أخبار

(السيسا) والتمردات

} (46) من مديري أجهزة الأمن والمخابرات في أفريقيا يجتمعون اليوم في الخرطوم للتداول حول قضية تأذت منها أغلب الدول الأفريقية، باستثناء دولتين أو ثلاث من جملة (56) دولة أفريقية، ألا وهي قضية الحركات المسلحة والمجموعات السالبة.
} ذوو النظارات السوداء من قادة المخابرات الأفريقية يجتمعون اليوم في عاصمة الدولة التي تقدمت بمبادرة لإنشاء المنظومة الأمنية عام 2005م، ووجدت الفكرة الدعم والسند من أغلب الدول الأفريقية، لتصبح العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” مقراً للجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية شأنها كبقية المنظمات ذات الارتباط بالاتحاد الأفريقي الآن، ومنظمة الوحدة الأفريقية سابقاً.. وحينما تبحث قيادات منظومة (السيسا) عن دور الحركات المسلحة والمجموعات السالبة وارتباطها بالجريمة خلال (4) أيام، فإن أغلب الدول الأفريقية تعتبر نفسها ضحية لأعمال العنف والتمردات المسلحة. في أي دولة أفريقية هناك على الأقل حركة واحدة مسلحة مناهضة للنظام الحاكم، وتجد الدعم والسند إما من الدول الأفريقية أو الأوروبية، وكثيراً ما تفتح الدول الأفريقية أراضيها لتستبيحها حركات تمرد مناوئة لجيرانها.. إما بسبب الخلافات السياسية بين الدول، أو الأطماع في الثروات، أو نزعات الهيمنة وتمدد النفوذ، أو لرد الأذى من الجيران.
} في يوغندا حركة متمردة باسم جيش الرب وأخرى باسم جبهة غرب النيل، وفي كينيا حركة (18) نوفمبر المتطرفة، وفي إثيوبيا جماعات (بني شنقول)، وفي زامبيا حركة (يورنا).. والصومال مزقتها الجماعات المتمردة على السلطة لأشلاء.. وفي تشاد وأفريقيا الوسطى حركات التمرد عديدة، وفي إريتريا جماعات سلفية معارضة، ودولة جنوب السودان ولدت وهي مريضة بداء التمرد على السلطة. ويعتبر السودان من أكثر الدول الأفريقية التي تنشط في أرضها الجماعات المسلحة، وأينما حط قطار التمردات تفشت الجرائم المنظمة. ولما كان مديرو أجهزة المخابرات في القارة الأفريقية قد نذروا أنفسهم لخدمة بلدانهم من خلال سد الثغرات التي تتسلل من خلالها الحركات الفوضوية التي جعلت القارة موطناً للحروب والصراعات، فإن الدور السالب للحركات المسلحة في أفريقيا متفق عليه، وهي أكبر مهدر للموارد المالية الشحيحة أصلاً وحاضن لجماعات الإرهاب المنظم والجرائم.. وباب تلج من خلاله قوى التدخل الأجنبي في القارة.. إلا أن السؤال الذي يلح على القادة الأمنيين في اجتماعاتهم التي تمتد من اليوم وحتى (21) من الشهر الجاري وينتظر الإجابة: ما هي الأسباب التي تؤدي لنشوء الحركات المسلحة في القارة الأفريقية؟! وما هي علاقة أنماط الحكم الاستبدادية السائدة في القارة الأفريقية بدفع الجماعات السياسية لتبني الأنشطة العسكرية العنيفة؟! وهل توطين الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة وشفافية أنظمة الحكم تدرأ نشوب التمردات؟! ولماذا تعافت دول أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية وبعض دول أمريكا الجنوبية من هذه الأمراض، بينما لا تزال أفريقيا تعيش على أمراض الماضي؟! وهل للفقر وتدني الإنتاج علاقة بهذا المرض؟!
} إن الإجابة على مثل هذه الأسئلة ضرورية من قادة الأمن الأفارقة، وهم الأكثر حصولاً على المعلومات عن دولهم وجيرانهم، ولكن كيف يتم توظيف هذه المعلومات في الإصلاح الهيكلي لأنظمة الحكم في أفريقيا؟ ذلك هو السؤال الذي ينبغي على القادة بحثه في صمت وتجرد ومصداقية.
} والورشة سانحة للسودان ليقدم تجربته في استيعاب حاملي السلاح في منظومة الدولة والفرص التي يتيحها الدستور والقانون لحاملي السلاح للعودة والمشاركة السياسية، ولكنهم يمانعون ويراهنون على البندقية وحدها كخيار يعتقدون أنه الأنسب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية