أخبار

ضبطية..!!

توقفت كثيراً أمام خبر ضبطية الشرطة لكميات مهولة من الخمور المستوردة، وهو إنجاز كبير ومقدر من أولئك الرجال الذين يعملون في صمت حتى ينام شعبنا آمناً مستقراً، وقد نظرت إلى الخبر من زوايا مختلفة يمكن تحديدها في الكمية الكبيرة (جداً) من المضبوط، وهو ما يعني أن العمل يتجاوز قدرات شخص منحرف أو صاحب نشاط هدام، هذه الكمية عمل منظم لا يقدم عليه إلا من كانت وراءه قدرة اقتصادية وإمكانيات لا تتوفر للناشطين عادة في هذا المجال، فالشاهد أن الشحنة عبرت مسافات طويلة من الحدود الشرقية إلى الخرطوم، مما يعني أن التمويل وربطاً بالكمية ذات التكلفة العالية من الخمور المستوردة، ونطاق التوزيع الذي استهدف أحياء راقية مما يشي بزبائن (مخصصين) من أهل اليسار المادي والرفاهية، كلها مؤشرات تضع عندي الحدث في مرتبة العمل الذي يجب التعامل معه بكونه فوق درجة عملية تقليدية لترويج الخمور بالخفاء.
المعروضات في البلاغ بلغت (2,078) زجاجة بيرة، و(1,047) زجاجة ويسكي كبيرة، وعدد من الأكياس للتوزيع، فضلاً عن آلاف الجنيهات، وعربتين إحداهما شاحنة ضخمة وأخرى سيارة ملاكي فارهة، وحسب الصادر عن الشرطة وقسم أمن المجتمع بالمقرن فإن الكمية أعدت لتوزع خلال أعياد رأس السنة بعملية منظمة لترويج الخمور بشارع النيل والعمارات والمنشية وشارع (محمد نجيب).. العملية تخالف بهذا الشكل القديم المعروف لدى السلطات الأمنية، الذي يقوم على وجود مروج أو موزع ينتقي زبائنه عادة في نطاق ضيق بالأحياء الشعبية عبر موزعين من الشباب الصغار بوسائل نقل محلية تقليدية مثل (الركشات)، لكن المناطق المشار إليها في الواقعة الجديدة تعني أن هذا الشكل من الموزعين اختفى وحل عوضاً عنهم أشخاص، وقياساً على نطاق التحرك المتوقع، قد يكونون من أهل الوجاهة وربما أي غطاء آخر ينتشرون تحته بطمأنينة لافتة، وهنا فقائمة الاتهامات عريضة وطويلة ويمكن ارتداء أكثر من قبعة لجهة أو لشخص ما.
مثل هذه العمليات من المهم إتباعها بتحليل جيد، وتوقع لمؤشرات دلالاتها الأمنية والاجتماعية، ولهذا أرى أن الجانب الذي يتطلب الآن البحث والمتابعة تساؤل موضوعي وصحيح حسب القواعد الأمنية نفسها التي تقول إن المضبوط عادة يعني أن مقداره أو أكثر منه قد تسرب، وبالتالي فإن نطاق البحث والرصد قد تحدد مسبقاً مع أهمية وضع التحوطات الإجرائية الاستباقية، والمناسبة كذلك مع لحظات الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، وهنا يجب ظهور دور للمجتمع والأسر بتفعيل آليات الضبط والمراقبة والتوجيه، بل والحزم في تلك الليلة، فما كل الأمر يترك للسلطة والشرطة وطواف وكلاء النيابة والمعتمدين الذين صار لهم ختام العام الميلادي ليلة تحتشد بالسهر والأرق المرهق، فلكل منا دور وواجب قبل وقوع المشاكل وتفجرها ثم الرجوع إلى قاعدة استكتاب التعهدات!
حتى الآن فيما أرى تتقدم الشرطة المجتمع في معالجة هذا الأمر، وحان الوقت ليساهم معها الناس وبفعالية، فلكل منا دوره سلطات مواطنين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية