رأي

البحث عن نغمة الوحدة

أتوقع أن يكون برنامج أحد الأحزاب السياسية في المرحلة القادمة إعادة توحيد السودان مرة أخرى، خاصة بعد أن ثبت أن الانفصال لم يكن في صالح الجنوب والشمال معاً.
هذه الحرب الأخيرة بين “رياك مشار” و”سلفاكير” أكدت الحاجة إلى طرف ثالث ليكون حاجزاً بين الفريقين. كما تأكد مرة أخرى أن الجنوب سيدخل دائرة المجاعة لو استمر على إصراره على الانفصال.
الجنوب بحاجة أولاً إلى تدريب كوادر قيادية في مختلف المجالات لقيادة العمل التنفيذي والسياسي والتعليمي في الجنوب. ولم يعد مجدياً دفن الرؤوس في الرمال والهروب من الحقيقة. الجنوب بحاجة إلى عشر سنوات على الأقل لإعداد جيل من الإداريين الأكفاء في مختلف التخصصات.
على الحزب الذي يدعو إلى إعادة توحيد السودان أن يكون مكوناً من مواطنين ينتمون للبلدين، كما كان الحال مع الذين دعوه للاتحاد مع مصر رغم أننا لم نكن أبداً دولة واحدة. وهناك آلاف الجنوبيين ينتمون للدولتين والكثير منهم يدين بالدين الإسلامي. وهناك آلاف أخرى تلقوا تعليمهم حتى المرحلة الجامعية في الشمال، ولاشك أنهم يحملون ذكريات طيبة عن الشمال الذي أواهم خلال الحرب وقدم لهم المساعدات الإنسانية. في كل مدرسة كان هناك مجموعة من الطلاب الجنوبيين يتلقون نفس التعليم الذي يتلقاه إخوانهم في الشمال يمكن أن يضم الحزب الجديد أمثال هؤلاء، ولا شيء يمنع إعطاءهم الجنسية المزدوجة، كما أن هناك فرصة لإعطائهم الجنسية والسماح لهم بالمشاركة في النشاط الرياضي. ولنبدأ بكرة القدم، فهذا سيكون في مصلحة الرياضة في الشمال والجنوب. وكلنا يعرف أن الإخوة في الجنوب متفوقون في كرة السلة والعدو والملاكمة وألعاب القوى عموماً.
في كل الأحوال لا ينبغي قطع الصلات بين أبناء الدولتين، ويتوجب قيام جمعيات مشتركة من أبناء البلدين ودورات مشتركة.
نريد من الحزب أن يكون واقعياً وألا يسرف في الأحلام ولا يستعجل الوحدة، بل يضع برنامجاً زمنياً على مراحل ويبدأ بإعادة اللقاءات بين أبناء الدفعة الواحدة والتوصل إلى نقاط مشتركة. وأن تتم دعوة أبناء الجنوب لزيارة مدن الشمال لأن الجيل الجديد تم إفهامه أن الشمال كان يستعمر الجنوب. واللقاءات المشتركة تؤدي إلى الإحساس بالتوحد وتزيل العقد.
مطلوب من هذا الحزب الدعوة إلى مؤتمرات من أبناء البلدين لمناقشة أي قضايا طارئة. وعلى الحزب أن ينافس في مقاعد البرلمان مثل غيره من الأحزاب. صحيح أنه في البداية لن يحظى بتأييد كبير ولكن مع مرور الزمن سيتقبله الناس في الدولتين، خاصة إذا مضت المناشط الأخرى كما خطط لها.
وهذا النشاط يتطلب إزالة العقد التي توتر العلاقات بين الدولتين، مثلاً يمكن لأبناء المسيرية دعوة أبناء الجنوب على الحدود المشتركة وتكوين اتحادات للعمل تتجاوز القبلية.
لا نتوقع تحقيق الوحدة الاندماجية فوراً ولكن شكل من أشكال الوحدة سيكون أساساً طيباً للبناء فوقه. وإذا نجح هذا الحزب في الحصول على موافقة الحكومتين على الجنسية المشتركة، سيكون قد قطع نصف المشوار والنصف الآخر يأتي عبر المؤسسات المدنية.
وليبدأ النشاط بلقاءات بين أبناء الدفعة في المراحل المختلفة، وكل واحد منا لديه أحد الأصدقاء رافقه في مقاعد الدراسة وله ذكريات طيبة معه. أنا مثلاً رافقني زميل كان وزيراً عندما كنت أدرس في دبلوم العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، وهذا الزميل لا شك سيكون سعيداً لو التقينا واستعدنا ذكريات تلك الفترة.
سؤال غير خبيث
ألا يمكن توحد الشعب من الدولتين حتى لو لم يتوحد البلدان؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية