إلى تلميذي "ساطع"
“ساطع محمد صالح الحاج” بالنسب لكل الناس هو رئيس الحزب الناصري في السودان، ولكنه لي هو أحد تلاميذي فقد درسته في مدرسة حنتوب الثانوية، وكان في الصف الثاني ولكنه كان يتميز بوعي سياسي يفوق أقرانه، فقد كان يناقشني في كل نقطة نقاش العارف، وكنت قد جئت هذه المدرسة منقولاً من مدرسة الهدى الثانوية.وأذكر أنني في مدرسة الهدى كنت أدرس بجانب التاريخ اللغة الانجليزية، بعد أن سافر أستاذ الانجليزي للسعودية ولم يعد فطلبوا مني ملء الفراغ الذي خلفه، وللوهلة الأولى ترددت لذا عندما نقلوني إلى حنتوب عدت مدرساً للتاريخ فقط، وعملت بعد “حنتوب” في عدة مدارس في تدريس الانجليزية والتاريخ معاً ولازال “ساطع” حتى هذه اللحظة يظن أنني أدرس التاريخ فقط لأني في حنتوب كنت مدرساً لهذه المادة. ومازال يقدمني للناس باعتباري مدرساً للتاريخ، ولا يعرف أنني تحولت للانجليزية حتى صرت رئيس شعبة اللغة الانجليزية في مدرسة الجيلي الثانوية، التي هربت منها للسعودية للعمل في مجال الترجمة بعد اجتياز امتحان فيها، فأرجو تصحيح المعلومة لأن الإخوة في السعودية لا يعرفون عني سوى أنني معلم للغة الانجليزية ومترجم فوري أيضاً من الدرجة الأولى، بل أنني كنت أحرر باللغة الانجليزية نشرة يومية.
رغم أن “ساطع” كان يكثر في جدالي إلا أنه كان مهذباً في مخاطبته لي، ولم يكن في تلك الفترة يبدو عليه أي اهتمام بالسياسة، ويبدو أن قبضة النظام المايوي لم تترك له مساحة للحركة الحرة، كما أنها غرست فيه الفكر الآحادي، بمعنى أنه يؤمن بفكرة ويظل يدافع عنها في استماتة، وكلنا مر بهذه المرحلة. فأنا في يوم من الأيام كنت ناصرياً متعصباً ولا أرضى أي نقد في الزعيم، لكني مع مرور الأيام تغيرت واقتنعت أنه ليست هناك نظرية كاملة، كما أن “عبد الناصر” لم يضع منهجاً للحكم يجب على الناس إتباعه.
مرت سنوات كثيرة قبل أن التقي بتلميذي “ساطع” وذلك بعد حضوري من رحلة اغتراب طويلة في المملكة التي عدت إليها مرة أخرى، والغريب عدت لنفس وظيفتي كمحرر للنشرة اليومية باللغة الانجليزية التي ظللت بها حتى نهاية رحلة اغترابي، ثم انضممت بعدها لصحيفة (الإنقاذ) وبعدها لصحيفة (ألوان).
فوجئت أن “ساطع” قد أصبح رئيساً لحزب سياسي ولو سألني تلميذي لقلت له إن “عبد الناصر” كان فكرة ولم يكن نظرية، وأنك يمكن أن تكون مخلصاً للفكرة دون الانضمام إلى حزب باسمه.. هذا ما علمتني له الأيام فتركت الفكر الناصري خاصة بعد أن خرجت إلى الأضواء قضايا التعذيب والاضطهاد في عصر “عبد الناصر”.. آمل أن يعيد ابني “ساطع” النظر في مسألة التعصب هذه ويعود كما عرفته بشوشاً يحترم الرأي الآخر.
قالوا .. ونقول:
قالوا إن “عبد الناصر” فكرة ومبدأ
ونقول لكنه ليس نظرية في الحكم