القيادي بالحزب الاتحادي عضو هيئة القيادة الدكتور "علي السيد" في حوار مع (المجهر) (1-2)
المشهد داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي يبدو غامضاً وعصياً على الفهم، فمنذ طرح المؤتمر الوطني فكرة حكومة القاعدة العريضة والأصوات تتعالى داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي.. بعضها يرفض المشاركة.. وبعضها يؤيدها.. والجميع– رافضين ومؤيدين- يبدون الآن متفقين على أن المشاركة ضعيفة وهزيلة وهامشية واسمية، غير أن الأصوات ما زالت تتعالى ما بين رافض ومؤيد لاستمرارها. وفي حوار سابق أجريناه مع القيادي “أبو سبيب” قال لـ(المجهر): مولانا “الميرغني” رئيس الحزب نفسه قال لصحيفة (الشرق الأوسط) حين سألته عن المشاركة إنها مشاركة اسمية (وما دام مولانا قال إنها اسمية.. بشارك ليه ياخي؟). وفي هذا الحوار سار القيادي بالحزب، عضو الهيئة القيادية الدكتور “علي السيد” في ذات الاتجاه، وأضاف: (كل ما يقوله مولانا “أبو سبيب” صحيح.. وكل الخطوات التي قام بها صحيحة وفي الاتجاه الصحيح وهدفها إصلاح الحزب). غير أنه عاد وقال: (نحن قبلنا بالمشاركة على مضض، ضحينا بجزء من المؤسسية وقبلنا بالمشاركة أياً كانت الطريقة التي قررت بها، حتى لا يحدث انشقاق وانفلات في داخل الحزب).. فإلى مضابط الحوار.
} دكتور “علي السيد” كيف ترى المشهد داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي؟ وكيف تقيّم الأوضاع؟
– المشهد في داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي بعد توصية اللجنة بالخروج من الحكومة، أصبح معتلاً إلى حد كبير، لأن تلك التوصية التي رفعت إلى السيد “محمد عثمان الميرغني” أخذت زمناً طويلاً، ونحن في انتظار ما ستسفر عنه، وبالتالي أصبحنا عاجزين عن القول بالاستمرار في الحكومة أو الخروج منها بناءً على تلك التوصية.. الأمر الذي جعل بعض القيادات وبعض الجماهير تتململ وتتخذ قرارات من عندها بالطريقة التي تراها مناسبة، لذلك يبدو الأمر معتلاً إلى أن تحسم هذه المسألة.. إما بالاستمرار في الحكومة أو الخروج منها.
} دكتور.. هو توصية أم قرار ذلك الذي أصدرته اللجنة.. لجنة هيئة القيادة؟
– هي ليست هيئة القيادة.. هي لجنة.
} لجنة تتكوّن من أعضاء من هيئة القيادة؟
– لا.. لا.. هي لجنة، وحسب نظام الحزب فإن الرئيس يمكنه أن يكوّن لجنة لتقدم توصية في أي أمر من الأمور.. هذه اللجنة مهما كان ما فيها من قيادات أو من أعضاء هيئة القيادة أو غيره هي في النهاية تعدّ لجنة.. وهي تصدر توصية ترفعها إلى رئيس الحزب ولا تصدر قراراً، ورئيس الحزب بعد ذلك يتخذ واحداً من (3) قرارات، إما أن يوافق على توصية اللجنة.. أو يرفضها أو يحيل الأمر إلى أجهزة الحزب سواء الهيئة القيادية أو المكتب السياسي لتتخذ هذه الأجهزة القرار.. ونحن ما زلنا في انتظار واحد من هذه الأمور حتى يستقيم أمرنا.
} وما رأي الهيئة القيادية في الموضوع؟
– الهيئة القيادية اجتمعت، قبل أن يكوّن رئيس الحزب هذه اللجنة، اجتمعت من اليوم الثالث للأحداث، وفي مؤتمر صحافي أعلنت رفضها لرفع الدعم ، وبعد ذلك كوّن رئيس الحزب هذه اللجنة لتقييم مشاركة الحزب في الحكومة.
} في ما يلي المشاركة في الحكومة.. ما رأي الهيئة القيادية؟
– الهيئة القيادية لم تجتمع مرة أخرى.. ونسبة للظروف التي كانت تمر بها البلاد عقدت اجتماعاً استثنائياً تداعينا له، وتم عن طريقه تمرير البيان والقرار.. ففي مثل تلك الظروف يمكن أن نعقد اجتماعاً استثنائياً.
لكن أمر المشاركة في الحكومة تم بناء على قرار من هيئة القيادة، أياً كانت الطريقة التي أعد بها أو صدر بها القرار.. وبالتالي…
} مقاطعة.. الطريقة التي صدر بها طريقة غريبة .. أنتم كوّنتم لجنة تفاوض مع الوطني حول المشاركة.. وأوصت بعدم المشاركة.. لكن تمّ تجاوز هذه اللجنة وتجاوز توصيتها.. وتمّت المشاركة بطريقة غير مفهومة حتى الآن.. حتى للجنة نفسها هي غير مفهومة؟
– نعم.. حقيقة المشاركة تمت بطريقة غير ديمقراطية.. ليست ديمقراطية حقيقية.. لكن نحن في هيئة القيادة وحتى لا يحدث انقسام في الحزب وافقنا على مضض على تمرير المشاركة.. معظم القيادات كان رافضاً لهذه المشاركة ولكن حتى لا يحدث انفلات في الحزب وانشقاق قررنا أن نقبل بالمشاركة على أساس أنه إذا شعرنا في ما بعد بأنها مشاركة تضر بالحزب أو بالوطن يمكن أن ننسحب.. وهذا أكدته لجنة تقييم المشاركة، حيث قالت إن المشاركة لا تفيد الحزب ولا تفيد الوطن، وبالتالي رفعت توصية للرئيس بالانسحاب من الحكومة.
} دكتور.. عندما تقول وافقنا على مضض على المشاركة حتى لا يحدث انشقاق داخل الحزب كأنك تقول ضحينا بالمؤسسية وبالديمقراطية من أجل عدم حدوث انقسام أو من أجل وحدة الحزب؟
– أحياناً وحدة الحزب قد تتجاوز المؤسسية.. وإمعاناً في بقائها…
} مقاطعة.. تعني أنها تفوقها أهمية.. وحدة الحزب تفوق المؤسسية أهمية؟
– نعم.. وحتى لا تنهار قررنا الموافقة على مضض على تلك المشاركة التي أتى بها الذين فاوضوا المؤتمر الوطني من وراء ظهرنا وشاركوا.. وحتى لا يحدث انشقاق كبير وينقسم الحزب ضحينا بجزء من المؤسسية.
} دكتور.. هناك من يرى أن الطريقة التي تمت بها المشاركة بالرغم من الموقف داخل الحزب من المشاركة تؤكد أن الحزب الاتحادي الديمقراطي هو “محمد عثمان الميرغني” أو أن “الميرغني” يحمل الحزب في حقيبته.. والآن الحزب الاتحادي الديمقراطي موجود في لندن؟
– والله هذا كلام يقوله أعداء الحزب.. ولكن حقيقة السيد “محمد عثمان” (قاعد هنا) لأكثر من سنة أو سنة ونصف السنة.. هو دائماً يقوم بمراجعة الدكتور من الخارج، لكن هذه المرة بقى هنا لأكثر من سنة ونصف السنة، وهذه مسألة غريبة جداً.. أن (يقعد السيد “محمد عثمان الميرغني” كل هذه الفترة الطويلة).
} (تعني يقعد هنا في البلاد)؟
– نعم في البلاد.
} لماذا يكون وجوده في البلاد أمراً غريباً.. يفترض أن الغريب وجوده خارج البلاد؟
– (لا.. لا.. غريب لأنه دائماً هو يراجع الدكتور.. لكن هو بقي هنا لسنة ونصف السنة ولم يراجع خلالها الدكتور ولو ما الدكاترة ذاتو ألحوا عليه بالمجيء إلى لندن ما كان مشى).
} إذن أنت تدحض هذا الاتهام.. أن الحزب الاتحادي الديمقراطي هو “محمد عثمان الميرغني” وأنه هو الذي يتخذ القرار ويكسر القرارات؟
– أبداً.. لو كان هو الذي يتخذ القرار لما كوّن هذه اللجنة.. لو كان هو الذي يتخذه لاتخذه دون تكوين لجنة.
} وما فائدة اللجنة إذا كانت قراراتها لا تحترم؟
– اللجنة لا تصدر قراراً.. أنا قلت لك إن في لوائح الحزب اللجان لا تصدر قرارات.. لكن إذا عقدت هيئة القيادة أو المكتب السياسي اجتماعاً فيمكن أن يصدرا قراراً.
اللائحة تقول إن الرئيس يمكن له أن يشكل لجنة تبدي رأيها فقط، وبالتالي رأيها يكون توصية وليس قراراً.
} توصية تُرفع إلى من؟ الحزب أم “الميرغني”؟
– تُرفع للسيد “محمد عثمان الميرغني” باعتباره هو رئيس الحزب الذي كوّن اللجنة.
} لكن هل هذه مؤسسية يا دكتور؟
– هذه مؤسسية كبيرة جداً.. هذه قمة المؤسسية.
هناك أشياء تشكل لها لجنة لكن هناك أشياء.. (هو لو كان قال تجتمع هيئة القيادة وتقرر.. كنا حنقرر طوالي).
} لكن هيئة القيادة بهذه الطريقة ألا تكون مهمشة؟
– (لا.. ما مهمشة).
} لا تجتمع وتقرر إلا إن طلب منها رئيس الحزب ذلك؟
– نحن في الهيئة القيادية اجتمعنا كما ذكرت لك، بدون رأي رئيس الحزب.. نحن اجتمعنا في يوم (26) وأصدرنا بياناً باعتباره صادراً عن هيئة القيادة وعن الحزب.
} بيان قلتم فيه (رفض رفع الدعم)؟
– قلنا رفض رفع الدعم ورفض قتل المحتجين.
} وما تأثير ذلك البيان؟ الدعم تم رفعه والمحتجون…؟
– نعم صحيح.. لكن حددنا موقفاً.. حددنا موقفنا بالرغم من أننا مشاركون في الحكومة.. هذا هو موقفنا، لكن الحكومة لم تحترمه، لذلك اللجنة أصدرت التوصية وقالت بالخروج من الحكومة.
نحن، عندما قام المؤتمر الوطني بمشاورتنا، وهي المرة الأولى التي يشاورنا فيها ويطلب أن نشارك بالرأي، قلنا (عدم رفع الدعم)، وكتبنا مذكرة بذلك، وهم وافقوا عليها وقالوا لنا لن نتخذ قرار رفع الدعم إلا بموافقتكم.. لكن بالرغم من ذلك قاموا برفع الدعم، لذلك قامت لجنة تقييم المشاركة بالتوصية بالانسحاب من المحكومة.
} دكتور ما تقييمك لمشاركة حزبكم في الحكومة؟
– المؤتمر الوطني لا يعرف المشاركة، وهو يسعى دائماً إلى أن يستوعب الآخرين، ولا يسمح بإبداء رأي إلا من خلاله هو وبالاشتراك معه، وبالتالي يغيّب المشاركين وكل الأحزاب المشاركة موافقة على هذا (التدجين).. هناك أحزاب مشاركة هي أحزاب التوالي، وهذه صنعها المؤتمر الوطني، وبالتالي هو يدير هذه الأحزاب التي لا رأي لها ولا طعم، ولا يمكن أن تتخذ أي قرار ولا تتم مشاورتها.
} بما فيها الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل؟
– بما فيها الحزب الاتحادي الديمقراطي.. المرة الأولى التي شاورنا فيها كانت في موضوع رفع الدعم وأبدينا رأينا وقدمنا توصية فرفضوا توصيتنا، لذلك نحن قلنا يجب أن نخرج من هذه الحكومة.
المؤتمر الوطني منذ البداية ومن أول يوم للمشاركة قال هو لن يعمل بالبرنامج الذي اتفقنا عليه، وبالتالي منذ اليوم الأول ازداد عدد الذين كانوا ضد المشاركة داخل الحزب، وقلنا إن هذه المشاركة غير مفيدة وإننا نقوم بتنفيذ أجندة المؤتمر الوطني وإن المؤتمر الوطني لا يحترم المشاركين.
} دكتور عفواً.. دعني أقول لك مجدداً إنه مهما زاد عدد رافضي المشاركة فإنه لا قيمة لرأيهم في مقابل رأي رئيس الحزب.. وهذا معناه غياب المؤسسية وانعدام الديمقراطية؟
– لا.. ليس صحيحاً.. رئيس الحزب قال كوّنوا لجنة وناقشوا الموضوع، وهو لم يكن حاضراً معنا في اجتماع اللجنة.. نحن عقدنا اجتماعاً وكان هناك شبه إجماع بالانسحاب من الحكومة، ما عدا شخصيتين هما من المشاركين في الحكومة.
} مولانا “أبو سبيب” قال لنا في حوار نشرناه إن وزراء الاتحادي في الحكومة مهمشون جداً (إذا حضروا لا يُستشاروا وإذا غابوا لا يُفتقدوا).
– كلامه صحيح (100%).. “أبو سبيب” كل ما يقوله صحيح.. وكل الخطوات التي قام بها مؤخراً هي صحيحة جداً وفي الاتجاه الصحيح ومن أجل إصلاح الحزب.
} بما فيها اتصاله بتحالف المعارضة؟
– هو لم يتصل بالتحالف.. أنا متابع.. هو دعا الولايات إلى أن تتخذ القرار، وتجمعت حوله قيادات أم درمان وقيادات كرري، وهو كقائد من حقه أن يتلمس رغبات الجماهير ويقودها، وأعتقد أن هذا اتجاه صحيح.. ونحن ندعم موقف “أبو سبيب”.
} يعني هو لم يتصل بالتحالف؟ أنا قرأت أنه اتصل بالتحالف.. والتحالف قال له إن كرسي الاتحادي الديمقراطي داخل المعارضة ما زال موجوداً؟
– (آآي صاح.. لكن طبعاً نحن ما بنقدر.. يدنا مع الحكومة.. نعم نحن قلبنا مع المعارضة لكن يدنا مع الحكومة إلى أن ننفضها.. سنذهب إليهم بعد أن ننفض يدنا، لكن في الوقت الحاضر ما بنقدر نمشي).