أخبار

شورى ملزمة

إن التئام اجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني يجب أن تكون مناسبة لجعلها حدثاً حقيقياً ومنشطاً حياً يحتفي بالمخرجات الواضحة أكثر من احتفائه بقائمة المشرفين من الضيوف والحاضرين، في ظل انتقادات وتضجرات لم تعد مخفية تواجه الحزب الحاكم، سواء من داخل أبنية عضويته أو من خارج أسوار الحزب، فالوطني ملزم بإعمال النظر والمراجعات في مسيرته بالقدر الذي يركز فيه على مظان إخفاقاته، وفي الوقت ذاته دعم اتجاهات القوة للمضي بالبلاد على وجهة إكمال مسيرة لا تزال طويلة وشاقة أو بالعدم التوافق على مخرج مناسب إن أحس القوم بالعجز.
إن شعارات الحرية والتحول الديمقراطي التي يرفعها البعض من المعارضين كقميص عثمان، على المؤتمر الوطني السعي فيها ليس لأنها كرت ضغط عند الآخرين يرفعونه في وجهه كل ما ضاق بهم الحال، ولكن لأن الحرية أصل في الإسلام وأساس نطق به القرآن الكريم وحض عليه، ولأن الشورى التي هي ركيزة من ركائز الحرية في التعبير والرأي كانت حاضرة في الهدى النبوي الشريف.
وفى غزوة (بدر) الكبرى يقف (الحباب بن المنذر) ليقول للرسول عليه أفضل الصلوات والتسليم بشأن الوقوف من (ماء بدر) أهو موقف أنزلك إياه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة، ولم يتضجر أشرف الخلق ويدعي أنه القائد العام و(الجنرال) حتى يجيب على (ضابط صف) ورجل من العامة، فأجاب بل هو الرأي والحرب والمكيدة، وأخذ برأي بن المنذر و(نرد ولا يردون) كما جاء في السيرة.
إن الحزب الكبير مطالب بالإنصات إلى عضويته في المقامات المختلفة، ويجب أن تكون النصيحة حاضرة، لا يتردد عن إرسالها شخص كما لا يتردد في استقبالها والتعامل معها بجدية الكبير والزعيم والقائد والأمين ومسؤول القطاع، فتأسيس الشورى على فرضية خلوص النوايا وحسن الظن ، والنظر للصالح العام يجعلها مقبولة ويقطع الطريق على المشائين بين الناس بنظريات التآمر، فكم من نصيحة حُرفت عن موضعها لأنها قرئت كعمل غير صالح، ومما زاد الطين بلة في هذا المسعى إصرار البعض على النظر من زاوية المقت والاستلطاف، وكلما زادت جرعة إحداهما في حلق تجاه أخيه كان القبول بالرأي أو رفضه !
يجب الاهتمام أيضاً بمبدأ المحاسبة الصارمة، إن سياسية التكريم على الإخفاق والفشل مهما كانت دوافعها تبقى سياسة قاصرة ومضرة، وذات مردود سييء على الجميع، فالتحديات الماثلة أمام البلاد لا تترك حيزاً للترضيات، فهذا مصير شعب ومستقبل أمة والاثنان لا يشادان إلا بالحزم والعزم والشدة.
إن الإنقاذ بحاجة إلى ضخ دماء جديدة وشابة في أوردتها التنفيذية والحزبية، لأن الإصرار على (تدوير) الكادر من القيادات العليا والوسيطة في دائرة لا يخرجون فيها من منصب إلا إلى آخر. إن الحزب الناجح والتنظيم القوي هو الذي يجيد في كل مرحلة وفترة تجديد عناصره، فوج إثر فوج جديد، فتنتقل الخبرات وتصقل التجارب وتتراص الصفوف بشأن (سلطة) تدار على الجميع بالقسط والميزان المستقيم حتى داخل الحزب قبل الدولة والحكومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية