سد إثيوبيا
هناك رغبة لدى الجانب المصري هي أن توافق إثيوبيا على التوقف عن بناء سد النهضة الذي سيحجز مياه النيل قبل أن تصل إلى السودان، وبالتالي ستضطر مصر إلى التقليل من استهلاكها للمياه. وهذا معناه أن تتقلص المساحات المزروعة في مصر فيتسع نطاق الصحراء على حساب وادي النيل وبالفعل هذا تطور خطير لو حدث.
منذ آلاف السنين يجري النيل دون عوائق في كل المنطقة التي تحتوي واديه، ولم يحدث أن جرى أي عمل أثر في انسياب النيل، لأن العلم لم يصل في الماضي إلى حد إنشاء السدود الضخمة التي تحجز كميات كبيرة من مياهه، لذا لم تكن هناك أي مشكلات بين دوله. والآن أطلت هذه المشكلة بعد الحديث عن سد النهضة الإثيوبي.
جرت عدة جولات من المحادثات بين السودان ومصر وإثيوبيا للتوصل إلى حل وسط، وقد فشلت كل هذه الجولات في التوصل إلى حل، فإثيوبيا ترى أنها لابد لها من الاستفادة من مياه النيل مثل مصر والسودان. والحقيقة التي يجهلها كثيرون أن السودان لم يستغل كل حصته حسب اتفاقية مياه النيل الموقعة بين السودان ومصر عام 1909م، أي أنه يأخذ أقل من نصيبه حتى الآن. والمشكلة أن الخلاف بين مصر وإثيوبيا وصل مرحلة التهديد بالحرب لحل المشكلة. وأذكر أن “حسني مبارك” ألمح إلى أنه قد يلجأ للقوة لمنع إثيوبيا من عمل إنشاءات تؤثر في حجم مياه النيل، وبما أنه ليس هناك حدود مشتركة بين الدولتين فالمتوقع نشوب حرب بينهما بسبب المياه. وهذا ما توقعه كثير من المراقبين أن الأمور ستصل إلى هذه النقطة مستقبلاً.
والسودان لن يكون طرفاً في الحرب المصرية الإثيوبية لو نشبت، لكنه سيكون ملزماً باتخاذ موقف إما مع مصر أو مع إثيوبيا، أو التوسط للوصول إلى حل يجنب البلدين الحرب التي إن اشتعلت فلن يكون هناك أي فرصة للتفاوض بعد أن تتحدث الأسلحة، لذا يبدو عامل الوقت مهماً للغاية في هذه المشكلة لأن أي تأخير معناه استمرار العمل في السد، وبالتالي تجد مصر نفسها في موقف يضطرها لخوض حرب، لأنه لن يكون أمامها خيار آخر.
في البداية يجب أن يتفق معنا الإخوة في مصر أن إثيوبيا من حقها الاستفادة من مياه النيل مثل السودان ومصر. وفي نفس الوقت يجب أن تكون هذه الاستفادة بطريقة لا تحرم مصر من المياه.
المشكلة أن هذا الأمر لو تم فلابد أن يكون على حساب أحدهما ولا يمكن إرضاء الطرفين معاً. والمشكلة كلها في الأرقام التي أعلنها الخبراء عن حجم المياه التي سيحجزها السد، وحتى الآن كل الخبراء الذين يشاركون في دراسة هذا المشروع كلهم من الأوروبيين وتوابعهم، وحتى الآن لم نقرأ رأياً لأحد الخبراء العرب أو السودانيين ينفي فيه صحة هذه الأرقام مما يؤكد صحتها.
والرأي أنه يمكن رغم ذلك إرضاء الطرفين لتقسيم العام بين الدولتين، ففي فترة الفيضان يمكن زيادة نصيب مصر من مياه النيل، ويعود الاستهلاك إلى ما كان عليه بعد انتهاء موسم الفيضان الذي يصادف موسم الأمطار في السودان. وحتى الآن لا نعرف تأثير بحيرة السد على حجم الأمطار فربما زاد حجمها فتحل المشكلة تلقائياً، ولابد من تدخل السودان لإقناع إثيوبيا بالتنازل لأن النيل هو الحياة لمصر وبدونه تصبح صحراء.
> سؤال غير خبيث
هل هناك حل وسط يمنع الحرب؟