حوارات

الرئيس الجديد للاتحاد العام لنقابات عمال السودان "يوسف عبد الكريم" في أول حوار بعد تقلده المنصب:

جلسة طارئة أمس عقدتها اللجنة المركزية لاتحاد عام نقابات السودان، انتخبت خلالها بالإجماع المهندس “يوسف عبد الكريم” رئيساً للاتحاد، خلفاً للبروفيسور “إبراهيم غندور” الذي عين مساعداً لرئيس الجمهورية في التشكيل الوزاري الأخير.. كما تم انتخاب “موسى حماد كافي” أميناً عاماً. ومع تباكي عدد من القيادات النقابية على فقدهم “غندور”، الذي اعتبروه خسارة كبيرة للحركة النقابية، جاء اختيار “يوسف” لرئاسة الاتحاد تصعيداً من موقعه كأمين عام.. ورغم خصوصية الموقع وضخامة مسؤوليته يذهب الكثير من القيادات إلى أن الرئيس الجديد يعتبر مهادناً، بخلاف شخص “غندور” الذي اشتهر بتصريحاته النارية إبان مطالبات الاتحاد بتنفيذ زيادة الحد الأدنى للأجور.. (المجهر) التقت أمس رئيس الاتحاد الجديد في حوار خاطف، هو الأول عقب اختياره رئيساً، فإلى مضابطه:
} بداية هنالك قضايا عدة تنتظركم، ما هي الخطوات القادمة التي ستنطلق بها مرحلتك الجديدة؟
– أولا لا بد أن أشير إلى أنه اليوم (أمس السبت) انعقدت المركزية الطارئة لعمال السودان، وهي فعالية مركزية هيكلية تنعقد كل عام، وأعضاؤها الاتحادات الولائية الـ (17).. و(16) نقابة عامة.. وكل مركزية ونقابة يتمثل ثقلها حسب عدد العاملين، واليوم (أمس السبت) كانت المركزية طارئة لانتخاب رئيس جديد وأمين جديد لاتحاد عام نقابات عمال السودان، بعد أن تقدم الرئيس السابق بروفيسور “غندور” باستقالته عقب اختياره مساعداً لرئيس الجمهورية.. وهذا حسب الفصل السابع من المادة (15) من النظام الأساسي، وأدار الجلسة الإخوة في مسجل عام تنظيمات العمل عبر لجنة محايدة مكونة من تنظيمات العمل.
} ما مستوى الرضا وسط العمال عن ذهاب “غندور” إلى القصر؟
– طبعاً النقابات حزنت على فراق “غندور”، لكن عزاءنا الوحيد أنه ذهب لمكان يمكن أن يخدم منه الشعب السوداني وكل عمال السودان، وهو شخص قامة ومتعدد المواهب والوظائف والمهام، ونحن لا نريد أن نكون أنانيين ونحتكره للحركة النقابية السودانية، ونتوقع أن يكون بنفس مجهوده وعطائه في الحركة النقابية. واللجنة المركزية قبلت استقالة الأخ “غندور” وبدأت اللجنة المحايدة المكونة في إجراء انتخابات لملء الخانة الشاغرة، وقد رشح شخصي وكلفت بالموقع الجديد، وأسال الله أن يعينني على هذا التكليف وندخل بصدق ونخرج بصدق، ونسأل الله أن يجعل لنا نصيراً من كل إخواننا في اللجنة المركزية، والصحفيين، وكل المراقبين على مواقع التواصل الاجتماعي، كلهم نريدهم أن يكونوا سنداً لنا، ونتمنى أن نقدم خدمة لعمال السودان والحركة النقابية السودانية في إطارها الداخلي والخارجي.
} ماذا عن برنامجكم للمرحلة القادمة؟
– البرنامج سيتواصل انطلاقا من الإستراتجية التي عقدناها لمدة خمس سنوات، ونحن قطعنا فيها شوطاً كبيراً جداً في كل المجالات والمحاور.. في التدريب وبناء القدرات، ولدينا برنامج عبر الأكاديمية العمالية وفي برامج السلامة والصحة المهنية والتأمين الصحي والتشريعات وقوانين النقابات والضمان الاجتماعي، وبرنامجنا سيستمر في رعاية أبناء العاملين وفي التمويل الأصغر والمشاريع الإنتاجية لزيادة دخل العمال وبناء مساكن عمالية. و”غندور” بدأ معنا مسيرة قوية جداً، وإن شاء الله ستتواصل بوجوده في القصر، وسيعطينا مزيداً من الدفع والقوة والتعبئة وشحذ الهمم لكي نحقق كل الأمور التي ذكرتها.
} هنالك معاناة عمالية في ما يتعلق بغلاء الأسعار.. هل لديكم برنامج جديد لتخفيف أعباء المعيشة، أم ستقفون على ما طرحتموه في الفترة السابقة؟
– التحدي كبير، وعمال السودان لابد أن يكون لهم دور في تحريك المسألة، ونحن بمعالجتنا الخاصة لدينا سلة قوت العامل، ومحفظة قوت العاملين مع بنك العمال، وهنالك لجنة تعمل لاستمرار المحفظة، على الأقل لتخفيف المعاناة على العاملين عبر التمويل الأصغر والمشاريع الإنتاجية، وبدأنا بمشاريع كبيرة لكن بها تعقيدات في التمويل والمرابحات مع البنوك، ونحن مع بنك السودان حسمنا كثيراً من مسائل الضمانات، وتبقى تحدي المنتج والتسويق، ولدينا قيم جعلناها واقعاً معاشاً كصناديق التكافل التي قدمت خدمات كبيرة جداً للعاملين في الأفراح والأتراح، خاصة وأن هنالك فرقاً كبيراً جداً بين تكلفة المعيشة والمرتب.
} كيف تواجهون تأخر الأجور وما يليه من تأخير تطبيق المنشورات وعدم قومية الأجور للعاملين؟
– نحن مع قومية الأجور، وهي مسألة مهمة جداً لنا، والآن في الدستور القومي القادم مطلوباتنا واضحة، ونظمنا ورشة وقدمنا ورقة حددنا فيها مطلوبات العمال، وأن تكون مسالة الأجور مركزية وليست ولائية.. يعنى الأجر الذي يطبق في الخرطوم يطبق في الجنينة والبحر الأحمر والنيل الأبيض والشمالية.. وفي كل السودان، وأن يكون الحد الأدنى للأجور معروفاً ويصدر بقرار من رئاسة الجمهورية. وفي فترات سابقة كانت هناك مسألة تأخير الأجور والمنشورات الاتحادية غير المطبقة، لكن كل هذا والحمد لله حسم، أما الهياكل المرتبات فأصبحت منتظمة جداً، لكن عندنا تحدٍّ واحد فقط يتمثل في المتأخرات بـ (7) ولايات قبل العام 2005 واتفقنا مع وزارة المالية على جدولتها في الميزانية القادمة.
} كيف تقابل تحدي وضعك في رئاسة اتحاد العمال، خاصة وأنهم يتحدثون عن فقدهم لـ “غندور” كنصير لقضايا العمال؟
– “غندور” كان يدير ملفات معقدة في آن واحد، ونحن تعلمنا منه أن الفرص توجد في الملفات المعقدة، ولن نهاب أي ملف أو قضية، لكن عزاءنا كما قلت لك أولاً أن “غندور” لم يذهب بعيداً، وإنما ذهب للقصر، وسيكون عوناً وسنداً للعمال.
} كيف تنظر للتعديلات الأخيرة في الأجور، وهل هي كافية لمقابلة زيادة الأسعار؟
– التعديلات الأخيرة في هياكل الأجور 2013 بدأ إنفاذها في أكتوبر الماضي، حسب اتفاقنا مع وزارة المالية وتوجيهات الأخ رئيس الجمهورية، ولا يوجد تأخير في التطبيق، ووزارة المالية أوفت بكل ما يليها لكل الولايات، وبعض الوحدات الحكومية التي بها مشاكل.. هي مشاكل داخلية وليست نتاج عدم التزام من وزارة المالية، وإشكاليتنا تبقى في ترتيب دفع متأخرات زيادة الأجور من يناير وحتى أكتوبر 2013، وهنا لدينا اتفاق رئاسي وستجدول في ميزانية 2014.
} يواجه العمال مشاكل ومظالم كبيرة تتعلق بالحقوق والأجور خاصة في القطاع الخاص.. كيف رؤيتكم لمجمل قضاياهم؟
– الاتحاد شكل لجنة متابعة لقضية عمال الطيران المدني وعقد اجتماعاً مع إدارة الطيران ووصلنا فيه لمقترحات، والآن نحن في مرحلة الموافقة على بعض البنود وما زال الحوار متواصلا.
} قبل فترة وجهتم العمال بعدم صرف الأجور ناقصة أو حال لم تتضمن المتأخرات.. هل يكمن أن نسمي هذه الخطوة تصعيداً جديداً لمطالبكم؟
– نحن نرى أن صرف المرتبات كاملة يأتي في صالح العمال والمؤسسات، لذلك جاءت توجيهات الاتحاد للعمال لوقف نزيف تأخر الأجور، وهذا كان لضمان الحقوق وليس منه مقصد آخر.
} رغم ما تحدثتم عنه من مكاسب للعمال، لكن في الجانب الآخر هنالك عمال يرون أن حقوقهم ما تزال مهضومة؟
– ينبغي على الشخص الذي ينظر لهذه القضية أن يستصحب معه حالة الاقتصاد الكلي للبلاد، ونصيب العمال منه، ونحن إذا أردنا أن نعطي العامل ما يكفيه فهذا يعادل مليوني جنيه، وهذا يتجاوز إمكانات الدخل الكلي للدولة، ومثلاً في دول كالخليج الناس يتحدثون عن تغطية متطلبتهم كاملة، لكن نحن في دولة دخلها لا يغطي الفصل الأول من صرفها، والمعاناة موجودة في كل الاتجاهات.
} سوق العمل بالسودان أصبح منفرا للعمال، وهاجرت في الفترة الأخيرة أعداد كبيرة من الكفاءات.. هل اتحاد العمال يراقب ذلك؟
– طبعاً.. وهنالك وظائف مهمة ويفترض يحدث فيها استقرار بشتى السبل، لأن هجرة العقول والكفاءات مؤثرة جدا في التطور.
} ما هي معالجاتكم لذلك؟
– نحن كاتحاد نرى أنه لا بد أن تكون هنالك خصوصية لمعالجة الأمر في الوظائف غير العادية، وإذا الدولة لم تستطع استيعاب كل الخريجين فمن الأفضل أن تقنن الهجرة الخارجية بصورة منتظمة.
} هل نتوقع مطالبات جديدة لزيادة الأجور في الفترة المقبلة أم ستقفون على الزيادة الأخيرة؟
-في أي وقت نشعر بتحسن في ظروف البلد أو أن هناك اتجاهاً لرفع دعم عن سلع.. سنطالب بزيادة، ومطالباتنا ليس لديها وقت أو سقف، واحتمال بعد شهر أو غيره – لو اتجهت الحكومة لرفع الدعم عن سلع أخرى – نطالب بالزيادة.
} كيف تقارن الحد الأدنى للأجور بالسودان مع المنطقة العربية؟
– هي ليست مقارنة.. ولا نستطيع القول إن الأفضل كذا.. والمسألة ليست منعزلة عن الدخل الكلي للدولة.
} ما نظرتكم لتشريد العمالة عبر ما يعرف بالخصخصة؟
– لسنا ضد الخصخصة إذا كانت لصالح تطوير المؤسسات، لكن يجب أن تضمن وتكفل حقوق العاملين وعدم تشريدهم من خلال الهيكلة وإيجاد ضمان لاستيعاب كل العمالة الموجودة.
} وماذا عن المساجلات التي تمت في شأن زيادة الأجور؟!
– نحن لا (نشخصن) القضايا أبداً.. و”غندور” كان يعمل كمؤسسة، وفي النهاية لدينا رؤية بأنه لا بد من زيادة الأجور للعمال ابتداء من يناير 2013 ووزارة المالية لها رأي آخر، ولسنا الجهة التي تقيم وزير المالية، ولنا قضايا ينبغي أن تتحقق في ظل “علي محمود” أو خلافه.
} هل تشرككم الدولة في اتخاذ بعض القرارات خاصة التي تتصل بالعمال؟
– إذا تمت مشاورتنا.. وإذا لم تتم فنحن نقدم مبادرتنا.. وقد قدمنا رؤية في شأن الدستور القادم وظللنا نقدم مباردات خاصة بالاتحاد فى كل القضايا القومية.
} يقول البعض إن الهيكل الوظيفي الحكومي يحتاج إلى معالجات.. كيف تنظر لتلك المطالب؟
– الاتحاد ضد الترهل الحكومي في كل الاتجاهات، سواء أكان على المستوى المركزي أو الولايات والمحليات، ونحن ضد الترهل في جهاز الحكم مهما كانت مسبباته، ولسنا مع الموازنات الجهوية والاثنية والقبلية.. نحن مع حكومات الكفاءات، ومع حكومات رشيقة بتنمية متوازنة تشمل المركز وكل الولايات.
} البعض ينظر للنقابات بأنها موالية للنظام، والمؤتمر الوطني يهيمن عليها؟
– دعني أذكرك بأنه في الحركة النقابية بالسودان وصلنا إلى فهم متقدم ومتصالح، ونحن بفهمنا هذا لن نخرج لندمر أو نحرق طلمبات.. نحن بمبادراتنا التي ذكرتها لك وبالرؤية الواضحة في القضايا استطعنا تغيير الكثير من الأمور.
} ماذا عن مشاركة بقية الأحزاب في الاتحاد؟
– الاتحاد يستحيل أن يكوّن على أساس حزبي، فهو مفتوح للجميع دون النظر لانتماء الشخص السياسي، ولن نتحدث عن أي حزب من الأحزاب داخل الاتحاد لأنه اتحاد قومي (لكل حزبه، والنقابة للجميع)، وداخل الاتحاد لا يوجد (مؤتمر وطني)، وهو ليس مكاناً للمحاصصات بين الأحزاب.. وفي الخارج (أي زول على كيفو).. (يبقى مؤتمر وطني، يبقى مؤتمر شعبي، حزب أمة، اتحادي، على كيفه).. لكن داخل الاتحاد لا توجد أحزاب.
} أين وصلت مساعيكم لتنفيذ زيادة الأجور في القطاع الخاص؟
– حالياً هنالك لجنة مشتركة بين اتحاد العمال واتحاد أصحاب العمل، وقريباً ستصل إلى اتفاق يقضى بتنفيذ الزيادة في القطاع الخاص.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية