خبراء ينادون بتقليل الإنفاق الحكومي وإعداد موازنة احتياط
أسدل على العام 2013م، بستار غامق من المعاناة التي خلفتها الأزمة الاقتصادية، والتي ألقت بظلالها الكثيفة على الأوضاع السياسية بالبلاد لتهب رياح التغيير، وتدخل البلاد على أثرها في تكهنات جديدة بشأن العام 2014م، الذي هلت بشرياته بمآلات أكثر قتامة عقب خروج رسوم عبور نفط الجنوب من الميزانية، وتتسع معها هوة فجوة الميزانية.
والناظر إلى التوقعات الأولية للأوضاع الاقتصادية للعام 2014م، رغم تصريحات المسؤولين الفضفاضة، إلا أن المراقبين ينظرون إليها بعين الخوف في قولهم، إن الميزانية للعام 2014م، اشتدت على جملة من الفرضيات وما تطرحه من تساؤلات حول جديتها في التعامل معها لإنزالها على أرض الواقع.
ورغم أجواء التطمينات التي جاءت بها وزارة المالية في ميزانيها للعام 2014م، إلا أن الرياح لا تأتي دائماً بما تشتهي الوزارة، إذ سرعان مع هبت رياح أقوى في الجنوب بعثرت معها حسابات الأرقام للموازنة، مما جعل البرلمان يدفع بمقترح تعديل الموازنة في حال توقف نفط الجنوب، لتشير وزارة المالية إلى أن الموازنة قد اقترحت مسبقاً سيناريوهات بديلة من بينها الاتجاه إلى مزيد من خفض الإنفاق العام.
ويرى الخبير الاقتصادي «بروفيسور عصام الدين بوب» في حديثه لـ(المجهر) أن العام 2014م لم يكن أفضل من 2013م، خاصة وأن الأحداث الأخيرة بالجنوب أخذت الشمال بصورة مفاجئة، وبعد أن وضع رسوم عبور النفط بالميزانية والتي أعتقد أنها تمثل ما يزيد على (50%) من حصيلة العملات الحرة بالبلاد، خاصة في ظل انخفاض حجم الصادرات الأولية، واعتماد الدولة على رسوم عبور البترول وإيرادات الذهب التي من المقدر أن تذهب في عمليات تهريبية إلى خارج البلاد.
بجانب انعدام الثقة في تداول العملة الوطنية التي أصبحت تفقد قيمتها ساعة بعد أخرى، بالإضافة إلى تزايد معدلات الإنفاق العسكري والأمني في ظل تنامي ظاهرة النزاعات الأهلية وبالتالي ذهاب معظم الإيرادات إلى الأمن. ويقابل ذلك تجاهل الحكومة والقائمين على أمر الاقتصاد كل المعايير الاقتصادية المعروفة أولها التقشف والشفافية، وتوجيه الموارد الاقتصادية تجاه القطاعات الإنتاجية.
وقال بروفيسور «بوب» إن التغيير الذي حدث بالحكومة مؤخراً، لم يكن سوى تغيير أشخاص مع استمرار السياسات الخاطئة كطباعة النقود وإهلاك القطاعات الاقتصادية، وأعتقد بروفيسور «بوب» أن الأوضاع لا تبشر بانفراج قريب في ظل السياسات الحالية. وأضاف لا بد من التغيير الكامل وأن تشكل حكومة تكنوقراطية. ويرى أنه وعلى الرغم من أن البلاد تحتاج فقط إلى مبلغ (7 مليار دولار) لردم العجز في ميزانيتها، إلا أنه ليس هنالك دولة ستعطي السودان هذا المبلغ، وأضاف (من يرد أن يضع ماله في بئر).
وذهب بروفيسور «بوب» متشائماً بأن الفجوة قد تتجاوز الـ(20) مليار جنيه لانعدام إيرادات النفط بالإضافة للفجوة الموجودة أصلاً.
من جانبه توقع الخبير الاقتصادي د.»خالد التجاني» للأوضاع الاقتصادية للعام 2014م، أن يصبح أكثر سوءاً إذا لم تتبع الحكومة سياسة اللسان الواحد، وإعطاء معلومات حقيقية والتوقف عن إطلاق التصريحات الجزافية.
ودفع «التجاني» بجملة من المقترحات للتقليل من أثر الأزمة الاقتصادية بدءاً بمعالجة الخلل الهيكلي، وقال الحكومة تتحدث عن حملات عسكرية وهذا يدل على أن كل الإيرادات ستذهب للحرب، وبالتالي لا بد من وقف النزاعات والحروبات أولاً.
ثم ترشيد الإنفاق الحكومي وأن تترفع الحكومة عن تجميل ثمن أخطائها، والاتجاه لترشيد الحكومة المترهلة ولائياً ومركزياً، بجانب اقتراح موازنة أزمة تعتمد على تقشف حاد للحكومة أولاً.
وقال «التجاني» كنا نأمل في العام 2014م، ولكن لا جدوى في ظل اعتماد الدولة على ميزانية مبنية على الأرقام المجردة، وليس بها شفافية أو حقيقة في الإيرادات أو المنصرفات.
وأضاف أتوقع للأوضاع بالعام 2014م الأسوأ، وأضاف أصرت الحكومة التعامل مع سياساتها القديمة بِأشخاص جدد، فالسياسات هي التي أنتجت أزمة 2013م، وستستمر معها للعام 2014م.