أخبار

الأزمة (المنكورة) "2"

} في يوم انعقاد مؤتمر الأمن الغذائي العربي في الخرطوم تطاولت صفوف الباحثين عن الخبز بسبب أزمة الدقيق التي تسببت فيها إحدى الشركات، كما قال المهندس “صديق الشيخ”!! فهل كانت أزمة الخبز أيام انعقاد المؤتمر رسالة (مقصودة) من قبل جهات لها أجندتها ومصالحها في إحباط وفشل المؤتمر العربي الذي دعا إليه الرئيس كمبادرة؟! الضيوف العرب عندما يطالعون الصحافة السودانية الصادرة يوم انعقاد المؤتمر تعلو حواجبهم الدهشة.. فكيف لبلد عاجز عن توفير خبز لشعبه أن يصبح سلة لغذاء الدول العربية التي تستهلك (100) مليون طن من القمح سنوياً؟!
} أزمة الخبز والجازولين والبنزين التي شهدتها الخرطوم أيام انعقاد المؤتمر ليست من صنع الجبهة الثورية ولا حركات دارفور التي اتهمت بالتحريض على تظاهرات سبتمبر.. ولا تملك المعارضة السياسية أذرعاً داخل الدولة، ولا شركات تحجب القمح عن الشعب، ولكن إذا كانت هنالك مؤامرة تمت حياكتها بليل مستهدفة تشويه سمعة البلاد وإفشال المؤتمر العربي، فهي مؤامرة من داخل أجهزة الدولة وشركاتها وحلفائها من التجار (المحظيين) بالرعاية الحكومية.. فإذا انصرفت الصحافة السودانية عن تغطية فعاليات المؤتمر العربي إلى أوجاع المواطنين وآلامهم ونقص الوقود والخبز، فهي محقة في ذلك، ولكن من الذي تسبب في صرف الصحافة عن حدث مهم جداً بافتعال أزمة الخبز والجازولين والبنزين وغاز الطبخ؟!
} كل شيء يمكن إنكاره ونفيه إلا ندرة الخبز وشح الوقود، فالإعلام يمكنه التعتيم مكرهاً على الحرب التي تدور في الأطراف ومنعه من تداول أخبار تقع تحت بصره، ولكن المواطنين حينما يذهبون للمخابز ومحطات الوقود ولا يجدون قطعة خبز وقطرة جازولين يفقدون الثقة في أقوال السياسيين التي تنفي ما هو معلوم بالضرورة وتحت بصر العين، ويفقدون الثقة في الإعلام الوطني ويلوذون بالإعلام الالكتروني ومواقع المعارضة.
} هل الأزمة التي نعيشها مصنوعة من قبل جهات داخل النظام الحاكم؟! الإجابة ربما جاءت على لسان النائب البرلماني الغاضب “مهدي عبد الرحمن أكرت” المنتمي إلى المؤتمر الوطني منذ تكوينه والمعروف بانتمائه للحركة الإسلامية الحالية والجبهة الإسلامية الموءودة منذ ميلادها ولحركة الإخوان منذ الثانوية العامة، يقول “مهدي عبد الرحمن” موجهاً نداء للرئيس “عمر البشير” والنائب الأول “بكري حسن صالح”: (عليكم بضرب مصاصي دماء الشعب والقطط السمان والقوى الظلامية المتسببة في أزمة الخبز والمحروقات). وقال “مهدي”: (هناك جهات تتاجر في الأزمات لتحقيق مصالحها المادية مما يستدعي فتح تحقيق في الأمر وكشف الجهات المتاجرة بقوت الشعب). وبعث النائب البرلماني رسالة خطيرة حينما قال: (إذا أراد الرئيس الإصلاح الحقيقي فعليه ضرب ما تبقى من مراكز القوة المتحكمة في مراكز الاقتصاد). انتهى حديث النائب البرلماني الذي فتح الباب لتأويلات عديدة: هل داخل الإنقاذ حرب مجموعات وصراع أفيال ضحيته المواطن المسكين؟! أم الحكومة الجديدة بشبابها الواعد أضعف بكثير من الحكومة السابقة بكهولها الذين فقدوا القدرة على العطاء؟! ولماذا يخرج نائب برلماني مثل هذا الهواء الساخن في الفضاء؟! هل هي المرحلة الجديدة التي سمَّاها د. “الفاتح عز الدين” بتصحيح مسار البرلمان؟
} أضحى الهمس جهراً في مجالس السياسة أن الحكومة الحالية تبدى عجزها الحقيقي في أزمات الوقود والخبز. وإن كانت هناك (قوى ظلامية) على حد تعبير النائب “مهدي” تقود حرباً من داخل النظام للقضاء عليه، والحكومة غير قادرة على مواجهتها، فإنها ستكون (أعجز) عن مواجهة أزمات قادمة يراها المراقب العادي تطل برأسها ولا تستشعر الحكومة مخاطرها.. اللهم إنا نسألك اللطف بنا وقد أطبق علينا الحصار وأصبحنا مرعوبين من الجديد القادم!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية