الإسلام والديمقراطية..!!
يُتهم الإسلاميون دائماً بأنهم غير ديمقراطيين، وأنهم دائماً يؤيدون الأنظمة الشمولية لأنهم يخشون فقدان السلطة.. الرد على هذا الاتهام يعيدنا إلى تأمل مبادئ الإسلام ثم التفكر في تاريخه.. أولاً المبدأ الأساسي للإسلام يقوم على أساس أن كل الناس أحرار وأنهم عبيد الخالق وحده، أي لا عبودية لبشر تحت أي شعار، ومهما كانت الظروف.. والإسلام عند ظهوره كان أول من ناصره الرقيق والمستضعفون لأنهم رأوه ثورة حرية ضد الاستعباد.. وشعار الإسلام الخالد (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)، أي أنه ألغى التمايز القديم بالأسر والآباء إلى آخر جديد يقوم على أساس قوة الإيمان وحده.
وفي التاريخ الإسلامي الكثير من الأمثلة التي تؤكد هذا المعنى.. عندما جلد ابن “عمرو بن العاص” ذلك المصري وأحضره “عمر” إلى المدينة ليقول له كلمة صارت شعاراً لمنظمات حقوق الإنسان حتى اليوم، قال له: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).. واليوم أول مادة في ميثاق حقوق الإنسان (الناس يولدون أحراراً).
وحيثما اتجهت الدعوة الإسلامية، كان أكثر الناس حماساً لها الرقيق والفقراء، لأنهم رأوا في مبادئه حرباً على الطبقية وإنصافاً للضعفاء.. ومن غير المعقول أن يؤيد الناس دعوة ويتحمسوا لها إذا لم يجدوا فيها إنصافاً لهم.. ليس هذا فحسب، بل يقاتلون من أجلها ويستشهدون.. صحيح أن الخليفة أعطى سلطات كثيرة، ولكنه جعل اختياره يتم بالديمقراطية والانتخاب الحر المباشر، كما حدث عند اختيار أول خليفة، وبعد هذا ألزم المسلمين بإسداء النصح له وعزله إن لم يلتزم بمبادئ الإسلام.. أي أن الحاكم في الإسلام ليست له سلطة مطلقة وأحاطه بمجموعة مستشارين من أهل الحل والعقد.. وهؤلاء يختارهم الناس بطريقة حرة مباشرة.
يخلط البعض بين مبادئ الإسلام التي تتصل بعالم الروح والأخرى الزمنية.. والإسلام وضع شروطاً للاثنين وأقام قداسة حول الأمور الدينية وجعل فيها شروطاً لا ينبغي تجاوزها، وهذا وضع طبيعي لأمور لا يفهم فيها العباد شيئاً لأنها تتصل بعالم الروح، ووضع شروطاً لرجل الدين تقوم كلها على العلم، وهذا أمر متاح لكل إنسان ولا يقوم على الانتماء العنصري أو العرقي أو الأسري.
يقولون إن العصر الحديث تطلب الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.. وهذا نفسه ما طالب به الإسلام، فنجد أن القاضي يتمتع بسلطة تفوق سلطة الحاكم ووضع شروطاً منها أن يكون عالماً بأمور الدين والدنيا وأن لا يتأثر بآراء السلاطين.. وفي التاريخ الإسلامي الكثير من الأحداث عن صدام بين القضاء والحاكم، وقد يؤدى الأمر إلى استشهاد القاضي.
الذين يضربون أمثلة عن حكام طغاة في الإسلام نقول لهم.. هل قال هؤلاء إن طغيانهم مستمد من مبادئ الإسلام؟ أم هو اجتهاد فردي؟ صحيح إن الكثير من الذين حكموا البلاد الإسلامية كانوا طغاة، لكنهم لم يقولوا إن ذلك مستمد من الدين.. لقد وصلت الأمور في هذه الناحية إلى الملك العضود، ولكنه كان دائماً من الاجتهادات التي لا أصل لها في الإسلام.. المهم في هذا العودة إلى عصر الخلفاء الراشدين ومراجعة أسلوبهم في الحكم، والتوقف طويلاً أمام نزاع “علي” وأحد اليهود وكيف انتهى هذا النزاع لصالح اليهودي على يد قاضٍ مسلم مما يؤكد حرية القضاء في الإسلام، والفصل بين السلطات كما هو في الديمقراطية الحديثة.
الديمقراطية الحديثة تقوم على الفصل بين السلطات، والانتخاب الحر المباشر للحاكم شيء موجود في أصل مبادئ الإسلام، ولهذا فإنني أعجب ممن يقولون إن الإسلام يساند الحاكم المطلق، وأعجب أكثر من إسلاميين يناكفون تطبيق الديمقراطية بينما هي أصل في الإسلام، الذي يقول (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
> سؤال غير خبيث
هل هناك دين غير الإسلام قال إن الناس يولدون أحراراً؟!