الإسلاميون من "الترابي" إلى "غازي"..!!
يتحدثون عن إبعاد رموز الحركة الإسلامية وهو يقوم في جزء منه على ما حدث من ابتعاد بعض الشخصيات من العمل التنفيذي، وليتهم قالوا لنا عن نتائج ذلك على الحركة لنفهم هل يتوقعون تدهوراً في نشاطها وحركتها نتيجة للابتعاد.. والذي نعرفه منذ أيام التعددية الحزبية أن الحركة الإسلامية واجهت انسحاب كثيرين منها منذ أواسط الستينيات، حيث شهدت تلك الفترة انسحاب “الرشيد الطاهر” الذي كان الرجل الثاني بعد “الترابي”، والذي انضم فيما بعد إلى حزب “نميري”. ولم يؤد خروج “الرشيد” إلى انتكاسة في نشاط الحركة، بل استفاد “نميري” من نشاطه وخبراته السياسية ووظفها لصالح نظامه.
وفي فترة لاحقة انشق “صادق عبد الله عبد الماجد”، وتوقع أن يكوّن حزباً مناوئاً لـ”الترابي” لكنه اكتفى بالانسحاب، بينما استمر “الترابي” في قيادته للعمل مستغلاً الكاريزما التي لديه منذ ثورة أكتوبر 1964م التي أبرزت الدور السياسي، وأظهرت شعبيته الكبيرة، فجمع كل أتباعه وكوّن منهم الجبهة الإسلامية، التي أصبح اسمها (الحركة الإسلامية) هذه الأيام، تهرباً من ادعاء أن لهم حزباً سياسياً مثل باقي الأحزاب. ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه الجماعة تجمعاً عريضاً لا علاقة له بأي حزب سياسي، وأضحى الناس يتعاملون مع الإسلاميين على أساس أنهم تجمع يضم كل الأحزاب وليس حزباً سياسياً مثل باقي الأحزاب، والآن عندما يتحدث الناس عن الإسلاميين فإنهم يقصدون تجمعاً كبيراً يضم تيارات عريضة متعددة يجمعها كلها الإسلام كعقيدة، واستمر الأمر كذلك إلى أن وقع الانقلاب الذي حمل الإسلاميين للسلطة عام 1989م وما زالوا فيها حتى الآن، ولكن حدث الخلاف بينهم فانقسموا إلى مجموعتين إحداهما باسم المؤتمر الوطني بقيادة “البشير”، والأخرى باسم المؤتمر الشعبي بقيادة “الترابي”.
آخر انشقاق هو الذي قادته مجموعة “غازي صلاح الدين” ومجموعة غاضبة من تهميشها عند توزيع المناصب الدستورية، وهؤلاء يستعدون حالياً لإعلان حزب مستقل، وهذا آخر انشقاق بقيادة “غازي” ومجموعة مثقفة، كلهم لا يشك أحد في إخلاصهم للمشروع الإسلامي، يسندهم تاريخ طويل من العمل في التنظيم منذ أيام المرحلة الدراسية. والحقيقة أن كل الذين انشقوا لا يشك أحد في إخلاصهم للحركة الإسلامية، ولهذا لم تصحبهم لعنة الخيانة للجماعة رغم خروجهم.
ويلاحظ حرص الجماعة التي تنشق على إظهار إخلاصها للفكر الإسلامي، ولهذا ظل التيار الإسلامي باستمرار قوياً ولم يجرؤ أحد على إعلان التمرد عليه، لأنه لا يود أن يتهم بأنه ضد الإسلام، حتى “غازي صلاح الدين” رغم إعداده لإنشاء حزب إلا أنه لم يفجر في الخصومة مع أخوة الأمس، لأنه موقن أنه لن يصبح معارضاً لهم على طول الخط وترك مساحة للتراجع مستقبلاً.
الآن يبدو أن كل الجماعات الإسلامية موقنة أنها لا تصلح للانضمام إلى حزب آخر، لأن ذلك يعني أنها بصقت على تاريخها، ولما كان تاريخها مرتبطاً بالعقيدة فإن أحداً لا يفكر في إعلان التمرد العلني، كما يبدو أن الجميع مجمع على تجديد الفكر التنظيمي الذي حكم تحرك الحركة منذ إنشائها، والجميع يبدو موافقاً على تجنب سلوك إخوتهم في مصر الذي جعلهم في عزلة عن المجتمع رغم احترام الناس للدين وإعجابهم بتدين الجماعة، وما هذه التململات في جسم الحركة إلا للرغبة في إدخال مزيد من الديمقراطية في اختيار القيادات وإلغاء هالة القداسة، فهذا هو السلوك الإسلامي الحقيقي منذ عهد الرسول “صلى الله عليه وسلم” وصحابته، وتشعر الجماعة أنها إذا لم تمارس ديمقراطية حقيقية داخل صفوفها فإنها ستفقد كل شيء، ولا تستبعد عودة اليسار مرة أخرى إلى الواجهة.
> سؤال غير خبيث
هل من الضروري استمرار الجماعة الإسلامية كحركة عريضة أم كحزب؟!