رأي

«أسامة عبد الله».. هل هو (بلدوزر) الإنقاذ؟!

المهندس “أسامة عبد الله” وزير الكهرباء والسدود، التصق اسمه دون سائر الرموز الحاكمة بأنه صاحب القدرات العالية في رسم الأمور والسياسات بالشكل الذي يريده مهما كانت درجة العواصف والغليان التي تلوح أمامه، فهو لا يهدأ له بال حتى يحقق مراميه وأهدافه وفقاً لخياراته، ارتكازاً على دفقات استثنائية من الطاقم الأعلى في السلطة.
في التاريخ المعاصر، أزاح “أسامة عبد الله” جميع الذين حاولوا التصادم معه في منهجه الذي يسير عليه، ابتداءً من والي الشمالية الأسبق “ميرغني صالح” و”مكاوي عوض” مدير الكهرباء السابق، مروراً بالأستاذ “غلام الدين عثمان” والي نهر النيل الأسبق و”الحاج عطا المنان” والي جنوب دارفور الأسبق، حتى الدكتور “عبد العظيم ميرغني” مدير الغابات السابق!! وهو أمر يكشف عن أن “أسامة عبد الله” يتمتع بنفوذ فوق العادة، وأنه يمثل ابن الدائرة النافذة في الحكم وله قدرة سحرية في التأثير على الحظوة الرئاسية، وقد استفاد الرجل من هذه الرحابة والظل الظليل حتى صار رقماً أساسياً في تركيبة الإنقاذ، وظلت إيقاعاته الوزارية مرتبطة بالافتتاحات الكثيرة والإنجازات المشهودة على صعيد تطوير وتحديث قطاع الكهرباء والسدود.
في الصورة المقطعية، يقول أنصار “أسامة عبد الله” إنه ذكي وطموح ولا يفتر من الولوج والذهاب إلى الفضاءات الشائكة ليصل إلى تحقيق نصر جديد، وإنه صاحب الرقم الأعلى في الإنجازات المحسوسة، بينما يؤكد خصومه أن “أسامة” يتعامل بلغة خشنة مع المخالفين لسياساته وأطروحاته، وأنه يريد التوسع في صلاحياته على حساب المواقع الأخرى، فهو لا يريد أن يكون (رجل السدود) فقط.
السؤال المركزي.. أين يكمن سحر “أسامة عبد الله”؟ ولماذا يتراءى أمام الناظر بملامح بسيطة وهيئة متواضعة تفتقر إلى دلالات الأُبهة والبرستيج؟؟ هل يمتلك “أسامة” خصائص ومزايا غير مرئية تخطف الألباب والأبصار؟!
من الناحية الواقعية لا يبالي “أسامة” بالهجوم الكثيف الذي يطلق عليه، ويدافع دائماً عن مواقفه بالإجراءات العملية والصور البليغة على الطبيعة، ولا يعرف خصومه ماذا يفكر في شكل الخطوات القادمة، وربما يكون رده في أغلب الأحايين الوقوف بجوار الرئيس “البشير” خلف طاولة التوقيع بين طاقم وزارته والشركات والهيئات الأجنبية حول اتفاقيات جديدة في مجال الكهرباء والسدود من خلال مشهد سريالي أمام الكاميرات.. بالنظر إلى شخصية “أسامة عبد الله”، فهو يعطيك الإحساس بتقمص شخصية “أبو ذر الغفاري” من حيث المظهر والملامح، فضلاً عن ذلك لا يشعرك بأنه الرجل الأثير في توليفة الحكم، وأن قدراته واسعة في الانتشار على خريطة الصولجان من زاوية تنفيذ البرامج الكبيرة وقهر المتاريس التي تقف أمامه.. فهل “أسامة” طبقاً لتلك المعطيات الواردة يمكن النظر إليه بأنه بلدوزر الإنقاذ؟ وقد لا يكون البلدوزر مرتبطاً بالتكسير والهدم، بل ربما يعكس قدرة “أسامة” على الاقتحام والضرب في أعماق المكونات المضادة، حتى يستطيع الرجل إفساح المجال أمام مشاريعه وبرامجه على صعيد التكاليف العامة.
ها هي بعض الإرهاصات ترشح “أسامة عبد الله” في منصب وزير الدفاع خلال التشكيل الوزاري المرتقب، وقبل ذلك ورد اسمه واحداً من خلفاء “البشير” في إطار تكهنات الوراثة على منصب الرئيس القادم في الفترة الماضية.. بداهة، قد لا تكون تلك الترشيحات دقيقة وصحيحة غير أنها تحمل مؤشرات صادقة حول ارتقاء “أسامة عبد الله” الدرج داخل المنظومة الحاكمة وهو في مرحلة الشباب، فقد انداحت شهرته على الملأ بعالم الكهرباء والسدود من اللبنات الأولى في سد مروي حتى باحة وزارة الكهرباء.. إنها رحلة شاقة مليئة بالأشواك والحصرم، والفرح والرشاش والإنجاز في إطار حبل مشدود من البداية إلى النهاية.
قصة “أسامة عبد الله” تحكي عن كادر من الحركة الإسلامية يتوكأ على مجموعة شبابية مخلصة استطاع اقتحام الحواجز والمصاعب، فقد هاجمه البعض حول تجنيب أموال الكهرباء عن المالية والتعويضات الضعيفة للمتأثرين بقيام سد مروي، غير أنه لم يهتم بتلك الأقاويل بيد أنه تفاعل مع مشروع الكهرباء والسدود حتى وصل إلى نتائج مشهودة في مرفق شديد الحساسية داخل التركيبة النفسية والمزاجية للمواطن السوداني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية