أخبار

حرب البروف حميدة

يشن البروفسور “مامون حميدة” وزير الصحة بولاية الخرطوم هذه الأيام حملة ضارية ضد شركات التبغ والمدخنين، فعلى يومين متتاليين لا حصاد لبعض الصحف إلا مخرجات ورشة تفعيل قانون مكافحة التبغ فأمس الأول برز حديث القضاء عن غرامات وحبوس للمتعاطين وأمس أتى دور الإفتاء الذي جوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها المدخن، وحقيقة بدا لي وكأنما ثمة توظيف غير سليم لسماحة القضاء ومجالس الفتيا في قضية كان الأولى بها طرق أبواب حلول التوعية المكثفة لإقناع الناس دون استخدامات أخرى من شاكلة جر رجل قاض وشيخ مفتي في المسألة !
بدا وكأن (حميدة) يلعب على عاطفة الشعب الدينية وثقل أوزان آراء رجال الدين والفتيا في بعض المواقف والنزاعات كما وأنه فعل الأمر نفسه مع ممثل (القضاء) الذى خاطب الورشة وهو قاض بالخدمة رغم أن المنطق يقول إنه وحتى في حالة الحاجة للاستئناس بالرأي القانوني والتكييف الجزائي لمسألة التدخين فقد كان يكفي أن يشارك خبير قانوني في الأمر وهذا يكون عادة شخصاً مستقلاً ومحايداً وليس (موظفاً) ولكن يبدو أن وزير الصحة الخرطومي أراد بالورشة أن تصدر أحكامها وعقوباتها وهو رجل لا ينقصه الذكاء فقد خاض جولة أولى في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم وخسرها فأراد هذه المرة بدء الهجوم المعاكس باكراً وبقوة.
لو أن جانباً من مشروع المكافحة انصرف لحملات إعلامية ذكية وشعبية ومبسطة لعرض مضار التدخين والتبغ وهي مما لا يخفى أثره بالطبع لمضت المقاومة في وجهتها الصحيحة مع عدم إغفال جانب الطرح العقابي حال الضرورة والذي هنا يحتاج لتكييف لأن في دولتنا هذه وحسب إفادة مسؤول القضاء يجوز حبس وتغريم البائع والمتعاطي مثلاً في حين أنهما يستهلكان سلعة أنتجت في مصنع محلي للتبغ أو أتت مستوردة ودفعت عليها بالضرورة وفق تلك المراحل رسوم جمارك وإنتاج وزكاة وهي مؤسسات معلومة المكان والقيادات والشركاء فلو أن (البروف) و(مولانا) كانا جادين فعلى الأقل حري بهما التصويب إلى المكان المناسب عوضاً عن استهداف المواطن البسيط لمجرد أنه دخن سيجارة أو (حجر) شيشة وهذا الأخير صارت الشرطة تهدر فيه وقتاً كان حرياً بها أن توفره لكريهات أخرى.
أثمن حرص وزارة الصحة على حياة مواطنيها وسلامتهم ولكن في هذه القضية تحديداً أعتقد أن الأفضل استخدام سلاح الإقناع، وتطوير برامج وأفكار المكافحة بالإقلاع عن هذه العادة السيئة ولا أحبذ أية استخدامات أخرى لن تكسب الجميع إلا سخرية الرأي العام وتهكمه باعتبار أن القضية في بعض أبعادها (شخصية) بحتة، وأن ثمة إشكالات وقضايا و(بلاوي) أخرى بالبلد أحق بجهد القانونيين وأنفاس رجال الشرطة ومجهوداتهم مما لن يكون معه مفهوماً انغماسنا دائما في بعض الإشكالات وتحويلها إلى حدث له ضجيج لا يتناسب وأصل المسألة نفسها مقارنة بإشكالات أخرى تتطلب حلولا وإجراءات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية