في هذا الزمان من يصنع للبلاد أغانيها؟!
} حكيم الهند وشاعرها المناضل «طاقور» عقب استقلال بلاده من قبضة الاستعمار الإنجليزي، أطلق مقولته الشهيرة (دعوني أصنع للبلاد أغانيها ولا يهم من يصنع لها قوانينها).
} وقد سار على طريق «طاقور» الهند العديد من مبدعي بلادي.. شعراء ومطربون، قريحتهم وحناجرهم جادت بالعديد من الأهازيج المبدعة التي طالبت بخروج المستعمر، وشحذت همم الشعب وحثته للمضي قدماً في طريق الاستقلال، حتى نالت البلاد حريتها وعزها ومجدها لتلحق ببقية الشعوب التي ناضلت في سبيل الانعتاق من أسر المستعمر على أيدي المناضلين والشهداء، الذين بذلوا دماءهم من أجل أن تحيا بلادهم عزيزة وشامخة.
} وقد اشتهر العديد من أهل الإبداع بالكلمة الرصينة المعبرة عن حال الأمة الحبيسة تحت سطوة الاستعمار البغيض، ثم وهي متطلعة لغد الانفكاك والانعتاق، ثم بعد ذلك حصولها على الاستقلال والحرية التي ترنو إليها نحو مستقبل مشرق للأمة السودانية. وقد تحقق لها ما أرادت بفضل جهادها وقوة إرادتها.
} ومن أولئك الذين صنعوا اللبنة الأولى للغناء للبلاد وأهلها، الشاعر الصاغ «محمود أبو بكر» صاحب أنشودة (صه يا كنار وضع يمينك في يدي) التي مثلت إلياذة للعزة والشموخ، كما مثلت (لن أحيد) للشاعر «محيي الدين فارس» دفعاً قوياً لروح الوطن، وبث من خلالها في دواخل الشعب عشقاً له وفخراً به.
} كذلك عبر «خليل فرح» بجميل نغمه وسهله الممتنع وهو يردد (نحنا ونحنا الشرف الباذخ) مما مثل دعوة صريحة هتف بها غير مبالٍ بضرورة خروج المستعمر، ثم جاءت أناشيد «العطبراوي» معبرة عن ما يختلج في النفوس، حيث صدح بـ(يا غريب يلا لي بلدك)، و(أنا سوداني أنا)، و(يا وطني العزيز يا أول وآخر) وغيرها من الملاحم الوطنية.
} ثم جاء الشاعر الفذ «محمد الفيتوري» والفنان الرقم «محمد عثمان وردي» وهما يتغنيان بتحف غنائية مثل (أصبح الصبح )، و(اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا)، معبرين بها عن سعادة أمتنا السودانية وانتصارها على المستعمر. وتمضي التحف الغنائية في حق الوطن لتصل العملاق «عثمان حسين» وهو يشدو (بلادي أنا)، ثم آخرين من مبدعي بلادي ساروا على هذا الطريق، وما زال الطريق ممهداً لجيل اليوم من أهل الإبداع ليمجدوا الوطن.
> وضوح أخير
} للأسف في هذا الزمان الأغبر الذي أضحى فيه الشعراء يركزون علي كتابة الأغاني الهابطة وانشغل المطربون الشباب بترديد أغنيات البنات، لا أظن ستصنع أو تخرج أغنيات تمجد الوطن وترفع من روح الوطنية في دواخلنا، لذلك سنظل نحتفظ ونحتفي بتلك التحف الغنائية الوطنية التي ورثناها من جيل العطاء الإبداعي الوطني والثوري.