لأن هؤلاء هم أصحاب الهلال الحقيقيون.. ولكن الفريق (نهبوه) وسطوا عليه في غسق الليل.. وأصبح الهلال تحت رحمة حفنة من رجال المال، وليت إنفاقهم على الهلال كان حباً في الفريق وعشقاً للشعار الخالد.. بل كانوا يستخدمون الهلال مطية لتجارتهم.. ينفقون على أنفسهم في رحلاتهم وتسجيلات لاعبي النادي، و(يقيدون) ما يدفعونه (ديناً) على الهلال واجب السداد.. وقد هرعوا بالأمس مقبلين على لجنة التسيير يمدون الأيدي والأوراق طلباً لسداد أموال لا يعرف على أية وجهة أنفقت!!
} إن الخطوة التي أقبل عليها مجلس إدارة نادي الهلال تمثل أولى مراحل الانعتاق من جيوب الأفراد وسيطرة النخبة المالية المتحالفة مع السلطة، إلى سلطة الجماهير الحقيقية، ليصبح الهلال نادياً يعتمد على نفسه ومشجعيه وأقطابه، ومشوار الميل يبدأ بالخطوة الأولى.