(المجهر) تنشر رسائل القيادية (الاتحادية) «إشراقة سيد محمود» إلى أستاذها الراحل المقيم الزعيم «الشريف زين العابدين الهندي»
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (112)صدق الله العظيم «سورة الأنبياء»
} إلى الشقيقات والأشقاء في الحزب الاتحادي الديمقراطي في كل بقعة من سوداننا الحبيب.
} إلى الذين أحبوا الشريف زين العابدين الهندي وعشقوا أفكاره ومبادئه.
} إلى الذين اعتنقوا فلسفته الإصلاحية فصارت شموعاً تنير لهم ليل النضال الطويل، إلى أشقاء الصبر والحق إلي جيل الكفاح.. إلى الذين عاصروا أيامنا الخالدات مع الشريف.. إلى الذين عرفوا وشاهدوا وشهدوا على تلكم المحبة الصادقة التي ربطتنا بالشريف، وتعدت ذلك لتكون ميثاقاً وحبلاً من الله متينا… بني على الصدق.. واليقين… إلى الذين صدقوا ذلك ولم يأتهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم ولم تعترِهم رياح الظلم والظلمات… وظلوا أقوياء.. أنقياء تصقل الصعاب معدنهم ويزيدهم النضال وحزن الأيام بريقاً، فلا تصدأ قلوبهم ولا يهنوا ولا يحزنوا وهم الأعلون.
}إليكم أشقائي في سوداننا الحبيب… أهدي ( رسائلي إلى الشريف) وهي رسائل التلميذة إلى أستاذها في الفلسفة والعلم والتصوف والأدب والسياسة التي أنشرها تباعاً في الأيام القادمات وينتهي نشرها بنشر كتابي عن (الرسائل) … وهي رسائل كتبت إلى “الشريف” في حياته الحافلة بالعطاء… ننشر بعضها ونمسك عن البعض الذي اشتمل على كثير من أسرار المبادرة التي تنشر في حينها إن أذن الله وقدر. وقد احتفظ لي بهذه الرسائل بعد رحيل الشريف (الشقيق عز الدين عبد الغني) مقرر المكتب السياسي والذي أهداني لها في يوم من الأيام المظلمات لتنير لي الطريق وتخفف عن عبء الأمانة وترطب لي هجير القضية.
} وأهديها أيضاً للذين… لم يدخلوا مدرسة العمل العام للشريف زين العابدين، ولم ينهلوا من معينها فصاروا بدلاً من أن يرحموا أنفسهم وعقولهم بالتزود من ذلك المعين، صاروا ينسجون الأوهام وأحاديث الإفك زوراً وبهتاناً علهم ينتصرون في معارك الوهم أو علهم يملأون بها أفئدتهم الخواء… وبعداً لهم فقد رفعت الأقلام وانتهى الكلام… فكيف لمن حصل على شهادة من فارس السياسة السودانية وبطل العمل العام.. وأستاذ الزهد والنقاء والصفاء.. والصوفي المعذب فكيف لمن حصل على شهادة من “الشريف” أن يأتي أحد بعده ليصحح ويمنح الدرجات هيهات..هيهات.. (وقد كتب الراحل الشريف زين العابدين الهندي رسالة تخص أحد أمور العمل العام (وستنشر فيما بعد) بخط يده الطاهرة التي لا تكذب ولا تجامل ولا تتجمل.. وأرسلني بهذه الرسالة أحد قادة العمل السياسي.. التي فيها كتب “الشريف” (أرسل لك هذه الرسالة مع درة بناتي وأقيم جواهر حزبي.. أرجو أن تجد إشراقة لديك ما يؤكد الوصايا التي اتفقنا عليها وستجد فيها عون المخلصين ودراية الحاكمين واقتدار الواثقين.. ولك مع السلام كل ما في قلبي من ود، وكل ما في عقلي من صدق، وكل ما في أحلامي من أمل والسلام.. أخوك زين العابدين الهندي).
} هذة الشهادة … ليس بعدها شهادة.
} وهذه الكلمات ليس بعدها إلا الحب والولاء.. للقائد العظيم “الشريف” وللحزب الكبير.
} أخيراً: أنا وأشقائي تلامذة الراحل “الشريف” وخريجي مدرسته وحاملي شهاداته العليا بجدارة… نحن المدافع الثقيلة للشريف تركنا خلفه لجلائل الأمور ولحمل الرسالة.. ورفع الراية.. والمدافع الثقيلة لا يضرب بها صغار الأمور ولا يوقف بها ضجيج الناموس.
} فالرسالة أكبر.. والحفاظ علي الحزب وقوة التنظيم التي لن نتهاون فيها أسمى وأرفع وأمانة الوطن أعظم… وناشئة الليل أشد وطئاً.
} وللشريف أقول وأستعين بأبيات شعر لإبي الطيب المتنبئ وأتصرف فيها بعنوان (لا يزول فضلك).
مضى الليلُ والفضلُ الذي لك لا يمضي
ورؤياك أحـلي في العـــيون من الغـــمضِ
عـلــى أننــــي طُوِّقت منــــك بنعــــمةٍ
شهيــــــــدٌ بهــــا بعضي لغيري على بعـضي
سلام لك من الذي فوق السماوات عرشُهُ
أخصك به يا من تمشي هوناً على الأرضِ
إشراقة سيد محمود
مســــاعد الأمـــين العــام للتنظيم
بالحزب الاتحادي الديمقراطي
الرسالة الثانية :11/8/2005م
هذه قدرك أن تمشي بين الناس تشاركهم آلامهم وأحزانهم.. وبكاءهم.. فيكون حزنك مختلفاً وبكاؤك ليس ككل الدموع.. حزن خارج القواميس.. يهزم التاريخ.. ويدين الآخرين.. إنك شديد الحزن حين موت القيم وحين يبكي الرجال قهراً وفقراً.
أستاذنا.. النبيل:
هكذا بدموعك التي نراها والتي لا نراها.. صرت روحاً تسري فينا، وضميراً حياً بداخلنا لا يموت، وقيماً من الصدق والحق والعدل توقد من نفس صافية تكاد تضئ لتنير الآفاق.
أعلم يا أستاذي:
أنك مشفق على الناس.. مشفق عليهم من إخوانهم الذين يمشون على أجسادهم، يمرون بزحام الذين يتصببون عرقاً، والذين يهيمون على وجوههم.. تنشغل عقولهم بلقمة عيش.. يرجعون بها إلى أهلهم البؤساء.
فبأي حق كما قلت نحكم الناس.. ينشغل حكمنا بالتوقيع على الأوراق، وتلبية الدعوات التي فيها ما لذ وطاب، ثم مخاطبة الجماهير والحديث عن السياسة وقضايا الفقر والجوع، نذهب بعدها إلى مأدبة خاصة تفصلنا عن الفقراء والجوعى، يا سيدي، يكذب من يتحدث عن الجوع، وهو متخم، وعن العطش وأمامه الكؤوس الصافيات، وعن الحزن بعيون لا تعرف الدموع.
أيها القائد الحزين:
غالبتني دموعي في ذلك اليوم وأمسكتها خشية أن يقال إني امرأة أبكي كما النساء في الخطوب.
ولكنه كان يوماً عظيماً وحزناً كبيراً.. كان موعداً مع الإنسانية.. أهدته الأقدار إليَّ.. أن أرى دموع القائد تنهمر وتتدفق لتتجاوز كل الخطوط وكل القيود وكل الصخور، فكان النهر المتدفق من النفس العالية معبِّراً بصدق وتلقائية عن النفس المعذبة والألم الجميل.. وتعلمتُ.. درساً آخر.. شجعني على البكاء وعلى الحب والصدق والنقاء.
أستاذي الجليل:
إنك وحيد، غريب.. ولكن ما أسعدك بنفسك الصافية التي تحررت من هذا الطين والتي حلقت فوق هذا الخيال، العبث الركام، والتي آتاها اليقين.
تلميذتك أبداً / إشراقة
11/8/2005م