رأي

الإسلاميون إلى أين؟

قال حزب سوداني إن الحرب التي تدور حالياً هي مدخل للانهيار الكامل للدولة السودانية. وقال إن المخرج لحل الأزمات يتمثل في إسقاط النظام وإعادة ترتيب الدولة. هذا ما صرح به رئيس الحزب في ندوة طلابية.
قبل أن نعلق على هذا التصريح، نأمل أن يكون فاتحة حوار حول موضوع تجنبنا كثيراً الحديث حوله. وهو موضوع (الإنقاذ لمن). أقول إن الحوار مهما كانت قساوته يتيح لكل الآراء حظها في الميلاد، ويتيح لنا معرفة الرأي الآخر مهما كانت درجة رفضه لما نقول. ويحمد للإنقاذ أنها جعلت بالإمكان تبادل الحوار بالكلمات. والآن الاتهام الوحيد الموجه للإسلاميين في مصر أنهم لا يعطون فرصة للرأي الآخر. وهذا ما وحد كل الآخر ضدهم رغم أنهم أصحاب نوايا طيبة، وينبغي الحذر فليس كل من جيء به للحكم غير كفء وليس كل من أبعد هو كفاءة نادرة.
لو أُعطينا فرص للحوار منذ العام الأول للإنقاذ لقلنا الكثير المفيد ولكننا لم نجد إلا فرصاً قليلة عبر صحافة الإنقاذ، لم تؤد إلا إلى المزيد من التهميش لنا رغم إخلاصنا للمشروع الإسلامي في السودان.
ولنتأمل فقط القيادات الإعلامية وطريقة إدارتها للأجهزة الإعلامية. تذكرون ماذا حدث في شهور الإنقاذ الأولى. الكل يريد التأكيد على إسلاميته من خلال حشد البرامج الخطابية الوعظية، حتى صرخ الناس أن الإذاعة والتلفزيون أصبحا كالجامع. وأذكر أنني والزميل “إسحق أحمد فضل الله” أعلنا رفضنا لهذا الأسلوب في إدارة وسائل إعلام جماهيرية. وبعد أن قلنا هذا الكلام حدث التغيير في أسلوب الخطاب الجماهيري. واندهش الناس كيف نكون إسلاميين ومع ذلك نهاجم أجهزة الإعلام لأنها تكثر من البرامج الدينية، وما دروا أننا فعلنا هذا لمصلحة المشروع الإسلامي. وبالفعل نجح الأسلوب الجديد في اجتذاب العديد من الأفكار والبرامج، واستمر هذا الوضع إلى أن بدأت سياسة التمكين التي قادها “الترابي” بحجة أن كل شيء في الدولة ينبغي أن يكون تحت سيطرة الإسلاميين. وهذا المبدأ ساد حتى في الوظائف الفنية، ففقدت الدولة الكثير من القيادات المبدعة دون ذنب سوى أنهم لم يكونوا ضمن صفوف الإسلاميين حين وقع التغيير.
أوافق أن أي نظام يضع أتباعه في كل مفاصل الدولة ولكن أي أتباع. وهل لدى الإسلاميين الكوادر القادرة على إدارة كل مفاصل الدولة. لقد اضطر “لينين” إلى إعادة الملكية الخاصة بعد أن لاحظ أن المزارع الجماعية إنتاجها أقل من مزارع الإقطاعيين لأنهم يضمنون مرتباتهم. وذلك التراجع كان ضرورياً وقلنا نعم ليسيطر الإسلاميون على كل مفاصل الدولة وهذا من حقهم، ولكن يتوجب التأكد أن الإسلامي الذي وضعناه على رأس العمل يعرف كل أسراره ليستطيع على الأقل إقناع من حوله أنه يفهم العمل. ولكن ما معنى أن يكون في وظيفة مدير تحرير من عمله تصميم الصفحات وهو بالفعل يقوم بوظيفة سكرتير التحرير. أما كان من الأفضل الاحتفاظ به سكرتيراً للتحرير وندربه إلى أن يصبح مؤهلاً لوظيفة أعلى.
لقد قدمنا نحن أبناء مجلة (الملتقى) نموذجاً للعمل المطلوب وقمنا بإصدار مجلة نصف شهرية على ورق رخيص، لكنها كانت تنفد من الأسواق فور صدورها. ويحضر باعة الصحف إلينا في المكاتب مطالبين بزيادة الأعداد. ولكنها كانت تنفد أيضاً. ماذا حدث لمجلة الملتقى بعد أن لاحظوا أنها حطمت كل الأرقام في التوزيع. أوقفوها وقاموا بتغيير كوادرها لا لذنب إلا لأنهم لم يكونوا إسلاميين مع أن موادها كلها في خدمة النظام. أطالب بالتحقيق في أسباب تصفية (الملتقى).
> سؤال غير خبيث
لماذا نجحت الملتقى وفشلت كل إصدارات الإنقاذ؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية