الخطوة الثانية من السلطة والأحزاب
يبدو أن الجميع في حيرة مما تتطلبه المرحلة القادمة. ألقى الجميع بكل أوراقه وينتظر الطرف الآخر. “الصادق” قال أمنياته للحياة السياسية في السودان. “الميرغني” طرح مبادرة. والحكومة تنتظر الخطوة الثانية والجميع متردد.
كان من المفترض أن تكون الحكومة هي صاحبة المبادرة في الخطوة الثانية، لأننا تعودنا أن تكون الحكومة قابضة على زمام الأمور. وإن أي حل يبدأ منها والحكومة محتارة فيما ينبغي عمله.
هذه الحيرة ليس لها ما يبررها فالمفترض أن لكل حزب برنامجاً سيخوض الانتخابات على هديه، وكان ينبغي أن تترك الدعاية حول هذا البرنامج لكن الجميع متردد.
في رأيي أن الحكومة ترى أنها قامت بتغييرات في بنية قرارها وجسمها التنفيذي، وتنتظر خطوة مشابهة من الطرف الآخر. لا شك أننا كلنا متفقون أن الخطوة القادمة ينبغي أن تكون إطلاق الحريات. وأن يتحرك الوضع قليلاً من مواقع الشعارات والأمنيات. مطلوب من الحكومة أن تبادر بخطوات تؤكد أنها لا تخشى الحريات. أي أنها لا تخشى حرية التعبير والتنظيم وذلك لا يتم تأكيده إلا من خلال إصدار قانون يبيح تكوين الأحزاب ويعطيها حرية إصدار الصحف. لن يكون أمام الأحزاب حجة إذا قامت الحكومة بذلك.
حتى الآن نرى أن الحكومة تعطي تصديقات الصحف لأفراد تثق فيهم أو هي تعتبرهم في صفها، أي أنها تخشى الآخرين بإطلاق حرية التعبير تكون قد قامت بالخطوة الأولى المناسبة وفي توقيت صحيح.
ما يحدث بعد هذه الخطوة لا ينبغي أن يزعج الحكومة، لأن إطلاق حرية التعبير سيتبعها وصول الأحوال إلى نوع من الفوضى، لأن الجميع يريد أن يعبر بما لم يستطعه طوال السنوات الماضية. وقد لاحظنا أن حزب الأمة بادر باتهام الشيوعيين بأنهم كانوا خلف ما حدث للأنصار أوائل السبعينيات، على أساس أنهم كانوا المسيطرين على السلطة. هذا السلوك وغيره متوقع في جو حريات بعد حرمان طويل ولا ينبغي أن يزعج أحداً. وعلى الحكومة التصرف بأبوية مع مثل هذا السلوك. وأتوقع بعد السماح بصدور صحف الأحزاب أن تكون هناك اتهامات للجميع، خاصة الذين كانوا على رأس السلطة طوال العشرين عاماً الماضية. وهذا طبيعي بل أني أتوقع رفع قضايا مطالبة بتعويضات وذلك لا ينبغي أن يزعج أحداً.
{ يتوقع كثيرون خاصة أعضاء المؤتمر الوطني أن يفقدوا ما كانوا يتمتعون به من حريات. وهذا تخوف مشروع. ولكني أسألهم: في خلال العشرين عاماً الماضية ألم تقيموا تحالفات وتؤسسوا قواعد لحزبكم تجعل له شعبية في كل المدن والقرى. إذا لم تكونوا قد فعلتم هذا فإن الفرصة الآن أمامكم وستكون الأخيرة قبل عودة الأحزاب.
> سؤال غير خبيث
هل يعود الحزب الاتحادي وحزب الأمة إلى نفس قواعدهما السابقة؟