لو دامت لهم.. لما آلت لكم
} (إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة).. هذه العبارات من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لـ”أبي ذر الغفاري” كانت تمثل الإجابة النموذجية للكادر (الإسلامي) الملتزم عند (تعيينه) أو (إعفائه) من وظيفة عامة، وزارة أو ولاية أو سفارة أو معتمدية.. أو حتى عضوية لجنة شعبية.
} الآن.. يبدو أن الأمر قد اختلف.. تبدلت العبارات، وتغير المشهد، فالبعض صار ينصب (صيوانات الفرح) لاستقبال وفود المهنئين بالمنصب!! أما البعض الآخر فينسج من أحزانه وحسرته على زوال المنصب (صيوانات عزاء) معنوية.. يذرف الدموع فيها، يشكو.. ويغضب ويحدث الناس عن (مؤامرة) حيكت ضده بليل!!
} “علي عثمان محمد طه” و”نافع علي نافع” و”أحمد إبراهيم الطاهر” مثلوا نماذج محترمة تحتذى في التنحي بأدب والاستقالة بهدوء، وتزكية الخلفاء على مناصبهم الرفيعة والوعد بإعانتهم والعزم على البقاء ناصحين ومرشدين من مقاعد أعضاء البرلمان والمكتب القيادي للحزب الحاكم.
} لماذا يتحسر أحدهم على خروجه من الوزارة إن كان يعمل حقاً بوظيفته لوجه الله وخدمة الشعب والوطن؟!
إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة.. فلم تتباكون على حمل عظيم وتركة ثقيلة أزيحت من على كواهلكم؟!
} غادر الحكومة بالتشكيل الأخير رجال (كبار) جاءوا بـ(الإنقاذ) من رحم العدم، مثل “علي عثمان” الذي كان يدير (انقلاب) 30 يونيو 1989م من رئاسة أحد البنوك الإسلامية بالخرطوم، و”عوض الجاز” رجل التنظيم (الخاص) كاتم الأسرار وصانع المعجزات، فلم لا يغادرها آخرون جاءوا من الصفين (الثاني) و(الثالث) في تنظيم الإسلاميين بالسودان؟!
} مضى “علي عثمان” وكأن شيئاً لم يكن، وفعلها “نافع” الذي قالها لي شخصياً في داره قبل (يوم واحد) من مغادرته قيادة الحزب الحاكم: (لو كلفوني بلجنة الانتخابات في الحزب، فأنا مستعد أن أعمل تحت قيادة “غندور” دون أدنى حرج)!!
} هذا “النافع” الذي تطاول عليه بعض الصبية في مجالس السياسة والمجتمع لا يعرفون عنه، هم وآخرون في دنيا السياسة والإعلام شيئاً غير جملة (لحس الكوع)!!
لكنه والشهادة لله في حق رجل غادر (القيادة) و(السيادة) هو (أرجل راجل) عرفته (الإنقاذ) خلال العشر سنوات الأخيرة.
} هذا “النافع” يأتيك في بيته هاشاً باشاً مهرولاً (بالعراقي)، صالونه مفتوح، وقلبه مغسول، لا يعرف المداهنة ولا يجيد الكذب، وصدق الشيخ “الترابي” عندما وصفه لي في أول حوار نشرته (المجهر) في 16/4/2012م بأن (قلبه أبيض من لسانه)!! والدكتور “علي السيد” المحامي أحد أشرس معارضي (الإنقاذ) لا ينكر في حديث صحفي أمس أن (علاقته جيدة) مع “نافع”!! وآخرون من (قلب) المعارضة لا داعي لذكرهم تربطهم علاقات وصلات أعمق مع رجل الدولة الشجاع، يوادونه سراً، ويعادونه جهراً!! وإن ذلك لمن عظمة هذا الباسل المغوار.
} سادتي.. لا تحزنوا على الوزارات، ولا تفرحوا بها.. فلو دامت لـ”علي عثمان” و”نافع” و”عوض الجاز” و” أحمد إبراهيم الطاهر” و”عبد الحليم المتعافي” و”علي محمود” لما آلت لكم.
} (إنها أمانة.. وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها). صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.