رأي

التدخين في المسلسلات..!!

يلاحظ في كل مسلسل أن بطل وبطلة المسلسل يكثران من تدخين السجائر، فلابد من سيجارة إذا أراد البطل التفكير في حل المشكلة التي تواجهه، والبطلة لابد لها من تدخين سيجارة في لحظات التفكير أو الاسترخاء، ولابد أن يشعر المشاهد أن البطلة أو البطل مستمتعان بالتدخين.. هذا المشهد ربما يظن الإنسان العادي أنه جاء عفوياً، ولكنه في الواقع جرى التخطيط له من شركة تصنيع السجائر، التي اضطرها إلى ذلك منع إعلانات السجائر، فلم يبق لها سوى الاستفادة من شهرة البطل أو البطلة لدفع الشباب إلى تقليدهما.. الآن كل إعلانات السجائر ممنوعة في أوروبا وأمريكا ولا حل أمام شركاتها سوى الاعتماد على هذا الأسلوب بعد أن ثبت أن التدخين مضر بالصحة، بل لقد ألزمت شركات السجائر بكتابة عبارة (التدخين مضر بالصحة) على علبة المنتج.. وهكذا لم يبق أمام شركاتها سوى الاعتماد على الإعلان غير المباشر.
يلاحظ أن كل المسلسلات تقريباً بها مشاهد تدخين السجائر بصورة مبالغ فيها، لدرجة أن كل مشهد لا يخلو من لقطة لأحد أبطال العمل الدرامي وهو يدخن السجائر.. وهذا يفسر لكم كثرة مشاهد التدخين في أي مسلسل بطريقة تثير الإنسان العادي حتى لو كان هو أيضاً من الذين يمارسون التدخين.
أذكر أن إعلانات السجائر كانت تحتل دقائق كثيرة في أي عرض سينمائي وكلها مصورة بأفضل الكاميرات والأفلام، وتأتي في شكل قصة أو مشهد يتم إعداده بعناية وبسيناريو جرت كتابته باجتهاد وصور مناطق شديدة الجمال، أو هي تصور أسرة سعيدة تعيش في قصر فخم وأصحاب القصر يرتدون أفخم الملابس وكل من في الفيلم يحرصون على إظهار استمتاعهم بالتدخين.. وبعد هذا لن يلقي أحد بالاً للتحذير المكتوب على العلبة.
الكثير من الممثلين العالميين أعلنوا أنهم أجبروا على تدخين السجائر مع أنهم لا يحبونها.. ويضاف إلى ذلك مشاهد شرب الخمور من نوعية معينة كدعاية لها.. وتدفع شركات السجائر مبالغ كبيرة لمخرج الفيلم وكل المشاركين فيه نظير مشهد واحد لا يستمر سوى دقائق.. وأي شاب عندما يشاهد بطله أو بطلته المفضلة يدخن أو تدخن لابد أن يتأثر بهذا ويحاول تقليده.
كل القنوات التلفزيونية تمنع إعلانات السجائر حسب نصائح منظمة الصحة العالمية، ولكنها لا تستطيع حذف مشاهد التدخين وإلا أصبح المسلسل أو الفيلم مبتوراً في أكثر من موضع ومشوهاً.
ويلاحظ أن شركة السجائر تركز حالياً على أن يأتي المشهد تلقائياً، أي عندما يكون الممثل محاطاً بالمشاكل ويبحث عن حل لمشكلة مستعصية، ويظن المشاهد أنه غير مقصود.. وهذه الطريقة غير المباشرة في الإعلان عن السجائر هي المتبعة حالياً لأنها أكثر فاعلية، وفي الغالب يكون مشهد التدخين في جو شاعري لزيادة التأثير، كأن يكون في سفينة تسير في عباب البحر، والبطل يستمتع بالإبحار بها.. هذه المتعة لا تكتمل إلا إذا دخن البطل أو البطلة الجميلة.. المهم أن ننتبه أن إعلانات السجائر ممنوعة في أوروبا لكنها مباحة بهذه الطريقة، والضحية شباب العالم الثالث المولعون بالتقليد.
> سؤال غير خبيث
كم عدد مشاهد التدخين في المسلسل الواحد؟ وكم دفعت شركة إنتاج السجائر؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية