غير صالح للنشر..!
(1)
الآن فقط عرفت لماذا رفض أصدقائي العودة إلى الوطن ولماذا هم حانقون على وطنهم، وتذكرت مقولاتهم لي حين كنت أرافقهم في مطارات العواصم، ونجد تلك المعاملة السيئة بسبب أننا نحمل جواز السفر السوداني.. الآن فقط أتذكر أيضاً كيف أنهم هاجروا وفروا وهربوا إلى المهاجر البعيدة، طلباً لجوازات سفر أخرى وجنسيات أخرى، حتى لا يدفعوا طول حياتهم ثمن أخطاء الأنظمة الحاكمة وفاتورة فشلهم، التي يتحملها المواطن في غربته وبقائه!!
ورغم كل ذلك (عدنا) للوطن وسنظل نحمل جواز سفره وهويات انتمائه، حتى ولو أغلقت الدنيا كلها أبوابها في وجوهنا، دون أن نلوم من فقدوا الصبر وبتروا الجذور للأبد!!
(2)
مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب أصبحت في ظل (الفساد) المستشري هذه الأيام معكوسة تماماً، ومن أراد الوظيفة المناسبة عليه أولاً أن لا يكون الرجل المناسب!! فالذي يحمل الدكتوراة سيقولون له إن درجة التوظيف هي (الماجستير)، والذي يحمل (الماجستير) سيقولون له إن درجة التوظيف هي (البكالريوس)، والذي يحمل (البكالريوس) سيعتذرون له بابتسامة صفراء، لأن سقف الوظيفة هو (الشهادة الثانوية). أما الذي يملك خبرة السنوات الطويلة ومشهود له بحسن الأخلاق ولطيف المعشر، فإن عدم وضعه في (الوظيفة المناسبة) سببه أنه ليس الرجل المناسب.. حتى إشعار آخر!!
(3)
لا شيء يدعو للحرج.. فهذا حقك أيتها السيدة.. قولي لهم لولا مشكلتي ومشكلة الآلاف المؤلفة غيري، ما كان لكم وجود أصلاً ولا رواتب ولا بدلات.. فقد اخترعت الحكومة مظلة للرعاية الاجتماعية وزراعات أخرى مثلها لتقوم برعايتك أيتها السيدة، ورعاية أمثالك اللائي غدر بهن الزمن!!
أذهبي الآن حالاً وأطلبي مقابلة أكبر رأس في هذه المؤسسة أو المنظمة أو حتى الوزارة.. قولي له إن (طلبي) واضح وإن (المطلوب) أوضح، فإما أن تقوموا بواجبكم ومسؤولياتكم وإما أن تغلقوا أبوابكم وتذهبوا إلى بيوتكم أو حتى الجحيم!!
(4)
من الذي أعطى الإذن للسيد المدير العام لكي يتصرف في المؤسسة أو المصلحة، وكأنها عقار من ممتلكاته الخاصة.. يعين من يشاء ويفصل من يشاء.. يضع (تلك) في ذاك المكتب الوجيه.. ويقصي ذلك إلى نفق مظلم.. هو يفعل ما يشاء فمن الذي يوقفه عند حده؟.. من يراقبه ويراقب كراسة صرفه اليومي وأسفاره التي هي خصم على الميزانية العامة؟.. ومن يقيم تجربته التي تبدأ وتنتهي دون أن يرن هاتفه مرة واحدة من جهة أعلى، تسأله عن الكيفية التي يدير بها (حكومته) التي هي داخل حكومة أكبر.. ونسأل هل من ثمة علاقة بين المدير العام والصالح العام؟؟.