أخبار

مرحلة أولى..!!

المؤتمر الوطني قدم طرحاً إلى حين الكشف فيه عن كامل نصوص وثيقته التي دعا الناس عليها، يتطلب التعامل معه بقدر وافر من التقدير وحسن الظن من القوى السياسية الأخرى، التي عليها رد التحية بأحسن منها والانخراط بدورها في تقديم مقترحات موضوعية ومحددة إما لتأطير الوثيقة أو طرح آراء أخرى موازية هادفة لإصلاح حال البلاد، وقد سألت البروفيسور “إبراهيم غندور” نائب رئيس المؤتمر الوطني سؤالاً مباشراً وصريحاً عن حدود الإلزام والإعلام في ما يطرحون بالنسبة لمن ليسوا (مؤتمر وطني)، وأعني بهم الأطراف الأخرى في الساحة السياسية.. فقال إنهم منفتحون للتعاطي مع أي مقترحات، بل والأخذ بأية مبادرات ومشروعات حال ثبوت أنها أكثر تطوراً مما قدمه الوطني.. وبالطبع– وهذه من عندي– عبر بوابة الحوار والجلوس المشترك للتوصل إلى تلك الرؤى.
ومما أتلمسه الآن، فمن الواضح أن التوجه العام لكل القوى الأخرى إيجابي تجاه ما طرح الرئيس “البشير” وحزبه، فجماعة (الإصلاح الآن) قدمت بياناً به تفاصيل معقولة وتجاوب غير مشروط، وإلى حد ما حزب الأمة، فيما تتجه الأنظار إلى جماعة الدكتور “الترابي”، وفي هذه وقياساً على شخصية الشيخ وميله إلى عدم كشف الأوراق، فالراجح عندي أن “الترابي” نفسه سيلزم الصمت ويتحاشى الاحتكاك الفظ مع وثيقة الوطني، فيما لن يمنع رجله “كمال عمر” من بعض المناورات، وهذا يعني ببساطة أن (هوشات) أمينه السياسي المتوقعة غير معتمدة، ولا أنصح بالقياس عليها لاتجاهات الخطوة المقبلة من المؤتمر الشعبي.
تبقت من الأطراف السياسية منظومة وصف تيار اليسار وملحقاتهم من بعثيين وناصريين وجماعة حزبي (أنا) ويمثلهم “فاروق أبو عيسى”، وهؤلاء قد يأتون متأخرين لأنهم بحاجة إلى جهد طويل لتفكيك شفرة الراهن الحالي وما يليه من نقلات وتحالفات، إذ سيعظم شكهم في أن المؤتمر الوطني والشيخ والإمام ومولانا، قد (فرزوا عيشتهم)، وأن القوى الرجعية قد تآلفت في صف منتظم وفق مشروع سياسي وضعه كبير يعلم الآخرين السحر، ولن تفلح أي استثناءات في حملهم على تغيير ورد هذا الهاجس.
الجماعات المسلحة، ولاعتبارات كثيرة، فإن القوى الفاعلة فيها وذات الحضور الميداني قد تتجه إلى التسوية، ولكن سيظل المستفيدون منها أو الموظفون لها من لدن “ياسر عرمان” وغيره في دائرة الشك والانتقاد الدائم والتبخيس لكل ما جرى، ولكنه سيكون فعلاً غير مؤثر، لأنه كلما انتظمت وحدة البلاد وقويت جبهتها الداخلية كلما كان التعويل على الحسم العسكري لصالح قوى الداخل والمركز أكثر من رجحان كفة أنشطة التمرد، التي لا تتمدد أصلاً وتقوى إلا في حالة تشرذم القوى الوطنية.
وفقاً لهذا، فمن المؤكد أن المرحلة الحالية بحالة الانفراج المتوقع قد تحدث بالكامل تطوراً إيجابياً في النواحي الاقتصادية، ومن ثم الاجتماعية بالإجمال، ولكن هذا كله قطعاً يخضع إلى عامل مهم هو الثقة والإرادة السياسية القوية لكل الأطراف، والمترفعة عن أيما مرارات تصدها عن النكوص إلى مربع الغضب للذات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية