رأي

«طه علي البشير».. هل يخرج الطلقة من البندقية؟!

الأستاذ “طه علي البشير” شخصية ذائعة الصيت في مجال السياسة والرياضة وعالم السوق والبيزنس، فقد اشتهر بأنه حكيم الهلال، حيث حاز على هذا اللقب من الكاتب الرياضي المخضرم “طلحة الشفيع”، وكذلك يرى البعض أن “طه” نقيض رجل الأعمال “صلاح إدريس” وخصمه اللدود.. وفي الإطار يعدّ الرجل الآن قيادياً كبيراً في الاتحادي الأصل، فضلاً عن أنه صاحب العديد من المؤسسات والشركات التجارية.
والمراقب الحصيف لا يستطيع التقاط علامات تقدم العمر على ملامح “طه”، فهو يتحرك بخفة ملحوظة في كل الاتجاهات.
في الصورة المقطعية، يرى خصومه أنه يبتعد عن المواجهة ولا يصارع على الطاولة المكشوفة، وله قدر من الطاووسية، علاوة على ذلك يحاسب المخالفين له على ركائز التمهل والبرود!! غير أن أنصار “طه” يعترفون بأنه شخصية براغماتية يتمتع بذكاء فوق العادة، وله قدرة على تقديم نفسه بأنه رجل الحل، فضلاً عن دعمه اللا محدود للمشاريع الأساسية.
دخل “طه علي البشير” في دهاليز الاتحادي الأصل بعد مؤتمر المرجعيات بالقاهرة عام 2004م على خلفية الإرث والمزاج، استجابة لنداء الهيام المتجذر، وارتبط بعلاقة وثيقة مع مولانا “محمد عثمان الميرغني” وظل في أغلب الأحايين يكلف بالعديد من الملفات، حيث أظهر “طه” طاقة حيوية في العمل الحزبي، وهو الذي اشتغل في دنيا الرياضة دفقات طويلة من عمره!
كان منهج “طه” في الحزب قائماً على ترتيب الأمور على باحة التنظيم والمؤسسة وإصلاح المثالب والقصور، والعمل على قيام كيان ديمقراطي النزعة والملامح، وكان له رأي مشهود في رفض مشاركة حزبه انطلاقاً من مفاهيم راسخة ورؤى مدروسة.. هكذا ظل “طه” عصياً على المؤتمر الوطني في إطار الانضمام إليه، وبذات القدر ظل يطالب بإيجاد المعالجات الناجعة لحالات التوهان والضعف في الاتحادي الأصل.
انطلاقاً من تلك المعطيات، ارتسمت لوحة بليغة من العشم والأمل تطالب الأستاذ “طه” باتخاذ موقف حاسماً، وواضحاً وقوياً يتماشى مع نهجه ومسلكه في الحزب، في إطار خلق الإضافات الفولاذية على طريق تحقيق الأهداف المنشودة، وفي الذهن أن “طه” يمتلك مقومات ومزايا لم تستخدم حتى الآن تتمثل في القوة المالية والكاريزما السياسية والمواقف الصحيحة، حيث يمكن أن تشكل تلك الخصائص في حالة التطبيق بُعداً حيوياً واضحاً وحاسماً وقوياً يساعد على تقوية منهج التحديث والتطوير من خلال الحبل الممدود بين “طه” والقيادات الأخرى في الحزب التي تشاركه ذات الهموم.. وبالمقابل لا يفوت علينا أن مولانا متيم من دواخله بأصحاب الأموال والميسورين ورجال البيزنس في الحزب، فقد ظل يقدرهم كثيراً ويمنحهم المكانة الرفيعة حتى صاروا يمثلون علامة واضحة في رسم القرارات، فالتاريخ المعاصر يحكي عن دور التاجر الكبير المرحوم “محمد الحسن عبد الله يس” في وضع مقترحات التشكيل الوزاري الأول للحزب خلال الديمقراطية الثالثة، فضلاً عن مساهمة “الخليفة علي أبرسي” في لجنة الوحدة الشهيرة، وكذلك تتأطر مبادرات رجل الأعمال “عبد الرحمن عباس” لمولانا، ويظهر حراك رجل الأعمال “صلاح إدريس” في نجاحه بقيام اتفاق جدة الإطاري، ثم يأتي دور الخليفة “عبد المجيد عبد الرحيم” في إرجاع أملاك السادة المراغنة من جماعة الإنقاذ.. والقائمة تطول!!
ها هو الوتر المشدود على حبائل المنطق والحجة، يؤكد تلاحم معادلة المال في ذهن مولانا على مشوار الدور الحزبي، ومن هنا يلوح العشم والتساؤل حول إمكانية قيام “طه علي البشير” بممارسة هذا الدور، فالرجل لديه شحنة كهربائية عالية يمكن أن تنطلق في إطار دعم المنهج المأمول.
في المشهد السيريالي.. ما ينقص “طه” بشكل أساسي هو قدرته على إخراج الطلقة من البندقية في ظل الأوضاع الحزبية المزرية.. فالشاهد أن الطلقة هنا كناية عن زخم القوة والمزايا الموجودة في كنانة رجال الأعمال في الحزب بحسب قناعات مولانا، حيث تكتمل الصيغة في اللوحة الباهرة عند خروج الطلقة في باحة الحزب لتخلق الضجيج والانتباهة الصارخة التي تساعد على تحريك المياه الساكنة.
لا أحد يريد أن يكون “طه علي البشير” هو الإصلاحي الخجول والقيادي المتردد الذي يتوارى عن الأنظار، فالرجل يحتاج إلى تنفيس الدواخل لإطلاق مشاريعه المكبوتة مع الإصلاحيين الآخرين في الحزب.
هناك مفارقة عجيبة تكمن في أن دواخل “طه” تريد التنفيس، والطلقة أيضاً في ماسورة البندقية تريد التنفيس.. فهل يضغط “طه” على الزناد حتى تخرج الطلقة من البندقية؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية