أخبار

قراءات وتأملات!

(1)
البشر هم خير معلم لبعضهم البعض.. من خلالهم نتعلم معنى الحياة ومن خلالهم نكتشف ذواتنا.. والكاتب الحقيقي هو الذي يملك القدرة على التقاط كلماته من أفواه الناس ويستلهم أفكاره من حياة الناس.. و”روبرت فروست” أكثر شعراء أميركا شعبية والذي فاز بـ(جائزة بولتييزر) للشعر أربع مرات حينما سألوه عن مصدر تعليمه قال (إذا كنتم تسألون عن المدرسة التي تعلمت فيها أكثر مما تعلمت، فأقول لكم: انزلوا إلى الشارع واختلطوا بالناس واستمعوا إليهم وهم يحكون لكم عن متاعبهم وأفراحهم.. هناك ستجدون أعظم مدارس الحياة.. وبين هؤلاء الناس ستدركون معنى الحياة ذاتها!!).
(2)
الإنسان طاقة لا يستهان بها من المشاعر والأفكار.. وداخل كل إنسان ملكات عظيمة يستطيع أن يحقق من خلالها الكثير من الإنجازات المهمة.. وثمة رؤية تقول إن داخل كل إنسان (فنان) أو على الأقل (بذرة فن) عليه أن يكتشفها وينميها.. وربما كان هذا الإنسان (الفنان) في حاجة إلى التصالح مع ذاته والتصالح بين قلبه وفكره ليكون أعظم فنان.. وهذا المعنى هو ما أكده الرسام الشهير “فان جوخ” حينما سألوه عن من هو أعظم فنان في العالم من وجهة نظره فقال (الإنسان).. (الإنسان) الذي يفكر بقلبه، فينعكس تفكيره هذا على وجهه وتصرفاته وطريقة معاملته للناس.
(3)
رغم أن (شجاعة) أو بالأحرى (جرأة) الكاتب قد تسبب له أحياناً الكثير من (المضايقات) إلا أن (الجرأة) تظل ميزة مهمة لكل كاتب حريص على أن يكون (صريحاً) و(منصفاً) مهما كلفه ذلك من تبعات.. ولذلك لن نتعجب حينما نجد أن الصحفي والمعلق الأميركي “والترليبمان” عندما سألوه عن من هو أعظم الصحفيين الذين صادفهم خلال فترة عمله الطويلة في الصحافة؟! قال: كنت أتمنى أن ألقاه ولكنه سبقني إلى المجيء إلى هذا العالم بأعوام طويلة، إنه “فولتير” كاتب (فرنسا) وفيلسوفها.. لقد كان هذا الرجل عظيماً لأنه كان (شجاعاً) و(جريئاً) ويؤمن بأن قلمه أقوى سلاح!!
(4)
ثمة ألفة عجيبة بين المبدع والمكان.. وخاصة حين يكون هذا المكان طبيعياً وملهماً وقادراً على استيعاب المبدع بشكل حميمي وحقيقي.. وحينما فاز الكاتب الروسي الكبير “شولوخوف” بـ(جائزة نوبل للآداب) وذهب إلى (ستوكهولم) لتسلم قيمة الجائزة سألوه عن انطباعه في هذه المدينة خاصة وأنه قادم من الريف!! فأجاب هذا المبدع (المتواضع): (إن بلادكم جميلة، ولكنني افتقدت فيها قاربي الصغير الذي أخرج فيه لأصطاد السمك، وافتقدت الأرض التي علمتني أمي كيف تخرج الخير من جوفها، وافتقدت أخيراً الغابة التي أذهب إليها لأتعلم.. إن هذه الأعمال الصغيرة، وتلك الرحلات القصيرة التي أقوم بها في قريتي هي التي علمتني الحياة.. إنها تزخر بصور وأشياء لا يمكن أن أجدها في الكتب!!)
(5)
هناك من يكون سعيداً بتحمل أعباء غيره.. وخاصة المفكرين والفلاسفة والمبدعين الذين يحتفون دائماً بتبني قضايا غيرهم ويشعرون بسعادة غامرة وهم يحققون أحلام الآخرين ولو في مساحة الكتابة فقط.. والفيلسوف البريطاني “برتراند راسل” ظل يتحمل هذا العبء الجميل بقناعة ورضا كبيرين، وحينما سأله أحدهم عن ما هو أكبر عبء يحمله الإنسان في هذه الحياة؟! قال: عندما يشعر الإنسان أنه لا يحمل عبئاً على الإطلاق! هذا الرد بالإضافة إلى أنه يؤكد على أهمية أن تكون للبشر قضايا دائماً ينشغلون بالتصدي لها يؤكد أيضاً على أن الفراغ هو أضخم عبء في حياة الإنسان!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية