الراحل «صديق مدثر» : مارسنا توزيع (المنشورات) قبل الحزب الشيوعي..!
أديب وشاعر كبير تغنى بكلماته كبار الفنانين، “كابلي” و”وردي” و”أحمد المصطفى” و”حسن عطية”، وغيرهم.. نعاه الناعي قبل يومين فشق نعيه على كل الساحة الفنية..
نعيد في المساحة التالية مقتطفات من حوار كنا قد أجريناه معه في ضروب شتى عن جوانب في حياته لا يعرفها الناس.. له الرحمة والمغفرة:
} ماذا في البطاقة الشخصية؟
– صديق مدثر، من مواليد مدينة أم درمان، فيها نشأتُ وتلقيتُ تعليمي، بداية بمدرسة الموردة الأولية، ثم مدرسة أم درمان الأميرية، ومنها التحقت بالمدرسة الأهلية الثانوية العليا، التي تُعد من أكبر المحطات التي شكلت وجداني كشاعر.
} كيف شكلت وجدانك؟
– لقد كانت مدرسة أم درمان الأهلية العليا حصناً للوطنية، وكانت مقراً لأفذاذ الشبان السودانيين، وحتى الذين تخرجوا من الجامعات وعملوا في وظائف مختلفة تركوا الوظيفة ليعملوا بها مدرسين بنصف ما كانوا يتقاضونه.
} ما هو الهدف من قيام المدرسة الأهلية؟
– الهدف أن أولئك الوطنيين أحسوا أن الاستعمار لن يعطيهم كل شيء؛ ولذلك عندما خرج الاستعمار من البلد كان عدد المدارس الأهلية قد تجاوز الاثنتي عشرة مدرسة، علماً بان الاستعمار كان له أربع مدارس ثانوية فقط.
} من هم أقرانك بالمدرسة الأهلية في ذلك الجو المشحون بالأدب والسياسة؟
– من أقراني المرحوم عبد العزيز الأمين عبد الرحمن، كان والده أحد كبار الصاغة بأم درمان، وكان دائماً يصطحبني ويقول لي (يا صديق أنت تشجعني ولا بد أن نحرك الشعب فالشعب نائم)، وأذكر أن مظاهرة قد اندلعت ضد المستعمر، فقال عبد العزيز في تلك المظاهرة وهو يوجه حديثه للشعب قائلاً: (أنت يا شعب نائم) وأذكر أيضاً عندما يئسنا من الأحزاب كونا تنظيماً أسميناه (فئة آمنت بالله وبالوطن) وقمنا بتوزيع المنشورات بكل مناطق أم درمان قبل أن يعرف الحزب الشيوعي توزيع المنشورات.
} من كان معك في التنظيم؟
– كنا ثلاثة عبد العزيز الأمين وشخصي والدكتور عبد الله آدم.
} لمن من الكتاب وقتها قرأت؟
– قرأت لمصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، والعقاد، وزكي مبارك، وكنت أداوم على قراءة الرسالة أسبوعياً.
} ما هي أول قصيدة لك؟
– كانت (فتاة الوطن) وغناها الفنان الراحل أحمد المصطفى.. كتبتها وأنا بالسنة الرابعة الثانوي عام 1951م.
} وقصائدك الأخرى؟
– (فتاة الاتحاد) تغنى بها الفنان أحمد المصطفى و(محبوبي يا هاجر) تغنى بها الفنان حسن عطية، وقتها لم أكتب الشعر للغناء ولكن الفنانين هم الذين اختاروا القصائد لتصبح غنائية.
} من إنتاجك الشعري وأنت ببخت الرضا؟
– نظمت أوبريت باسم (العلم) لحنه الماحي إسماعيل وشارك فيه المربي الكبير المرحوم أحمد محمد سعد.
} بعد أن انتهت فترتك ببخت الرضا ما هي محطتك الثانية؟
– عدت معلماً بنفس مدرستي النهضة ومنها التحقت بمدرسة أبوروف بنات، ثم المعهد الفني مساعداً لشؤون الطلاب وفي المعهد الفني كتبت قصيدة (ضنين الوعد) ومن ثم غنى الفنان محمد وردي (الحبيب العائد) وكان ذلك كله خلال فترة أكتوبر 1964م.
} كيف كانت إرهاصات أكتوبر وأنت بالمعهد؟
– في أكتوبر خرج المعلمون والموظفون والعمال في موكب، وكان من أكبر المواكب التي خرجت وقتها ضد نظام عبود، أذكر أن الموكب وقف بالقرب من القضائية.
} من القصائد التي نظمتها بعد الحبيب العائد؟
– (أيادي الخير).. وتغنى بها كابلي، و(عروس الحقل) تغنى بها أيضاً كابلي.
} من هي ملهمتك؟
– الحديث عن الملهمات محرج، ولكن في مقدمة ديواني الثاني (الوهج الثاني) قلت إن بعض القصائد كان الاشتباك العاطفي فيها مباشراً بين الشاعر والملهمة، وبعضها جاءت لرواية مقنعة أفلح الراوي في سردها.
} ما هو السبب؟
– لم أعرف السبب ولم أسأله.
} هل يوجد شيطان شعر؟
يوجد وأنا أسميها قوة التركيز في التجربة الشعرية، والدليل على شيطان الشعر (ضنين الوعد) فهناك كلمات في القصيدة لم أعرفها، ولكن جرت على لساني مثل (يرتاد) ففي ذاك الزمان لم يرتاد أحد السماء.. والشعر لا يأتي من فراغ فلا بد من الملهمة.
} متى تكتب الشعر؟
– بالليل وبعد أن ينام الناس، وأذكر أن (ضنين الوعد) كتبتها بعد منتصف الليل.
} هل أفقت من النوم فجأة وكتبت قصيدة؟
– نعم حدث.
} هوايات مارستها من غير الشعر؟
– لم تكن لي هوايات، فالشعر هو هوايتي وشغلي الشاغل.
} أيام فرح عشتها؟
– ليست لدي أيام فرح.
} والسبب؟
– فلا يمكن أن تكون ملهمتي الأولى أبعد من الثريا وأنا في الثرى.. وأنا راضِ بهذا المصير.
} وأيام الحزن؟
– عند ارتحال الأصدقاء الأعزاء.
} لأي شيء تغضب؟
– أغضب لرجل قوي يهزأ بحقوق الضعيف.
} مقتنيات تحرص على شرائها عند دخولك السوق؟
– مصباح أقرأ على ضوئه أو شراء شموع.
} أكلات تجيد طبخها إذا دخلت المطبخ؟
– أنا طباخ ماهر وأطبخ حسب المواصفات الصحية.