تقارير

صراع (الروبات السوداء).. من يفوز اليوم بنقابة المحامين

تحفز غير مسبوق.. حركة محمومة داخل أروقة القوائم الثلاث الرئيسية التي تتسابق للفوز بمقاعد اتحاد المحامين السودانيين الذي يعقد جمعيته العمومية صباح اليوم.. لا يقتصر الفوز في إحداها على تحقيق نصر نقابي لكتلة سياسية فحسب، لكن الأمر يتعدى إلى أبعد من ذلك، فانتخابات المحامين لهذه الدورة تأتي في ظروف استثنائية بالغة التعقيد يمور بها المشهد السياسي، منها التغييرات المهمة التي حدثت في الجهازين التنفيذي والتشريعي، بالإضافة إلى أنها تسبق الفترة المعلنة للانتخابات العامة في العام 2015م، وهو الأمر الذي تعدّه الحكومة والمعارضة على السواء تجربة حقيقية لتلك الانتخابات.
القائمتان الرئيسيتان، تضم الأولى (تحالف القوى الوطنية) أحزاباً من الإسلاميين والمؤتمر الوطني وأنصار السنة والمستقلين وأحزاب الأمة وعروبيين كأفراد، فيما تضم قائمة (تحالف المحامين الديمقراطيين المعارض) أحزاب الاتحادي الأصل والأمة القومي والمؤتمر الشعبي والجبهة الديمقراطية للمحامين والمستقلين والمرأة، واستنفرت القائمتان كل إمكاناتهما لخوض التجربة الديمقراطية للجسم النقابي الأعلى صوتاً والأكثر تأثيراً في كثير من المتغيرات التي تحظى باهتمام خاص داخل وخارج السودان، فنقابة المحامين تدور أهدافها حول الدفاع عن الحريات، والحقوق الأساسية، وسيادة حكم القانون، واستقلال القضاء، وقيم العدل والعدالة، والتصدي لأي انتقاص أو انتهاك أو النيل من الحريات والحقوق المكفولة للإنسان.
صباح اليوم (الاثنين) سيكون يوماً حاسماً في حال اكتمال نصاب الجمعية العمومية للنقابة بدار المحامين بشارع (61) العمارات، أما في حال عدم اكتمال النصاب المحدد بنصف الأعضاء المسجلين فستقام الجمعية العمومية يوم غد (الثلاثاء) بقاعة الصداقة بأي عدد، وهو ما توقعه وكيل نقابة الحامين «تيسير مدثر» الذي أبلغ (المجهر) أمس أن المحامين سيتجمعون صبيحة اليوم في دارهم، ومن المتوقع عدم اكتمال النصاب، وسيخاطبهم الاتحاد ويبلغهم بالحضور غداً إلى قاعة الصداقة لانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية. وأوضح «مدثر» أن عدد المحامين المسجلين الذين نُشرت أسماؤهم في سجل الناخبين يبلغ (13) ألف محامٍ يحق لهم التصويت، مشيراً إلى أن القضاء سيقرر في الطعون التي قدمتها قائمة المحامين الديمقراطيين في بعض الأسماء، وأضاف: (إذا وجد أن الطعن غير صالح فسيتم شطبه).
{ «فاروق أبو عيسى»: أنا ناخب عادي
أكد «فاروق أبو عيسى» رئيس هيئة قوى الإجماع الوطني أنه سيكون ناخباً عادياً في انتخابات المحامين، مشيراً إلى أنه سيذهب إلى صندوق الاقتراع ويصوت لبرنامج التحالف الذي على رأسه «جلال السيد»، في الوقت الذي قلل فيه «أبو عيسى» من جدوى أن تكون انتخابات المحامين بمثابة التجربة الحقيقية للانتخابات العامة، قائلاً إن القوى الديمقراطية ترفض الدخول في الانتخابات العامة القادمة في 2015م لأن لديها نماذج وتجارب عديدة مع المؤتمر الوطني، لافتاً إلى أنهم لا ينتظرون تجربة جديدة، مبيناً أن تجاربهم مع الوطني أكدت لهم أن ممارساتهم نابعة من فكرهم وأيديولوجيتهم السياسية، خاتماً بقوله إنه متأكد من أن انتخابات المحامين ستتعرض للتزوير.
إلا أن المحامي بقوى الإجماع الوطني الأستاذ «صالح محمود» أكد أن تجربة انتخابات المحامين ستكون تجربة حقيقية للانتخابات العامة القادمة، وأردف في حديثه لـ(المجهر) أمس: إذا اعتبرنا أن هناك مناخاً جديداً، لكن لا تزال ثمة شكوك حول توفر الإرادة السياسية للمؤتمر الوطني في إفساح المجال، وأنا هنا لا أقول إنه يجب عليه أن يلبي شروط التحول، لكن عليه أن يخلق مناخاً إيجابياً يشجع المعارضة بصفة خاصة والقوى الوطنية بصورة عامة)، عادّاً انتخابات المحامين بداية حقيقية للإرادة السياسية الجديدة، مشيراً إلى أن ما قيل من تصريحات حول اتخاذ خطوات جديدة ونقاط التقاء ستبرهن عليه تلك الانتخابات، وهو الأمر الذي يستدعي أن تكون هناك حريات تتيح لأعضاء النقابة الانخراط بصورة فعالة في الانتخابات بدون معوقات كما حدث في المرات السابقة التي كان فيها إرهاب، كما أن هذه الانتخابات ستكشف إلى أي مدى يمكن أن تتاح الفرصة لوسائل الإعلام لمتابعة مجريات الانتخابات وتمليكها للرأي العام، والأمر المهم هو إلى أي مدى ستتقلص محاولات التزوير، التي لا أقول إنها ستنتهي، ولكن إلى الحد الذي يتيح للخصوم معرفة أن الانتخابات ستكون شفافة، وإبعاد (ناس) غير ممارسين للمهنة ويعملون في وظائف أخرى، وتعزيز لجان الرقابة والفرز، لافتاً إلى وجود ما سماها بالمشاكل الحقيقية خلال الانتخابات السابقة منعت الرقابة والفرز بالصورة السليمة، عادّاً معركة الانتخابات واحداً من المؤشرات التي يمكن أن نقيس بها التطور الذي حدث ومدى الجدية من الوطني.
{ حشد الوطني لمحامي الولايات
وفي أثناء ذلك، أوضح لـ(المجهر) المحامي «الوسيلة محمد هجو» عضو لجنة الإعلام بالوطني لانتخابات المحامين، أن وفوداً من الولايات وصلت إلى الخرطوم في إطار استنفار الوطني لعضويته للإدلاء بحقهم القانوني في الانتخابات وحضور الجمعية العمومية، مقدراً عددهم بثلاثة آلاف عضو.. لكن يبدو أن هذا الأمر لا يروق للمحامي «صالح محمود» الذي وصف الخطوة بالمشكلة الكبيرة، مبيناً أن أصوات محامي الولايات كان يجب أن تؤخذ في أماكنهم، وتابع: (لو في ترحيل من الولايات كان يجب أن يكون على حساب النقابة التي تمتلك المليارات)، مضيفاً إن هذه من النقاط الخطيرة التي يمكن عدّها تزويراً. وأبان «محمود» أن الاتحاد لا يفصل بين مؤسسات الدولة وبين انتمائه للمؤتمر الوطني، وأن اتحاد المحامين يستخدم موارد البلد لتحقيق نصر سياسي لصالح المؤتمر الوطني في مواجهة خصوم ليست لديهم موارد.
ولكن المحامي «تيسير مدثر» وكيل اتحاد المحامين ترافع في الاتهام، وأكد أن خزينة الاتحاد لم يصرف منها مليم واحد لإحضار محامٍ من الولايات، وأضاف: (الاتحاد لا يصرف من أمواله على حشد لأحزاب سياسية)، مؤكداً أن الاتحاد يعدّ مؤسسة نقابية قومية، وكون أن الأحزاب تحشد عضويتها فهذا أمر يخصها وحدها.
{ الاتحادي في صفوف المعارضة نقابياً
وفيما حسم الاتحادي الديمقراطي أمر المشاركة في انتخابات المحامين بالدخول في قائمة المعارضة، علق المحامي «هجو» في حديثه لـ(المجهر) بقوله إنهم قدموا أياديهم بيضاء للاتحادي الديمقراطي للمساهمة في المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالمسائل الوطنية الكبرى، ومنها وضع الدستور الدائم للبلاد بعد أن نزل فيها الشيوعيون بمسميات مثل المستقلين وغيرها، وإنهم قدموا «الطيب هارون» مرشحاً ليكون نقيباً للمحامين، بالإضافة إلى كوكبة من الشباب والشابات لتعميق روح التجديد التي تتبناها رابطة المحامين الوطنيين، مشيراً إلى أن الجمعية العمومية السودانية تعدّ ثاني أكبر جمعية في العالم العربي بعد مصر التي يبلغ عدد أعضائها (130) ألف محامٍ، وإن الجمعية العمومية ستناقش ميزانية الاتحاد، وتعرض خلالها كتاب المنجزات، (وعلى ضوء هذه المكتسبات تقدمنا بقائمة مرشحينا، استكمالاً لنهضة الصحافيين ومواصلة لما قدمناه من دفاع عن هذا الوطن).
{ من يفوز اليوم؟؟
ما بين تحفظات «صالح محمود» الذي نبه إلى ضرورة وجود ما سماها بالشفافية في الانتخابات القادمة وتأكيده أنها ستمثل اختباراً حقيقياً يكشف جدية الوطني في التعاطي مع المرحلة المقبلة، وبين عدم تعويل «أبو عيسى» كثيراً على قيام انتخابات نزيهة وشفافة وتأكيده أن هذه الانتخابات سيطالها التزوير لا محالة، وتنبيه «الوسيلة هجو» إلى حجم التضحيات الجسام والإنجازات المتواصلة التي قدمها الاتحاد خلال دوراته السابقة التي كان يسيطر عليها المؤتمر الوطني، يبقى ما دفع به وكيل المحامين في دورته التي تنتهي اليوم «تيسير مدثر» من أنهم فرغوا من الترتيبات كافة التي من شأنها أن تخرج الانتخابات بصورة نزيهة وشفافة، مبيناً أن خطابي الدورة والميزانية سيعرضان أمام الجمعية العمومية، وبدا واثقاً للغاية وهو يختم حديثه بالقول: (نحن واثقون من الفوز).. بيد أن معظم المتحدثين من قوى الإجماع الوطني أكدوا أن الفوز من نصيبهم، وأن ما سيمنعهم من الفوز فقط هو وجود تزوير في الانتخابات.
وما بين لهجات التشاؤم من حدوث شبهة التزوير من قبل قيادات محامية داخل قوى الإجماع الوطني وجهدهم الكبير الذي بذلوه خلال الفترة السابقة لاقتناص قيادة النقابة التي تبدو الأكثر تأثيراً من بين النقابات المهنية الأخرى، وبين ثقة القائمة الأخرى التي تسيطر على الاتحاد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، يبقى المحك الحقيقي في صندوق الانتخابات الذي سيظهر اليوم إلى أية جهة سيميل ميزان أصحاب (الروبات السوداء).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية