(2%) بسيطة!!
} فتح المؤتمر الوطني الباب واسعاً لمراجعات جوهرية لقانون الانتخابات وقانون الصحافة، ووضع دستور جديد لتنظيم الملعب السياسي لمباريات الدوري الممتاز الذي صعدت إليه حتى الآن أندية الوطني والأمة والشعبي والاتحادي، ومنشقون من الوطني مثل (الإصلاح الآن) والعدالة، ومنشقون عن الأمة مثل الفيدرالي والأمة الوطني ومنشقون عن الاتحادي مثل حزب “الدقير”. والمتصارعون من النخب في بلادنا يهتمون بقانون الانتخابات والصحافة والأمن والجنائي، ينما عامة الناس الذين أطلق عليهم الأديب “بركة ساكن” (مسامير الأرض)، وأطلق عليهم “خير الدين” التونسي اسم (العامة) وأطلقوا على أنفسهم (الغبش)، وكان الحزب الشيوعي في حياته يسميهم طبقة (البلوتاريا).. هؤلاء غير معنيين كثيراً بصراع النخب وتنافسهم والدستور وقانون الصحافة بقدر اهتمامهم بالرغيف والطماطم والفجل واللوبيا والفول والعدس. كل يغني ليلاه وليلى بأبيها معجبة!!
} الدكتور “ناصر علي عمر” تحدث يوم (الخميس) الماضي لـ (المجهر) عن نصيب ولايته غرب كردفان من البترول وقدره (2%). واعتبر النسبة أقل مما تستحق ولايته وأي ولاية منتجة للبترول. والحكومة وأحزاب المعارضة التي ستخوض غمار مفاوضات طويلة لنظافة الملعب من أثر الشمولية لن تفكر في تعديل قانون قسمة الموارد، لأن مثل هذا القانون تمتد آثاره فقط لمصالح المواطنين، لا مصالح الأحزاب التي تبدو في بعض الأحيان بعيدة تماماً عن قضايا الناس العاديين.
} قانون قسمة الموارد الذي يمنح الولاية المنتجة (2%) فقط من نسبة حكومة السودان هو قانون من مخلفات السودان القديم، وواجب المرحلة القادمة (كنس) القانون المعني وآثاره واستبداله بقانون جديد أكثر عدلاً، يمنح أي ولاية يخرج من باطنها معدن بنسبة لا تقل عن (15%) من جملة الإنتاج لا من جملة نصيب الحكومة فقط. لماذا (15%) الإجابة لأن التعدين عن الذهب والكروم والبترول له آثار سالبة على البيئة والإنسان والحيوان. وقد ثارت ثائرة ولاية نهر النيل قبل فترة قصيرة بسبب حادثة اعتداء على طالبة من قبل أحد منسوبي قطاع التعدين عن الذهب، وتلك من الآثار الاجتماعية التي ينبغي النظر إليها بموضوعية. الآن ولايات الشمال تنتج (80%) من ذهب السودان ولا نصيب من عائدات الذهب لصالح هذه الولايات، وكذلك البحر الأحمر. أما غرب كردفان التي تنتج الآن (95%) من بترول السودان فقد حطمت عمليات التنقيب عن البترول المراعي الخصيبة، وتأثرت الثروة الحيوانية وتفشت أمراض (مسكوت) عنها بسبب تلوث البيئة بحرق الغاز، مما يشكل جريمة في حق إنسان تلك المنطقة. ولا تنال الولاية إلا (2%) فقط من نصيب حكومة السودان وهي نسبة ظالمة جداً ينبغي تعديلها قبل أن ينضب البترول، وتغادر الشركات متعددة الجنسيات المنطقة الحالية، وتخلف الأمراض وفساد الأرض وتلوث المناخ.
} قضية تعديل قانون قسمة الموارد ينبغي أن تضعه الأحزاب نصب أعينها. وليت المؤتمر الوطني فكر ودبر وقدر وامتلك النواب شجاعة لتقديم مقترحات بتعديل قانون قسمة الموارد، إحقاقاً لحقوق المواطنين الذين تهرع إليهم الأحزاب في مواسم الانتخابات، تطلب ودهم وتنشد حبهم، ولكنها حينما تجلس على كراسي السلطة (تتنكر) لأفضالهم.
} فليصغِ النواب لما قاله الأخ د. “ناصر علي عمر”، وبالمناسبة كاتب هذه الزاوية ولايته الأصلية لا تنتج جالوناً واحداً من البترول، والولاية التي يقيم فيها ضيفاً (الخرطوم)، تستهلك ما ينتجه الآخرون. أما لماذا ولاية أصلية وولاية نقيم على أرضها وبين (ناسها) ضيوفاً.. فتلك قصة أخرى!!