الفلتكاني !!
أثمن عالياً النشاط الفكري الراتب في منتدى( أهل الرأي) بالمقر العام للمؤتمر الشعبي، وآمل أن يتواصل وأن تطاله أعين كاميرات الفضائيات والصحف وتتعهده بالنشر والمتابعة، وهو نشاط مفيد يحول الدور الحزبية لبؤرة حراك أفضل من جعلها أبواباً مغلقة ومزاراً يفتح في مواقيت المؤتمرات الصحفية. وشخصياً يقابل منزلنا بيت لحزب لا يفتحه أحد أو يغشاه، حتى صار الحزب ضمن مقررات ثرثرات نسوة الحي أمام بائع الخضار الجوال.
لا يبدو مفهوماً أن تتناثر الدور الحزبية ومقار التنظيمات السياسية في أرجاء الخرطوم كمراكز عامة أو في مقار ولائية متناثرة في الأحياء بالمدن المختلفة بطول السودان وعرضه، ثم لا يعرف أحد لهذه المواقع إسهاماً في الفعل الثقافي أو الاجتماعي، وحتى السياسي لا يعرف أحد له ميزة ونشاطاً عدا عن أخبار رؤساء الأحزاب والأمناء العامين أو السياسيين، أو الظاهرين تحت بند (القيادي البارز)على صفحات الصحف وتصريحات مواقيت الشدة والتشاكس. وكان يمكن لكثير من الأحزاب أن تُحرك بمناشط ليست بالضرورة سياسية، راكد الساحة الإبداعية بمختلف الموضوعات وطرق العرض والتناول، فتتحول إلى منارات للإشعاع المعرفي والتواصل بين مكونات المجتمع.
دار الحزب – أياً كان – يمكن أن تفتح خاصة في الأحياء لتكون داراً للجميع، لا يشترط فيها الالتزام والموالاة للأنصار وحدهم. كثير من مظاهر التكافل والتآزر يمكن أن تنطلق من هناك، كثير من الشأن العام والهموم المشتركة يمكن التشارك في طرح حلولها والبرامج العملية لتطويقها، ولكن غياب هذه النشاطات يعني عندي ببساطة أن كثيراً من المسميات العريضة والبراقة لبعض أمانات الأحزاب وهياكلها، إنما هي لافتات عاطلة بمسمياتها ومعانيها إن تحدثت عن الريف أو الحضر، أو شواغل الطلاب أو السلام، فكلها تبقى حقائب لتسكين بعض القيادات والكوادر دون برامج حقيقية للمكلفين بها.
ويبدو والله أعلم أن تفعيل دور الحزبية بالنشاط ليس من هموم أي حزب بالساحة وعددهم المعتمد يبلغ (70) حزباً سودانياً – تزيد قليلا – حسب آخر إحصائية قدمت من مجلس شؤون الأحزاب قبل عام مضى، في حوار بهذه الصحيفة مع الأمين العام لمجلسه السفير “محمد آدم إسماعيل”. فلكم تخيل حجم الأثر الحميد والايجابي لاشتعال كامل هذه الكتلة بالبرامج والمشروعات، ولكن الحقيقة الصادمة أحبتي الكرام أن أحزابنا أو أغلبها لافتات وشعارات مرفوعة وحلاقيم عريضة، ولعل هذا يفسر جزءاً من حالة الضعف الذى جعلها أفشل من تحرك زقاق في أحد شوارع أم درمان القديمة ناهيك عن حشد الغاضبين في مواجهة الحكومة بساحة الشهداء قبالة القصر الجمهوري، لأنها في واقع الأمر لا تعيش بين الناس وإن سكنت منازلهم واستأجرتها كمقار ترفع عليها لافتات عريضة عن الحزب الفلاني، الحر، الديمقراطي الوطني الفيدرالي (الفلتكاني) حينما ترص العبارات الممجدة المشيدة بالذات، وما أسهل رفع الشعارات وما أصعب الوقوف عليها كما قال الشهيد “محمد طه محمد أحمد”.