"التوم سليمان محمد" نائب رئيس حركة (العدل والمساواة) رئيس وفد المقدمة لـ(المجهر) (1 – 2)
طلبت من الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة “الصادق” أن يرتب لنا إجراء حوار مع نائب رئيس الحركة، فعلمت أنه في زيارة لـ(تشاد)، فتنامت رغبتي في إجراء الحوار نظراً لوجود معلومات عن مؤتمر عقد في منطقة (أم جرس) وخاطبه الرئيس التشادي “إدريس ديبي” وتطرق لمستقبل العملية السلمية في المنطقة وفي (دارفور). زرته فور وصوله أحد الفنادق الواقعة بمنطقة وسط الخرطوم ووجدته وطاقم حراسته يرتدون الزي العسكري للحركة وأمامه وجبة العشاء التي تتألف من صحن (عدس) وتعلوه حبيبات الجبنة والخبز.. فتساءلت أهي الضيافة أم أن المقاتل لا يأمن كما القادة الكبار إلا طباخيه المرافقين له. تناولنا ماضي وحاضر ومستقبل الحركة والسلام في (دارفور) فإلى التفاصيل:
} كيف تسير الترتيبات للدخول في بداية تنفيذ الاتفاق الموقع بينكم والحكومة السودانية بالعاصمة القطرية (الدوحة)؟
– الترتيبات التي تمت بحسب تفويض وفد المقدمة أن نجهز الأرضية لاستقبال رئيس الحركة شعبياً وأمنياً، وهذه قطعنا فيها شوطاً كبيراً، وأيضاً ملف الأسرى والمحكومين من قوات الحركة، وإذا صدر العفو العام فإن إطلاق سراح الأسرى سيكون قريباً، ونحن الآن نعمل على تصنيف المحكومين وأيضاً قطعنا فيه شوطاً كبيراً، ونتوقع خلال الثلاثة أيام المقبلة أن يتم إطلاق سراح الدفعة الأولى من المحكومين، وأعتقد أننا تجاوزنا نقاط كثيرة جداً في التصنيف.
} يعني ذلك أنكم الآن تنتظرون صدور قرار من السيد رئيس الجمهورية بالعفو العام عن المحكومين والأسرى من حركة (العدل والمساواة)؟
– نعم.
} ومتى تتوقعون صدور ذلك القرار؟
– في غضون الثلاثة أيام المقبلة، لأننا تجاوزنا عقبات كثيرة جداً، والآن الأوراق موجودة لدى مكتب سلام (دارفور) تمهيداً لرفعها للسيد رئيس الجمهورية.
} علمت أنك عدت من دولة (تشاد).. ما طبيعة زيارتك لها وما علاقتها بترتيبات (سلام دارفور) الموقع في (الدوحة)؟
– ذهبت إلى (أنجمينا) لوضع الترتيبات النهائية لحضور رئيس الحركة عبر (أنجمينا) بناءً على اتفاقنا مع الرئيس “إدريس ديبي”. منذ عودتنا من (الدوحة) عبر (أنجمينا) التزمنا له بأن نأتي إلى الخرطوم عبر العاصمة التشادية، والآن وضعنا كل الترتيبات ليأتي الوفد الرئاسي عبر (أنجمينا)، والتقينا مع رئيس الحركة الذي جاء من الميدان وأنا من الخرطوم، وقدمت له تقريراً كاملاً عن الأداء الذي تم هنا في الخرطوم، واتفقنا على أن يأتي إلى الخرطوم في خلال الأسبوعين المقبلين، وأعتقد بنهاية الأسبوع المقبل سيتحرك هو نحو (أنجمينا) وبعدها سنحدد حضوره إلى الخرطوم باليوم والساعة.
} هل التقيتم بالرئيس “إدريس ديبي” خلال زيارتكم الحالية إلى (أنجمينا)؟
– نعم التقينا به.
} وما طبيعة النقاش الذي تم بينكما؟
– أولاً الالتزامات التي التزم بها الرئيس التشادي في اتجاه تنفيذ الاتفاق والمساهمة في تأمين (دارفور) في المرحلة المقبلة، وأيضاً هو كرئيس لديه علاقات خاصة مع الرئيس “عمر البشير” في مسائل كثيرة تتعلق بأمن المنطقة كإقليم وليس السودان و(تشاد)، وإنما يدخل فيها أفريقيا الوسطى و(تشاد) و(الكاميرون) و(نيجيريا) و(النيجر) وحتى تستطيع أن تدخل (مالي) لأن مشكلة (دارفور) شائكة وجامعة لكل هذه التناقضات، لأن (دارفور) الآن أصبحت بؤرة لالتقاء جميع المسلحين في العالم من منفلتين إلى حركات مسلحة إلى إرهاب والمليشيات كلها الآن في (دارفور)، وأعتقد أن استمرار الأزمة في (دارفور) يعني المزيد من تجميع المنفلتين من أفريقيا المركزية في أرض (دارفور).
} كأنك تريد أن تقول إن (دارفور) أصبحت مهدداً للأمن والسلم الإقليمي وإنها أكبر من كونها مشكلة داخلية؟
– نعم أعني هذا، وهي أكبر من أن تكون مهدداً لأمن السودان و(تشاد)، وهي مهدد للأمن الإقليمي لأفريقيا المركزية، وهي مجموعة الدول الفرانكفونية الستة، إضافة إلى الدول الأعضاء في دول الساحل والصحراء، والآن الهم أصبح مشتركاً، ولا ننسى أن (تشاد) أصبحت عضواً غير دائم في الأمم المتحدة، وبالتالي أصبحت لديها مسؤوليات، وكذلك هي عضو مؤثر في الاتحاد الأفريقي ولا ننسى الأداء الممتاز للقوات التشادية في المهمة التي أوكلت لها في (مالي)، وأعتقد أيضاً أن (تشاد) كدولة محورية في المنطقة ستدخل في عملية استتباب الأمن في (دارفور) من باب أن ذلك يعنيها كما يعني السودان.
} هل لمستم تعهدات من الرئيس التشادي “إدريس ديبي” بإمكانية أن تلعب القوات التشادية أو القوات المشتركة (السودانية – التشادية) أية أدوار في عملية تأمين (دارفور) وحراسة السلام الذي وقعتموه؟
– هذا أمر غير مخفي إطلاقاً، وهو قال هذا صراحة وقال لنا ذلك في اجتماع (أم جرس) بأنه سيدخل هذه المرة بقواته في (دارفور) من أجل تأمين المنطقة. المنطقة السودانية – التشادية، وهو أيضاً لديه مشاريع لفائدة الدولتين، سواء كان بترول أو معادن أو غيره، والدولتان متجهتان نحو الدخول في شراكة في مشاريع دولية كبيرة، ولذلك هم الرئيس “إدريس ديبي” لا يقل عن هم الرئيس “عمر البشير” في تأمين (دارفور)، والآن المهدد الأمني هو (دارفور).
} أشرت إلى اجتماع (أم جرس) والذي لم تتوفر عنه معلومات كثيرة سوى أنه ضم أبناء قبيلة (الزغاوة) في السودان و(تشاد) وخاطبهم الرئيس “إدريس ديبي”؟
– الاجتماع صحيح كان المعنيون به أبناء (الزغاوة) باعتبار أنهم المتهمون الأكبر بزعزعة المنطقة، ولكن الاجتماع لا يعني (الزغاوة) فقط، والآن توجد مشاكل حدودية بين (المسيرية) و(السلامات) من كلا الجانبين في السودان و(تشاد)، وهذه المسألة أيضاً تهم (تشاد)، وأعتقد أن الرئيس “ديبي” دعا القبائل الحدودية بين الدولتين، والبداية فقط كانت لـ(الزغاوة)، ولكن حضرت الاجتماعات بقية القبائل التي لها تأثير على أمن الحدود.
} وما هي طبيعة النقاشات التي تم التداول حولها في الملتقى؟
– خلاصة الأمر أن الرئيس “إدريس ديبي” قدم إنذاراً للحركات المسلحة والمليشيات والإرهابيين الذين دخلوا في (دارفور) بأن الحركات المسلحة التي لديها النية للوصول للسلطة في السودان عليها أن تذهب إلى منطقة أخرى، ومن لديه النية منهم للصلح فليجنح مباشرة للصلح، ومن لا ينوي في كلا الخيارين، فإن الدولة السودانية ستحسم أمره، وهذه هي الرسالة الواضحة التي قدمها الرئيس “إدريس ديبي” خلال المؤتمر، والعشائر التي خاطبها جميعهم لديهم أبناء في الحركات المسلحة، وهو قال لهم إن من يريد الصلح من أبنائكم أنا سأسهل له الطريق نحو السلام، وقال لهم من لا يريد الصلح عليه أن يترك (دارفور) ويذهب، والرئيس “إدريس ديبي” قدم خطاباً فيه تهديد واضح للحركات المسلحة بالتحديد.
} كيف يمكنكم تجاوز العقبات التي وقفت أمام تنفيذ الاتفاقيات السابقة في (دارفور) وعلى رأسها قضية الدمج والتسريح باعتبارها قصمت ظهر جميع الاتفاقيات التي وقعت في (دارفور) سابقاً.. هل أنتم متحسبون لذلك؟
– نحن جئنا للسلام ومتوقعين وجاهزين لكل الاحتمالات ومستصحبين معنا كل التجارب الماضية والتي فشل الكثير منها، ولن نصدم إذا حدث أي شيء، ولكن بإرادة الرئيسين “عمر البشير” و”إدريس ديبي” وبإرادتنا نحن كطرف موقع للسلام نستطيع أن نتجاوز الكثير من العقبات ولا يوجد سلام ينزل في نهاية الأمر بنسبة (100%) على الأرض، ولكننا نستطيع أن ننزل الجزء الأكبر إن شاء الله.
} وما هي العقبات التي واجهتكم حتى الآن؟
– الحادثة التي وقعت في (بامينا) جعلتنا نعيد ترتيب الحركة من جديد، لأن القيادة تم تأسيسها من جديد والقديمة إما مات من فيها أو اعتقل، وبعدها طاردنا العدو حتى حدود (كردفان) وعدنا وعقدنا المؤتمر، وذلك أخذ منا وقت كثير جداً، ولا يوجد جدول زمني موجود بسقفه الزمني والآن كلها تجاوزناها.
} بتجاوز الجداول الزمنية.. كيف ستعملون على تنفيذ الاتفاق بدونها؟
– فور حضور رئيس الحركة إلى الخرطوم سنشكل لجاناً على غرار أوراق التفاوض، وأية لجنة يمكن أن تضع تصوراً للجدول الزمني الجديد مع اللجان الموازية من الحكومة، وهذه اتفقنا عليها مع السيد “أمين حسن عمر”.
} والي (شمال دارفور) قال إن الوضع الأمني في ولايته بدأ يتراجع خاصة بعد حادثة (مليط).. وفي (جنوب دارفور) المسألة متحركة.. كيف تقيِّمون الوضع في (دارفور) بعد توقيعكم على الاتفاق في (الدوحة)؟
– الأحداث الفردية في (دارفور) لن تختفي ما لم يكن هنالك تمشيط شامل لأرض (دارفور) كلها، ولكن أعتقد ومنذ توقيعنا على السلام لم يقع أي حادث كبير على أرض (دارفور) إذا استثنينا الحوادث القبلية، ولكن اشتباكات بين الحكومة والمعارضة لم تحدث إطلاقاً حتى الآن، ونحن كان تأثيرنا أكبر على مسرح العمليات ولكننا أوقفنا الحرب، وأعتقد أن تأثير الحدود التشادية والليبية كان أكبر في عملية تمويل الحرب، والآن نحن على ذات الحدود ولا يوجد منفذ للحركات المستمرة في الحرب للدخول لتلك المناطق، وتلقائياً التمويل متوقف والحرب بدأت تنحسر، والآن القوى المسلحة التي لديها قدرة عسكرية هي قوات “مناوي” وبقايا “جبريل إبراهيم” في كردفان، وأعتقد أن قوات “عبد الواحد” موجودة الآن في مناطق جبل مرة ولا تملك القدرة الكافية للمناورة العسكرية، وقوات “مناوي” وصلت بعد الخريف إلى أراضي (دارفور) وتمركزت شرق الجبل و(جنوب (دارفور) ولكنها لم تدخل في عمليات عسكرية كبيرة، والأحداث الفردية لا تحسب وهي انفلاتات عادية.
} بالمقابل الحركات غير الموقعة تقلل من دوركم ومن تأثيركم على الأرض في (دارفور).. وما مدى صحة تلك الاتهامات؟
– الشاعر قال: (أما الرجال فنجحها في فعلها لا في الكلام)، نحن لا نتحدث كثيراً ودعهم هم يتحدثون، وكلامنا بيان بالعمل، والآن هل توجد حرب في (دارفور) بالفعل؟، وهل توجد هزيمة للحكومة وقعت في (دارفور)؟. كل هذه المسائل مرتبطة بالأفعال لا الأقوال، وهم يتحدثون كثيراً وهم بعيدون جداً عن (دارفور) الآن، ونحن منذ الحادثة التي وقعت في شهر مايو وحتى الآن لا يوجد جندي واحد يتبع لـ”جبريل” في (دارفور)، وأخرجناهم بتمشيط كامل والآن هم يعيشون في جنوب السودان ودخلوا إلى (جنوب كردفان) في المناطق حول (الدلنج) و(أبو كرشولا)، والقوة الكبرى في العمليات العسكرية كانت تتبع لحركة (العدل والمساواة)، والآن نحن موجودون في (دارفور) وهم في (كردفان) وليست لديهم ولا عملية في (دارفور)، وحركة “مناوي” لم تدخل في أية عملية عسكرية كبيرة لأن ذلك يتطلب حساب المكان الذي ستعالج فيه الجرحى وتتزود للفاقد من الذخيرة والأسلحة والعربات والوقود من أين؟ تلك المسائل لابد أن توضع في الحسبان قبل الدخول في المعركة، وإذا انهزمت تحسب المكان الذي تلجأ له، كل تلك المسائل محسوبة بدقة لدى الحركات، لذلك الدخول في معارك مع الحكومة في الظرف الحالي دون الرجوع للحسابات الدقيقة، أحياناً يفقد الحركات السيطرة.
} هل أنتم على استعداد للعب دور مختلف بعد توقيعكم على السلام والمساعدة على القضاء على الحركات غير الموقعة أو في تغيير المعطى العسكري في (دارفور)؟
– القضاء على الحركات غير الموقعة مسؤولية الحكومة، لكننا حينما ندخل للقوات المسلحة السودانية في عملية الدمج الكامل حينها نصبح جزءاً من الجيش السوداني وتصبح علينا واجبات كما لنا حقوق، حينها وليس الآن.
} الاتفاق الآن يمضي وسيصل رئيس الحركة بحسب حديثك في الأسبوعين المقبلين؟
– نعم.
} ما هي نظرتكم لـ(دارفور) المستقبل.. وما هي خطتكم في التحول من حركة تحمل السلاح إلى أن تكونوا جزءاً من أجسام الحكومة المختلفة؟
– انحيازنا للسلام فيه قدر كبير جداً من المجهود الفردي المضاد للحكومة والمتوقف، وهذا قطعاً لصالح السلام ولصالح استتباب الأمن، ثم أننا عندما نتحول إلى قوى تشارك في الحكومة ستتغير الموازين، ونفس القوة التي كانت تحارب الحكومة بشراسة ستعمل على تغيير الموازين على الأرض إذا دخلت للحكومة، هذا وارد.
} وهل أنتم على اتصال بالجانب القطري الراعي للاتفاقية لإنزال المشاريع على أرض الواقع؟
– نحن على اتصال دائم بالقطريين، وهم متحمسون بصورة كبيرة لإعادة بناء ما دمرته الحرب في (دارفور)، ولكنهم يريدون السلام، والتزمنا لهم بأن نحمي مشروعات التنمية في المناطق التي نسيطر عليها وسنحمي مشروعات التنمية أيضاً في كل مناطق (دارفور)، ولم ننحاز للسلام إلا لرغبتنا في أن يستتب الأمن في (دارفور) بنا أو بدوننا، وسنعمل بكل قوتنا لتحقيق ذلك.
} هل أنتم على اتصال بغير الموقعين من القادة ورفاق الأمس لإقناعهم بالانضمام للسلام؟
– نحن اتصلنا بجزء من القادة العسكريين على الأرض مرات عدة وجزء منهم استجاب، ولكن حتى الآن لم يسيروا نحو الخطوات التنفيذية، وأعتقد في المرحلة المقبلة سيصل الكثير منهم نحو السلام، وفرص الحرب بدأت تقل ومن الأفضل أن يأتي الإنسان مبكراً حتى لا يفقد الفرصة، وهذه المسألة عسكرياً محسوبة بهذا الشكل.
} وما هي الحسابات التي تقلل من فرص الحرب؟
– الآن نحن نسيطر على شمال (دارفور) وهي كانت منتجع الحركات المسلحة، ومنها يتم التحرك إلى جنوب (دارفور) وغيرها، وفي فترة الاستراحة يتم التحرك شمال ناحية (وادي هور)، وهذه المناطق نسيطر عليها وفيها الاتصال بالحدود التشادية والحدود الليبية، وهي الآن أصبحت خارج الحسابات، وكذلك فرص الحرب تقل نتيجة لعدم وجود الموارد التي كانت تأتي من (تشاد) و(ليبيا) بصفة أكثر، وكان البديل هو دولة جنوب السودان وهي نفسها الآن في اتجاهها للاتفاق مع السودان على الأقل على عدم إيواء المعارضين من الطرفين.
} وإذا تم تنفيذ هذا المشروع فبماذا تحارب الحركات؟
– في ظل عدم وجود التمويل من الجنوب و(تشاد) و(ليبيا)، فإن فرص الحرب ستقل والأفضل التوجه نحو السلام.