رأي

زائرة غريبة..!!

في حياة كل صحفي رحلة لا ينساها بما صادفه خلالها من غرائب خرج منها بتجربة جديدة أفادته في مسيرته.. وأنا كان قدري أن أصادف كل يوم زائراً غريباً أو يقول كلاماً غريباً ويطلب نقل كلامه إلى القراء لأنه يؤمن به.. وهناك زائرة ما زلت حتى اليوم في حيرة من أمرها، أصرت على استقبال الصحيفة أن يأخذوها إلى مكتبي أنا بالذات، وكنت في ذلك الحين أعمل بصحيفة (ألوان)، وعندما قال لي موظف الاستقبال إنها رفضت لقاء أي صحفي آخر، طلبت السماح لها بالدخول، ووصلت إلى مكتبي، ولم أعرف هل هي من الإنس أم من الجن، فقد كانت تلبس ملابس كلها سوداء وطرحة من نفس اللون.. وكان معي زملاء آخرون، فطلبت صرفهم لأن كلامها خاص جداً، وبعد أن خرجوا قالت إنها سمعت عن حلي لمشاكل شبيهة بمشكلتها لذا تتوقع حلها على يدي.
في البداية أبديت دهشتي من ملابسها السوداء التي لا تظهر منها إلا عيناها، وطلبت منها كشف وجهها لأني أود معرفة الملامح التي أتحدث إليها، ولكنها أصرت على الرفض، وانطلقت تحكي عن امرأة جارتهم زارتها في منزلها واستغلت غيابها عن المنزل وسرقت كمية من ذهبها كانت تحتفظ به في دولابها، وقالت إن خادمتها شاهدتها وهي تسرق، وإن تلك المرأة زوجها يمتلك مصنعاً يعمل فيه زوجها، وإنها حاولت إعادة الذهب منها بالحسنى لكنها رفضت، وعندما هددتها بالذهاب إلى الشرطة تحدتها. وأبديت دهشتي من أن تكون زوجة صاحب المصنع ومع ذلك تسرق ذهباً بإمكانها شراءه، فقالت إن تلك اللصة استغلت معرفتها بثغرات القانون وتحدتها في تقديم دليل واحد على أنها اللص الذي سرق الذهب. ومضت إلى القول إنها دفعت ثمن اتهامها لأن زوجها فقد عمله في المصنع وأصبح عاطلاً، وإنها تطلب مني التوجه إلى صاحب المصنع لكي أثنيه لأنها متأكدة من أن زوجته هي السارقة، فقلت: لا أستطيع التأكيد على ذلك، ولكن تدخلي سيكون محصوراً في الوساطة لكي يعيد زوجها إلى العمل مقابل إسقاط البلاغ عن زوجته، فقالت إن زوجها استطاع الحصول لها على البراءة في التحقيق من وكيل النيابة، فقلت: وماذا أستطيع أن أفعل وقد برأتها النيابة؟ وطلبت منها حصر الوساطة في المصالحة بعد الاعتذار منها، لكنها أصرت على عدم الاعتذار، وأن المطلوب مني إقناعها برد الذهب كاملاً، وكانت ترفض كلامي في عصبية ظاهرة وتنظر إلى السقف أثناء حديثها، وقد فشلت كل محاولاتي لرؤية وجهها ولو لثانية.. وأخيراً قلت لها مودعاً: عندما تحضرين المرة القادمة يأتي معك زوجك فربما قبل كلامي حول الوساطة، وخرجت لتعود بعد أسبوع وحدها، وأيضاً أعادت القصة من البداية وأنا أعدت عليها طلبي الخاص بالوساطة، لكنها رفضت في إصرار، وأبلغتني بأن تلك المرأة دفعت لخادمتها لكي تغير أقوالها، وأنها فقدت الشاهد الوحيد على عملية السرقة بعد أن قبضت خادمتها آلاف الجنيهات وسافرت بها إلى بلدها.. وخرجت لتحضر بعد أسبوع، وكان معي زميلتان متدربتان، وبعد أن عرفتا أنها تلك المرأة التي حكيت لهما قصتها طلبت منهما التوجه للقائها في الاستقبال لمنعها من الحضور إليّ في المكتب.. ذهبت الزميلتان، وعادتا لتؤكدا أن المرأة مصرة على إعادة ذهبها أولاً وقالت لهما إن هذه مهمتها الوحيدة، ولما لم تفلحا معها انسحبتا وطلبتا من موظف الاستقبال إبعادها.. وهذا ما حدث.
وقد أبدت إحدى الصحافيات دهشتها من الزي الأسود الذي ترتديه وقالت لي إنها تبدو من عبدة الشيطان، فزاد خوفي منها.. وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي نشاهدها فيها.. وما زلت حتى اليوم في حيرة من أمرها.. هل لديكم تفسير لحقيقة هذه المرأة الغريبة وقصتها الأغرب وإصرارها على الملابس السوداء؟ هل لديكم شك في أنها شيطان؟!
{ حكمة اليوم
اللهم احفظنا من شرار إنسك وجنك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية