أخبار

أحسن والله

غرض في إجراء معاملة قادني قبل يومين إلى دائرة شرطة الأجانب فذهبت مضطراً، فقد كنت هناك قبل نحوعامين وخرجت منها بانطباع مزعج، جعل احتياجي إليها هذه المرة محاطاً بهواجس مقلقة أدناها احتياجي لأيام لإكمال معاملتي. فرغم جهود ضباط وأفراد الشرطة كان الأمر وقتها مرهقاً للمواطن وطالب الخدمة كشاهد أو ضامن أو ساع لتوفيق وضع إن كان أجنبياً، لحظت وقتها أن الوسطاء والسماسرة أكثر من أصحاب المصلحة. المقر الجميل المشاد فى المنطقة الواقعة بالقرب من منطقة النزهة حالياً بجنوب الخرطوم، بدا وقتها يفقد حيويته من الاكتظاظ الذي حول المقر النظامي إلى سوق كبير، يحتشد فيه البشر من كل الأعراق مع الباعة والفضوليين، وأما الإجراء فقد كان وفقا لتلك الظروف، يمر بمراحل مطولة وينتهي عادة بخروج البعض قبل إكمال شأنه ..ولا يعود.
في زيارتي الأخيرة وجدت أن الوضع قد اختلف، النظام تحسه من المدخل بأن تعليمات جديدة قد صدرت فيما يبدو، ضبطت الدخول وشمل ذلك حتى النظاميين. الباحات التي ضاقت قديماً اتسعت وتمددت، يجلس العملاء والعاملون في سعة من أمرهم فتنساب الحركة من نافذة إلى أخرى بلا تعقيدات أو احتياج للاستعانة بصديق وواسطة و(رتبة). قليل من الأجانب التقيت بهم وقد غلب على الفضول الصحفي، فوجدتهم يبتسمون لجهة أنهم اكتشفوا أن توفيق الوضع للأجنبي، عملية ممكنة وميسورة وغير مكلفة كما يصور لهم بعض ضعاف النفوس، الذين يبلغون أولئك المساكين أن دخول دائرة الأجانب تعنى دخولك إلى عرين الأسد، وخروجك مخفوراً مصفداً إلى المحابس !
انتهت معاملتي في دقائق يسيرة ، دفعت الرسوم وخرجت في زمن قياسي وأنا أتمتم بمفردة البوليس الأثيرة (أحسن والله). أحسست بالفخر والطمأنينة وأنا شخص شديد الحساسية بشأن التعامل مع المواطنين وخدمتهم، رأيت بأم عيني واقعاً جديداً حقيق بالثناء، في زمان يصور فيه البعض هذه البلاد وكأنها خربة المباني والمعاني والرجال. وشهد الله لا أعرف ضابطاً أو مسئولاً في ذاك الموقع ، ودخلت وخرجت مكتفياً بالوقوف أمام (كاونتر) الإفادة أو الاستفسار، مما حفزني لتوثيق الأمر في شهادة لله والوطن وجميل القول والعمل، فقد حدثت طفرة من حال إلى حال بدت لي مفاجئة ولكنها مفاجأة سعيدة.
إن مهمة هذه الدائرة عظيمة وكبيرة والمسؤولية الملقاة على عاتقها تتطلب الإفادة وتنوير المواطن والأجنبي، بأن الأمر لمصلحة الطرفين، وقبل هذا فإني آمل أن تهتم بأمر التنوير وإيصال الرسالة الصحيحة للجمهور خاصة لمجتمعات الأجانب، التي تكون عادة منغلقة على ظنونها ومعتقداتها الخاصة، فلا تصلها رسالة الضبط وتوفيق الوضع الهجري كاملة ودقيقة. وقدر أولئك الرجال أنهم (سفراء) في بذات نظامية لأنهم يمثلون واجهة البلد مع هذا القادم إليها، فإن أحسنوا كان الانطباع الأول إيجابياً، وإن أخفقوا طال إخفاقهم بلدهم ووطنهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية