المرض .. اذكر الله في الشدة
} هل يوجد إنسانٌ لا يمرض، أو لا يعاني من مرض، أو لا يشكو من ألمٍ أو وعكة، أو عارضٍ صحي يلم به، ويصيبه بلا مقدماتٍ، أو نتيجة أسبابٍ وعوامل،
} كثيرون تصيبهم أمراضٌ شديدة، خطيرةٌ ومميتة، أو دائمةٌ ومستعصية، مما يصعب احتمال ألمها، أو تجنب نتائجها، أو يتعذر الشفاء منها، والخلاص من براثنها،
} كلنا نمرض ونضعف ونشكو من الأوجاع والآلام، ونمر في ساعاتٍ من الوهنِ والانهيار، ترتفع حرارتنا، ويصيبنا صداعٌ شديد، ويتعذر علينا النوم، نتيجة القلق والأرق والسهاد، أو الخوف من المضاعفات، وتوقع القادم الذي قد يكون في الغالب هو الأسوأ.
} في ساعات المرض تخبو أصواتنا، وتشحب ألواننا، ويغيب بريق عيوننا، ويبدو الألم مرسوماً على وجوهنا، ونفقد البسمة، وقد تنحدر من عيوننا دمعاتٌ حرى، يسكبها الألم والضعف والخوف والحرارة العالية،
} في ساعات المرض، كم نحن بحاجةً إلى أن نعيش ضعفنا، ونستذكر حاجتنا، ونعمة قربنا من الله سبحانه وتعالى، وصفائنا معه، وحاجتنا إليه في السراء والضراء، وفي الصحة والمرض، كما في القوة والضعف،
} أقرب ما يكون الإنسان إلى الله وهو مريضٌ ضعيفٌ، فلا يقوى على إنقاده أحدٌ غير الله، ولا يشفيه من مرضه سواه سبحانه وتعالى، ولا يخفف ألمه طبيبٌ ولا دواء، ولا حميةٌ ولا قدرة على الاحتمال، سوى رحمةٌ من الله تتنزل عليه، وتصيبه نفحاتها، فهو وحده القادر على الشفاء، وإعادتنا إلى بيوتنا، وسط اطفالنا وبين أسرنا، سعداء فرحين، نضحك ونلهو، ونلعب ونبتسم، فقد شفانا الله من المرض،
} عند المرض كما عند الضعف والخوف، نتذكر الله سبحانه وتعالى، ونرفع أكفنا إليه ضارعين، نسأله الشفاء والسلامة، ونتوسل إليه طالبين النجاة والأمن، والله سبحانه وتعالى لا يمنع عن مريضٍ علاجاً، ولا يحرم خائفاً من أمنٍ، ولا يحجب عن محتاجٍ حاجته وسؤاله، فلا ييأسن مريضٌ من الدعاء، ولا يستخفن محبٌ باثره على المريض، فالدعاء علاج، والزيارة شفاء، والسؤال تخفيفٌ وتسرية.
} ولا ننسى عند صحتنا، وقد شفانا الله من كل مرضٍ، مرضى آخرين، مازالوا يعانون المرض، ويشكون من الألم، وينامون على أسرة المستشفيات، أو في بيوتهم نتيجة العوز والفاقة، والفقر والحاجة، فلا ننساهم من الدعاء، ولا نغيب عن زيارتهم، ولا نتأخر في مساعدتهم، وتقديم يد العون لهم، فكثيرٌ منهم لا يملك ما يعالج به نفسه، أو يخفف به من آلامه، أو يشتري به دواءه،
شفى الله كل مريض، وعافى كل سقيم، ووقانا الله من كل مرض، وجنبنا كل وجع، وبرأ كل جرح، وجعلنا لبعضنا سنداً، نسهر على سلامةِ أنفسنا، ونكون لبعضنا كما الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.