أخبار

(كنانة) وأخواتها

تصعد قضايا صناعة السكر ومصانعه هذه الأيام متدرجة إلى صدارة الأخبار وأحاديث المجالس، خاصة مع قدوم وزير الصناعة الجديد “السميح الصديق”. وارتفعت أسهم التداول السالب والإيجابي لشركة مثل (كنانة) عقب بيان المراجع العام، الذي غمز في جانب الإجراءات المالية للشركة، لتضطر من جانبها برد أثبتت فيه قانوناً ولائحة أنها غير معنية بولاية المراجع عليها، لكنها أثبتت كذلك أن بعض المسؤولين بحاجة لإدراك معنى دائرة الاختصاص في نطاق عملهم.
وقد قلت من قبل إن الدولة والإعلام معاً بحاجة للتعامل بقدر أكبر من الموضوعية والحرص في المسائل المرتبطة بقطاع صناعة السكر، فمنذ ملابسات افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض وما تلاه من تجاذب وأحداث وتهارش إعلامي وسياسي، بدا لي وأنه مع الحرص على تطوير ركيزة من ركائز اقتصادنا الوطني المفخرة، فإن الدقة تتطلب عدم الانحراف بهذا الحرص ليكون هدماً مشاتراً لتلك الصروح التي هي في الأصل ثمرة من ثمار التعاون الاقتصادي العربي. وأيما هزة للثقة والتشويه المتعمد أو غير المتعمد لها، إنما يضعنا جميعاً في خانة الشريك المشاكس والمهتز. ورأس المال في مثل هذه المشروعات الكبرى يعتمد على الثقة وحسن السمعة، فأيما أوضار تطال هاتين الصفتين فإن المشروع برمته سيندفع نحو هاوية الانهيار.
من حق الرأي العام ومن حق الشعب ومن ينوب عنه في قطاع السكر أو شركة (كنانة)، الاهتمام بالنجاح والتوقف عند مظان الإخفاق والتراجع. ولكن هذا يجب أن يتم بالشكل الذي يحقق مطلوبات التطوير والتجويد، ويمنع تسلل تحويل ساحة تلك المصانع لمكان لخصومات شخصية وساحة لتصفية الحسابات بين الأطراف والأشخاص والمؤسسات، حينما يتحول المعلن من الموقف خدمة المصلحة العامة بينما المستبطن منه إقصاء هذا أو دق عنق ذاك.
إن الجدل المتصاعد والدائر حالياً فتح عيني على ملاحظة تتعلق بالإعلام في المؤسسات الاقتصادية الناجحة، سواء كانت في الاتصالات أو السكر أو حتى مؤسسة كبرى مثل مجموعة (جياد)، فالإعلام في تلك المؤسسات يبدو لي أنه بحاجة لمنهج جديد يقدم تلك المؤسسات بشكل أكبر جماهيرية وشعبية، إذ لا يكتفي أن تتواصل فقط بالمنح وأنها (الراعي الأكبر) للمناشط والأنشطة الاجتماعية والرياضية، لأن هذا لم يفلح في تقديمها في مثل هذه الأزمات ولم يغنِ عنها. والمعضلة تتمثل في ظني أن إعلام تلك المؤسسات إعلام (موظفين) وكتبة، لا يتحركون إلا بعد التوجيه بنشر إعلان أو صياغة بيان، رغم أن تواصلاً متيناً مع الرأي العام وممثليه كان يمكن أن يجعل تلك المؤسسات مفتوحة للجميع، فلا يفلح أي (شتل) أو تسريب حقيقي لمعلومة في هز صورتها.
كثيراً ما أحس أن تلك المؤسسات ومديريها كتلة غامضة، يصعب الوصول إليهم والتعامل معهم، مما يخلق حالة من التعالي والقطيعة النفسية بين الناس الذين يميلون في مثل هذه السجالات الدائرة في العادة، إلى إدانة تلك المؤسسات ولو لم تجرم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية