من المسؤول عن ( حماية إنتاجنا المحلي )؟
قبيل ما أبدأ في كتابة هذه المساحة وددت لتذكيركم بثمة أشياء لازالت عالقة بالذهن … تتذكرون موسم( 1990ـ 1991م) الذي حدثت فيه وفرة في مختلف المحاصيل الزراعية وعلى رأسها محصول القمح. وبلغت آنذاك إنتاجية الفدان الواحد (32) جوالاً وذلك بعد أن وجهت البنوك لتوفير التمويل للزراعة بعد أن فقدنا قوتنا وأصبحنا في انتظار البواخر التي تأتى محملة بالقمح وبقية الحبوب الأخرى.
هكذا كان وضعنا الاقتصادي ولكن بعد الموسم المذكور أعلاه فقد احتفلنا بهذا الإنتاج الوفير وحققنا الاكتفاء الذاتي من القمح ومزقنا فاتورة الاستيراد، وغنى المغني بالكلمات التي كتبها الشاعر العملاق «محمد عبد الحليم»
شعارنا العالي بنرفع
والعالم كلو بيسمع
فلنأكل مما نزرع
ونلبس مما نصنع
هذا الموسم (1990مـ 1991م) أكد أننا قادرون لصنع المعجزات ولكن !!!!!
جاء الذي يلي موسم الإنتاج الوفير بإنتاج متدني تراجعنا فيه بدرجات كبيرة جداً …أتدرون لماذا ؟؟؟
أحدثكم الآن فالإنتاج الوفير كان يجب أن توضع خطة متزامنة معه للتسويق الجيد وفتح منافذ للصادر، وذلك حتى نستطيع حماية المنتج والذي هو بالمقابل يطمئن للمزيد من الإنتاج خاصة وأنه قد عرف تماماً أن هنالك من يحميه ويقف بجانبه ولكن !!!!
الموسم جاء وأحجم معظم المزارعين عن الزراعة بل وتقلصت المساحات المزروعة، والسبب كما أشرت عدم التسويق والكساد الذي أدى إلى أن يبيع المزارع إنتاجه بأقل من سعر التكلفة بكثير. ومن ذلك الحين ونحن ماشين للوراء في الزراعة إلى أن جاء النفط وأهملنا بالكامل الزراعة، وبعد أن ذهب جل النفط مع الانفصال لم نستطع حتى هذه اللحظة إرجاع الزراعة إلى موسم الإنتاج الوفير.
فحماية المنتج والإنتاج المحلي مهمة للغاية وذلك إذا أردنا إنتاجاً مستمراً، ولكن أن ننتج إنتاجاً وفيراً وعقبات كثيرة تقف أمام تسويقه مثلاً، فهذا بالطبع يؤدي إلى إخلال العملية الإنتاجية ويؤدي إلى الإصابة بالإحباط وعدم الرغبة في التوسع الإنتاجي طالما أننا ننتج وإنتاجنا لم يجد منافذ التسويق.
فالوفرة نعم تؤدي إلى انخفاض الأسعار ولكن في نفس الوقت يجب أن نوفر الحماية اللازمة لصناعتنا وإنتاجنا المحلي.
أقول هذا وفي الخاطر مصانعنا توقفت بسبب الوارد والذي أقل جودة ولكنه دخل الأسواق ويباع بأقل الأسعار …اتجه المواطنون إليه بالرغم من جودته وكفاءته التي تعتبر أقل مقارنة بالمستورد.
الآن مصانع السكر تعاني من عدم تسويق إنتاجها بعد أن غزا الأسواق السكر المستورد والذي يدخل بدون رسوم عليه، ويباع بأقل الأسعار بالرغم من أنه اقل جودة من سكرنا.
كنانة أنتجت الآلاف من الأطنان وكذا سكر النيل الأبيض ومصانع شركة السكر السودانية ( الجنيد وعسلاية وسنار وحلفا) أنتجت واحتفلت ببداية موسمها، ولكن إنتاجها بالأسواق مع سكر آخر أقل جودة.
ننحن نتكلم عن ضرورة زيادة الإنتاج وفي نفس الوقت لم نحمِ الإنتاج المحلى.
فهذا الواقع سينعكس بلا شك في الإنتاج المقبل وعدم الشروع في تحقيق خطة السكر عبر منظومة السكر الكبرى، والتي كانت قد أعلنت في اجتماع مجلس الوزراء بكنانة.
الآن بدأنا في تنفيذ هذه المنظومة بعد أن دخل سكر النيل الأبيض وقريباً جداً مصانع أخرى على رأسها (الرديس) جنوب النيل الأبيض… نخطط لإنتاج أكثر من ( 10 ) ملايين طن من السكر.
أين سيتم تسويق هذه الكميات والسوق المحلي مليء بأنواع مختلفة من السكر وأقل جودة ؟؟؟
الله وحده المستعان