أخبار

عملتو ليهم شنو !

أثارت دعوة لعرض فني راقص للشباب موجة من الهرج وارتفاع الجلبة بين مؤيد ومعارض لمنشط ما، قيل إنه عرض ثقافي شراكة بين منظمة أمريكية أو السفارة نفسها وقطاع الثقافة بالمؤتمر الوطني. كثافة الجدل الذي أتوقع أن يتصاعد بعد أن وصل وطال منابر المساجد وخطب الجمعة، سيجعل بعد قليل أن مهمة معرفة الجهة المنفذة ستكون عملاً عصيباً، إذ سيضطر كثيرون للاختباء تقية من الجرح الذي سيطالهم.
وإلى أن تضع حرب التخوين والتشكيك في النزاهة الدينية أوزارها فدعونا نقول بصراحة شديدة، إن فئة الشباب فئة مهملة ومظلومة رغم أن السودانيين الواقعين بين خطوط طول وعرض هذه الفئة العمرية، هم أكثر أجيال السودان التي تحملت مرارات إخفاق كل الحكومات، وكانت الفئة الأكثر التي دفعت فاتورة الحرب ولم تتمتع بخيرات السلام، لأن الانفصال سرعان ما أعقب ذاك الفتح ندامة. وأقول إن على الذين يهاجمون الشباب ويثقلون عليهم فحق لهم التريث قليلاً، وقبل أن تلعن أمريكا وشيطانها الأكبر والأصغر فثمة سؤال موضوعي ماذا قدمنا لهؤلاء.
بطول البلاد وعرضها قتلت حركة أنشطة الناشئين في الأحياء والمدن، وتهالكت المسارح ودور الثقافة لم تعد من ساحات للنشاط الايجابي، مؤسسة مثل قصر الشباب والأطفال صارت أقصى ما يمكن أن تقدمه عروضاً سينمائية للأفلام الهندية وبعض الاستضافات للمناشط الحزبية وقليل من دروس الموسيقى، وعلى هذا قس في مراكز الشباب التي جفت أعوادها وقل الداخلون إليها وزهدوا في خير يأتي منها !
مراكز التدريب الحرفي وتطوير القدرات انهارت، فصار الشاب الباحث عن حرفة أو تأهيل أكاديمي، ينتهي به الأمر غالباً إلى حالة من الحياد السلبي، لأنه حرم من تفجير طاقاته وصارت مواقع ووكالات نقل المهاجرين والمسافرين للخارج طلب كل هؤلاء، حيث يقصدها الجميع وفى عقلهم المقولة الرائجة هذه الأيام، أن أجمل صالات هذا البلد صالة المغادرة بمطار الخرطوم، ويتحمل وزر هذا الواقع الجميع حكومة ومعارضة، أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ودعاة يصوبون نقدهم هذه الأيام لأولئك الشباب المتهمين بأنهم مائعون ومنحرفون لمجرد أنهم سيقيمون مسابقة رقص وليس تعرٍ.
مثل هذه الأمور يتم النظر إليها باتساع أفق أشمل مما أرى، وثمة نواقص وأوجه سلبيات وفشل (عديل) أولى بغضبة الغاضبين من هؤلاء المساكين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية