شيوخ الآكشن !
تجددت الاحتكاكات بين مواطني (بيت المال) و(ود البنا) وبعض أحياء أم درمان في تلكم المنطقة، وأنصار وجماعة الشيخ “الأمين عمر الأمين طه”، حيث جدد أهالي أحياء أم درمان القديمة مطالبتهم بترحيل زاوية الشيخ الواقعة بحي بيت المال، فيما خرج عشرات من ساكني الحي في مسيرة سلمية يوم (الجمعة)، ثم أصدر سكان حي (ود البنا) واللجان الشعبية ومواطني الأحياء المجاورة لزاوية شيخ “الأمين”، تعميماً صحفياً طالبوا خلاله بإيقاف نشاط زاوية شيخ “الأمين” بـ(بيت المال) وترحيل الزاوية. والحدث سبقته من قبل مخاشنات بين الطرفين أوقعت جرحى عقب اشتباكات انتهت بوساطات نشط فيها دستوريون ووجهاء بالمنطقة، أفلحت في تجاوز الخلاف السابق، لكنها فيما يبدو لم تتوصل بشأنه إلى تسوية.
في نواحي (الفتيحاب) أو (أبو سعد) برز رجل دين و(زول إمام) منتمٍ لأحد الجماعات الدينية، يقدم خطباً بلغة جريئة وغير محتشمة، يكتظ لسماعه العشرات من الذين تحس أنَّ بعضهم (فضوليون) أكثر من كونهم (مصلين)، حيث جرت العادة أن يكيل الشيخ الأقرب إلى سمت ومرجعية التيار السلفي في السباب والنقد للجماعات الصوفية، بطريقة سوقية وفجة وبألفاظ بذيئة خادشة للحياء العام يستبقها بتنويه يستفسر فيه عن (فى نساوين يا جماعة )، قبل أن يطلق نيران مدفعيته، فيما يقف بعض مساعديه إلى جواره ويبدو أنهم يتحسبون لكي (لا) ينفعل صاحبهم فيأتي بحركة درامية، متممة لما يقول وسيفعلها(يوما ما). وأما الأغرب من هذا أن بعد ذلك يقوم ويصلي بالناس وهو يتمتم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي !
مما لا شك فيه أن المجاورين في السكن والإقامة لمسجد الخطيب الدرامي هذا سيضطرون في الغالب أثناء خطبه، لسد آذان أسرهم أو رفع أصوات أجهزة المذياع والتلفاز، في مفارقة تبدو غريبة، إذ من المعلوم أنه يحدث العكس في الأحوال العادية، ولكنهم مضطرون لتفادي سماع فاحش القول وفظه وبلغة ربما انعدمت حتى في قاع المدينة. ومما لا شك فيه أن المجاورين لخلوة شيخ “الأمين” قد أصابهم ضرر ورهق، ما اضطرهم لرفع لافتات (ارحل)، وهي لافتات كما تعودنا ترفع للشديد القوي. وقطعاً فإنهم قد وصل بهم الغضب من (تصرفات ما) فاضطروا للتظاهر والاحتجاج، لدرجة تفريقهم بالشرطة وتدخلات الوسطاء للتهدئة.
المشهدان ما بين (ود البنا) شمالاً و(أبو سعد) جنوباً يشيران بلا مواربة، إلى خلل جعل رمزية الدين الممثلة في الشيخين، تتحول إلى (خميرة عكننة) وهذا إيحاء خطير وسالب، لأنه يشير إلى أن تلك الأمثلة تنحرف بصورة كلية عن مسار الدعوة، ومواصفات الداعية وجوهر العمل الدعوي الإسلامي، لتجره في أوحال التهاتر وتحويل ساحة التوجيه بالدين والتدين، إلى ساحة عراك أهلي مع المواطنين والسكان، والذين لهم (ألف حق) في الاحتجاج والغضب.
أين السلطات الدينية وأين هيبة الدولة من كل هذا، وقد دخل الأمر (اللحم الحي) أم أن الهيئات الدينية لا تجيد سوى (الإفتاء) في المكاتب الباردة، وعبر إعلانات الصحف ولا يعنيها ما سوى ذلك من أمر الدين والدعوة ؟