شهادتي لله

ألقوا السلاح

} دعوة الرئيس التشادي “إدريس دبي” خلال مؤتمر “أم جرس” – الذي انعقد قبل أيام – الموجهة لأبناء قبيلة (الزغاوة) وعموم قبائل دارفور بالتوجه نحو طريق السلام والبناء وتنمية الإقليم، تعتبر رسالة سياسية إيجابية مهمة، تحمل قيمة كبيرة ومردوداً واسعاً، باعتبار أن صاحب الدعوة هو رئيس الدولة المجاورة الأكثر نفوذاً وتأثيراً في دارفور، كما أنه أحد أبناء تلك القبيلة بامتداداتها العميقة من السودان إلى تشاد وليبيا.
} العالم من حولنا يتقدم فراسخ، ويقفز بالزانة، فلا ينبغي أن يعطل أبناء دارفور – من قبائلها المختلفة – مسيرة الاستقرار والسلام، تمهيداً لمشروعات البناء والتنمية.
} لا تنمية بدون سلام واستقرار، فإلى متى تبقى دارفور (رهينة) لأجندة شخصية وطموحات أفراد، لا ينظرون أبعد من أسفل أقدامهم؟!
} تجاوزت معظم الدول في عالمنا الثالث أعراض القبليات والجهويات القديمة، وانطلقت نحو آفاق أرحب، تبحث عن مستقبل زاخر بالأمل، تبني فيه مشروعات النهضة الاقتصادية العملاقة والطفرة التكنولجية الهائلة التي لا تعرف تصنيفات بطون (القبائل) وأفكارها المحدودة، وأحلامها الصغيرة.
} يبنغي أن تُفهم دعوة الرئيس “دبي” في إطار (قومي) يعلو فوق الدوائر القبلية (المغلقة) ومخططات بعض أبنائها مستحيلة المنال.
} صحيح أن دعوة “دبي” تكتسب قيمة إضافية كونه منحدراً من ذات القبيلة التي يتزعم بعض أبنائها معظم الحركات المسلحة المتمردة في دارفور، ولكنه في ذات الوقت رئيس دولة تعيش على أراضيها مئات القبائل والعشائر ومن أعراق مختلفة، وبلغات ولهجات متعددة، وأشكال وألوان متباينة، ورغم ذلك ما زالت “تشاد” تنعم بالأمن والسلام والوحدة والتمازج، وهذا هو المطلوب.. تجاوز القبيلة إلى رحاب الوطن الكبير.
} لقد تطاول (النزيف) في دارفور، فمنذ أكثر من عشر سنوات، والجرح مفتوح على كل البلد، كل المدائن و(الحواكير) والشوارع والبيوت!
} صار التمرد بالسلاح مهنة من لا مهنة له، قطع الطريق وحرق المدارس والمشافي والبنوك، وقتل النفس بالمئات من حادثة لأخرى، النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، يُذبح الناس كالشياه، وتضرم النار في القرى، (لأتفه الأسباب)، كما قال الرئيس “البشير” في دار رئيس السلطة الإقليمية لدارفور الدكتور “التيجاني السيسي” بكافوري، شهر رمضان الفائت.
} عشر سنوات، ولم يصبح “عبد الواحد” حاكماً لإحدى (محليات) دارفور، ولا “مناوي” الذي غادر منصب كبير مساعدي الرئيس بالقصر الجمهوري بدعوى أنه (مهمش)، ليعود ثانية إلى مربع التهميش (الأول) محارباً في البوادي!!
} عشر سنوات خصمت كل (رصيد) دارفور من التنمية والخدمات، فكم ميلاً تخلفت مقارنة بولاية (البحر الأحمر) – مثلاً؟! ومن كان السبب؟ الحكومة وحدها؟! أليست هذه الحركات المسلحة جزءاً من الأزمة ووقود الحريق؟!
} فليعد جميع أبناء دارفور إلى حضن الوطن الصغير والكبير، استعداداً للتعمير والنهضة، ومن بعد ذلك فإن (التغيير بالسياسة) أسهل من (التغيير بالبندقية)، وفي جنوب السودان موعظة وعبرة، فالجيش الشعبي الذي دخل “جوبا” و”ملكال” و”واو” وإلى “أبيي”، لم يكن بمقدوره دخولها بالسلاح (عشرين) عاماً طويلة، بل (خمسين) عاماً منذ اندلاع التمرد الأول في العام 1955، قبيل استقلال السودان!
} تعالوا جميعاً إلى رحاب السياسة وألقوا وراءكم كل السلاح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية