أخبار

كوكب آخر!

أثار غزو الإنسان للفضاء أول مرة العديد من ردود الفعل العالمية، ورغم أهمية هذا الحدث الكوني الكبير وما ترتب عليه لاحقاً من نتائج مذهلة على شتى الأصعدة، إلا أن استقبال العالم للحدث كان لا يقل دهشة عن دهشة غزو الفضاء نفسه، حيث كثرت الآراء والتعليقات والتي حمل الكثير منها قسطاً وافراً من السخرية التي أصبحت آنذاك مادة أساسية في عناوين وأخبار معظم صحف العالم.
ورغم قدم هذا الحدث العلمي وقدم الأصداء التي صاحبته في ذلك الوقت، إلا أنه بين يدينا الآن بعض الكتب التي رصدت مثل هذه التعليقات الساخرة، ومن ذلك ما أوردته على ألسنة البعض فأنصار السلام مثلاً قالوا: (إذا كنتم تستطيعون أن ترسلوا رجلاً إلى القمر، فلماذا تعجزون عن وضع نهاية للحروب على الأرض؟!)
أما الأطباء فقالوا: ألم يكن اهتمامكم بعلاج السرطان والأنفلونزا أولى من إرسال رجل إلى القمر؟!
الطلبة قالوا: ألم يكن الأجدر بكم أن تنظموا لنا رحلات على الأرض نرى من خلالها الدنيا قبل أن تفكروا في إرسالنا إلى القمر؟!
السياسيون في أميركا قالوا: سنصل قبل الروس وسنرفع العلم الأمريكي فوق القمر.. وسنقيم قاعدة لصواريخ الفضاء، أما السياسيون في روسيا فقالوا: سنترك للأمريكان القمر وسنتجه إلى المريخ.. فهو مركز إستراتيجي أهم!
وأخيراً قالت الشعوب: اتركوا الكون يعيش في سلام وكفاكم ما فعلتم بالأرض!
مثل هذه التعليقات “الافتراضية” لا يمكن أن تكون حصيلة مؤكدة ومطلقة لما دار من أصداء بين الناس في تلك الأيام حول هذا الحدث ولكنها ربما تلخص بعض اتجاهات من تبنوا رصد مثل هذه المقولات ومدى ارتباط ذلك بالظرف التاريخي نفسه حيث إن ما قيل أيامها قد لا يقال في زماننا هذا وحيث إن كلام “الأمريكان” يمكن أن يصبح اليوم كلام “الروس” وكلام “السياسيين” يمكن أن يصبح اليوم كلام “الشعوب”، وهكذا يتغير المكان بتغير المقام والعكس وارد وإن لم يرد!
لقد اندهش البشر في بادئ الأمر من وصولهم إلى القمر لكنهم حينما وصلوا إلى المريخ أصبحت دهشتهم أقل وفي المستقبل حينما يصلون إلى الكواكب الأخرى ستكون الدهشة أقل بكثير جداً!! وهذا يعني أيضاً أن تعليقات و “آراء” الناس حول الأحداث ستأخذ مساراً جديداً وفقاً لأوضاع البشر ومعطيات الحياة كأن نتخيل مثلاً أن بعضهم لو تم الوصول إلى كوكب جديد مستقبلاً سيقول (أليس من الأحرى أولاً “تعمير” الكواكب التي تم اكتشافها سابقاً قبل التفكير في الدخول إلى كوكب جديد) أو سيقول: (ألا تكفي مشاكل الأرض حتى نفتح على أنفسنا مشاكل زحل و عطارد و …..) أو سيقول: (لمن سيؤول مصير هذه الكواكب الجديدة ونحن ما زلنا نختلف على حدود الأرض) أو سيقول: (هؤلاء المكتشفون لن يهدأ لهم بال حتى يطردوا كل البشر من على وجه الأرض أو يرحلوا هم عنا!).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية