في حوار الراهن لوكالة السودان للأنباء مع د. "سليمان عبد الرحمن" المفوض العام للعون الإنساني
تطورات الأوضاع على الأرض في دولة الجنوب وتلك التي أعقبت اجتماعات القمة الأفريقية الأخيرة بأديس أبابا وموقف السودان كجزء من منظومة الإيقاد دلفنا للحوار مع مفوض عام العون الإنساني د. “سليمان عبد الرحمن سليمان” لمعرفة حجم تدفقات لاجئي دولة جنوب السودان وحجم المساعدات التي قدمت لهم .
الحوار مع مفوض العون الإنساني تطرق إلى دوافع مفوضية العون الإنساني في تعليق خدمات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان، بجانب استعدادات السودان للدخول في المفاوضات القادمة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال في المسار الإنساني. وحمل المفوض العام الحركة فشل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المبادرة الثلاثية وتنفيذ حملة التطعيم ضد شلل الأطفال. وشدد على أهمية التفاوض مع الحركة في المحور الإنساني ضمن الملفات الأخرى للتفاوض السياسي والإنساني والأمني.
وقال د. “سليمان عبد الرحمن سليمان” إن تأمين المساعدات الإنسانية نفسها لا يمكن أن تتم دون مراعاة سلامة العاملين في الشأن الإنساني.
} هنالك حديث من اللجنة الدولية للصليب حول تعليق أنشطتها بالسودان نرجو توضيح ملابسات هذا التعليق؟
-بناءاً على موجهات الدولة للعمل الإنساني للعام 2013م بالإضافة إلى قانون العمل الطوعي للعام 2006م تمت مخاطبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر عدة مرات منذ العام الماضي للإيفاء بما يليها من التزامات تجاه الموجهات والقانون ومن ضمنها توقيع الاتفاقية القطرية المعدلة التي أعدتها وزارة الخارجية ومراجعة خطتهم السنوية 2013م مع الشريك الوطني (الهلال الأحمر السوداني) وكذلك للعام 2014م وتوقيع اتفاقية فنية مع المفوضية فيما يلي أنشطتهم الإنسانية إلا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تلتزم بما سبق حتى الآن، وعليه اشترطت مفوضية العون الإنساني أن تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر باستيفاء مطلوبات موجهات العمل الإنساني وقانون العمل الطوعي لكي تتمتع بخدمات مجمع الإجراءات الموحد لمفوضية العون الإنساني ولا زالت اللجنة الدولية تطلب التشاور والتفاوض مع الجهات الحكومية ذات الصلة (المفوضية، الخارجية) للوصول إلى صيغة مقبولة متفق عليها لمواصلة أنشطتها في السودان.
} أوضاع الجنوبيين الذين عبروا للسودان جراء تداعيات الأحداث هناك؟
لجأوا للسودان لأسباب معروفة منها أن السودان دار أمان وبلدهم الأم وتوجيه الرئيس “البشير” بأن يعاملوا كمواطنين للخصوصية التاريخية وتقديم كل عون ممكن ومساعد لهم.
تمت التدفقات عبر (3) ولايات حدودية هي غرب كردفان (90) فرداً في خرصان – كيلك، وجنوب كردفان 1239 فرداً في الليري وقريض وجديد، والنيل الأبيض (9,949) فرداً في كيلو 10 والمقينص بالبر الغربي والعلقاية بالبر الشرقي.
وإجمالي العدد الحالي يبلغ حوالي (11,078) تم استيعابهم وتقديم احتياجاتهم الإنسانية كافة من الأمن والغذاء والماء والإيواء والدواء والكساء عبر مراكز الاستقبال التي أعدت لهم .
} ما هو حجم التدخل الإنساني الذي تم حتى منذ اندلاع الأزمة في الجنوب؟
أرسلت الحكومة (2,000) طن ذرة عبر النقل النهري و (75) طناً مواد غذائية جواً إلى جوبا أما ما تم تقديمه للقادمين بالسودان (55) طناً غذاء من مفوضية العون الإنساني و5 أطنان ملابس و(25) طناً مواد غذائية من المنظمات الوطنية و( 152) طناً من برنامج الغذاء العالمي. وقدمت المفوضية السامية لشئون اللاجئين مواد إيواء لعدد (1500) أسرة كما قدم الهلال الأحمر السوداني مواد إيواء لعدد (1,000) أسرة و(450) خيمة و(2) عيادة متحركة و(2) محطة تنقية مياه وأدوية مختلفة، وقام مشروع المياه وإصحاح البيئة واليونسيف بالشراكة مع الهلال الأحمر بتوفير (600) أسلاب (مرحاض) وعدد (40) كرتونة كلور و( 30) خزان مياه سعتها (200) ألف لتر بجانب مساهمات مقدرة من المجتمعات المحلية وأهل الخير.
} كيف تم التعامل مع الجنوبيين القادمين للسودان؟
-التعامل استثنائي للخصوصية التاريخية وبناءً على توجيه السيد رئيس الجمهورية والوضع الاستثنائي لمواطني الجنوب وبعد تقديم احتياجاتهم الإنسانية سيتم تسجيلهم ومعرفة رغباتهم.
} لقاءاتكم بقيادة الدولة والأمم المتحدة ممثلة في “الزعتري” منسق الشئون الإنسانية بالسودان؟
-خلاصة اللقاءات تصب في كيفية التعامل مع الجنوبيين القادمين وكيفية توفير وإيصال المساعدات الإنسانية لهم وتنسيق دور الحكومة مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وتم الاتفاق على أن يكون تقديم المساعدات عبر الشركاء الوطنيين مثل الهلال الأحمر الذي يوزع مساهمات برنامج الغذاء العالمي في ولاية النيل الأبيض ومنظمة مبادرون في جنوب كردفان وتنمية جنوب الصحراء في غرب كردفان وهناك شركاء آخرين مثل المفوضية السامية لشئون اللاجئين واليونسيف والصحة العالمية، بجانب المنظمات الوطنية التي سيرت قوافل الدعم للمتضررين.
} ما هي استعدادات الحكومة والرؤية لجولة التفاوض القادمة وموعدها ؟
الحكومة تؤمن بالسلام كخيار استراتيجي وفي هذا الإطار تؤمن بمبدأ الحوار والتفاوض مع كل من يريد السلام. أما بالنسبة للمفاوضات مع الحركة الشعبية قطاع الشمال والتي كان من المفترض أن تتم في ديسمبر الماضي إلا أن وفاة “نيلسون مانديلا” وانفجار الأوضاع في جنوب السودان قد أدى إلى تأخيرها والحكومة جاهزة منذ ذلك الوقت لاستئناف التفاوض ومناقشة الملفات الثلاثة السياسي والأمني والإنساني كحزمة واحدة. ونحن من جانبنا في الملف الإنساني رؤيتنا واضحة وجاهزة ، وهي لا تنفصل عن الملف الأمني لأهمية أمن وسلامة العاملين في الشأن الإنساني بالإضافة الي تأمين المساعدات الإنسانية نفسها. ولا يمكن أن يتم ذلك في إطار ترتيبات أمنية شاملة. ولنا تجربتين المرة الأولى في المبادرة الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية) حيث تم التوقيع على اتفاق معهم لإيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين في مناطق تواجد التمرد ولكن عدم التزام الحركة كان سبباً في عدم تنفيذ الإتفاق والمرة الثانية لتنفيذ حملة التحصين القومي ضد شلل الأطفال وحيث أعلنت الحكومة وقف عدائيات من جانبها لمدة (12) يوماً من 1 إلى 12 نوفمبر الماضي، ولم تلتزم الحركة بذلك مما أدى الى حرمان كل الأطفال في مناطق تواجد التمرد من التطعيم.
} وفق هذه المعطيات ما هي رؤيتكم في التعامل مع الحركة في جولة المفاوضات القادمة ؟
-إيقاف الحرب نهائياً ومخاطبة جذور المشكلة ووضع الحلول الدائمة وعليه تتم مناقشة الملفات الثلاثة (الأمني + السياسي + الإنساني) كحزمة واحدة وليست كما تصرح قيادة الحركة الشعبية بأنه لابد من فصل المسار الإنساني عن بقية الملفات ؟
} ما هي دوافع الحكومة من التفاوض في الملفات الثلاثة كحزمة واحدة ؟
-تجاربنا السابقة في المبادرة الثلاثية وحملة التحصين أكدت عدم جدية الحركة الشعبية وعدم حرصها على الأوضاع الإنسانية للمدنيين بل استخدام الملف الإنساني لتمرير أجندة غير إنسانية.
} كيف تنظرون لتعامل المجتمع الدولي مع الشأن الإنساني في السودان ؟
-هناك إستراتيجية واضحة للدولة في هذا الإطار تقوم على إحترام سيادة الدولة والتعامل وفق موجهات العمل الإنساني المتفق عليها والتنسيق عبر الآليات المشتركة (اللجنة التنسيقية بين الحكومة والشركاء)
وهناك ارتياح بالغ من المجتمع الدولي تجاه دور السودان في التعامل الإنساني مع الجنوبيين القادمين للأراضي السودانية والمساعدات التي أرسلها السودان لدولة الجنوب، بجانب دور السودان في السعي إلى إيقاف الحرب والوصول إلى سلام عبر منظومة الإيقاد والتي بدأت تأتي ثمارها بوقف إطلاق النار.